المنامة، البحرين (CNN) -- الزميلجون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

وفي هذا الأسبوع، يكتب جون زاويته حول الاتجار بالبشر في الشرق الأوسط، وخاصة في منطقة الخليج، والجهود المبذولة في مواجهته.

إحدى عاملات المنازل

قبل بضعة أيام، دخل طاقمنا التلفزيوني إلى أحد الشقق الصغيرة في المنامة، متوقعا رؤية مشهد لضحية جديدة من ضحايا استغلال العمالة البشع، إلا أن ما رآه كان أمرا آخر ينفطر له القلب.

فسورايافاثي راو، هي سيدة في الأربعين من عمرها، هربت من منزل كفيلها صباحا حافية القدمين، مرتدية قميص نومها.

فبعد أن كانت راو تعمل لمدة 16 ساعة يوميا لسبعة أيام في الأسبوع، لم تعد تستطيع الاحتمال أكثر، وتقول أيضا أن راتبها الشهري الذي لا يتجاوز 108 دولارات لم يتم دفعه لها منذ ستة أشهر.

وتشتكي راو أيضا من عدم تناولها طعاما صحيا، كما أنها تعيش على مساعدات الجيران، وبعض العمال الذين جمعوا ما يمكنهم جمعه لمساعدتها.

واليوم، وبعد فرارها من منزل كفيلها، أصبحت راو هاربة من دون أي حقوق، فجواز سفرها لدى كفيلها.

وإذا ما استطاعت راو استرجاع جواز سفرها، وشراء تذكرة للعودة إلى الهند، فإن الحال في وطنها لن يكون أفضل، فقد فشلت راو فشلا ذريعا في إرسال النقود إلى عائلتها لقاء الخدمة في البحرين.

إذا، هذه قصة بسيطة حول حياة عاملي المنزل، وقضية تجارة البشر في هذا العالم المعقد. وفي الواقع، فإنه لم يتم الاتجار بشخص مثل راو، فقد كان لديها كفيل، ووكالة دفعت لها مبلغ 1100 دولار للعودة إلى بلادها.

إلا أن ما لم تتوقعه راو هو معاملة العبيد التي لقيتها في منزل كفيلها.

وليس هناك أصعب من التفكير في شيء كالاتجار بالبشر، وأنا نفسي تعرفت إلى هذه القضية عبر لقاء أجريته مع السيدة الأولى في مصر سوزان مبارك، التي تحدثت حول قضايا متصلة بالموضوع كخطف الأطفال، والمتاجرة بالأعضاء البشرية.

ولعل المشكلة الأكبر في الخليج تتمثل بمعاملة عاملي المنازل وعمال الإنشاءات معاملة سيئة للغاية، فهناك نحو 250 ألف حالة استغلال بشري وفقا للأمم المتحدة.

ومؤخرا، استضافت البحرين مؤتمرا حول هذا الموضوع، في محاولة لإزالة مسؤولية ربما تكون ثقيلة عن كاهلها، وبالنظر إلى المؤتمر نرى أن المحاولات، والبنية، والتكنولوجيا مذهلة في البحرين، فآثار هذه القضية كما يقول المسؤلون هناك كبيرة جدا.

ولعل القلق الأكبر حاليا هو أن يصبح هذا الموضوع موضوعا ثانويا لاسيما وأن العالم يمر بأزمة مالية خانقة، فمعظم المؤسسات تركز حاليا على جني أكبر قدر من الأرباح بأي طريقة كانت.

ولعلنا يجب أن نعترف أن مسؤولية الحكومة البحرينية بهذا الصدد ليست بسيطة على الإطلاق، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواجهة عصابات منظمة في هذا المجال، والتي لا تجني الأرباح فقط، ولكنها أيضا لم تحاسب حسابا عسيرا حتى اليوم على ما اقترفته أيديها.