الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.
وفي هذا الأسبوع، يكتب جون زاويته حول خفايا الجولة الثالثة لقمة مجموعة العشرين!
ليس سهلاً أن يجتمع عشرين من قادة العالم، ويغنون النشيد نفسه، ويتفقون على بيان واحد احتلّ عناوين الصحف لوقتٍ طويل.. لكنّه سقط فيما يتعلّق بالخطوات الملموسة.
كانت تلك نتيجة الجولة الثانية للقاء مجموعة العشرين في لندن.
لا شكّ أنّها الأزمة الأسوأ التي يشهدها العالم خلال سبعة عقود، لذا يجدر بنا أن نعتبر الطريق إلى الانتعاش أشبه ببطولة للملاكمة مؤلفة من 15 جولة.
لقد أجرينا، في CNN، نقاشاً هادفاً خلف الكواليس حول القيمة الفعلية لهذه الأزمة، فهل تبلغ قيمتها 750 مليار دولار أو نصف تريليون دولار بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي.
مهلاً لحظة.. كيف نصل إلى 1.1 تريليون دولار؟
في الواقع، تمّ فصل 250 مليار من المبلغ الإجمالي للقروض التجارية، و100 مليار أخرى للبلدان النامية. إلاّ أنّ الشيطان يكمن في التفاصيل. فكيف سنصل إلى تلك الأموال؟ ومن سيوفّر رأس المال الجديد لتحقيق ذلك؟
تلك أسئلة مهمة لم يتمّ طرحها في لندن، إنما تنتظر الجولة الثالثة في واشنطن، خلال الاجتماعات الربيعية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لتنتقل إلى المرحلة التي ستلي ذلك.
وبما أنّ المجتمع المالي بشكل عام (بما فيه الصحفيين المتخصصين بالشؤؤون المالية) يتبع عملية مجموعة السبعة السابقة، تحوّل عدد قليل جداً إلى الأصوات الصاعدة في اقتصاد القرن الواحد والعشرين، لاسيما الصين، والسعودية، وروسيا، وهي بلدان الفائض الجديدة.
وخلال التداولات، تحدثت على الهاتف مع مصرفي سعودي كان ينتظر اتصالاُ من الوفد في لندن ليعرف البنود التي ستتمّ مناقشتها.
وقال لي إنّه لم يُطلب من المملكة السعودية أن تقدّم المزيد من الأموال. وهو الأمر الذي تكثر التأوليات حوله.
أولاً وقبل كلّ شيء، لعلّ الصين والسعودية تشعران بأنّهما قدّمتا أكثر من حصتهما، وفي النهاية فّهما قدرتين شرائيتين كبيرتين، تحملان سندات خزينة أمريكية.
وشأنهما شأن اليابانيين، الذين خصّصوا 100 مليار دولار لصندوق النقد الدولي، كان بإمكان بيجينغ والرياض أن يفعلا الأمر نفسه، لكن يبدو جليّاً الآن بعد هدوء الوضع، أنّهما لم تكونا مقتنعتين بذلك.
أين وصلنا إذاً في هذه العملية؟
قبيل اجتماع مجموعة العشرين، قابلت العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي، السيد جون ليبسكي في فيينا.
وخلال حديثه في مؤتمر الدول المصدّرة للبترول OPEC ، واعترافه بالتحفيز الواسع الذي أمنه سعر النفط الذي بلغ 45 دولاراً، عبّر عن قلقه من تراجع التحفيز عام 2010. فقد أنفقت بلدان مجموعة العشرين مجتمعةً حوالي 1.8 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي في محاولة منها لإنعاش الاقتصاد، ويُعتبر ذلك رقماً قياسياً، بحسب ليبسكي.
وما لا يوضحه البيان النهائي الذي صدر عن قمّة لندن، هو ما سيحصل العام المقبل.
لقد أوضحت المستشارة الألمانية انغيلا ميركيل، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ، أنّهما لن يقدّما المزيد من الأموال، ويرغبان في الانتقال إلى سياسة اتفاق للأنظمة المالية العالمية.
واتفق الجميع على أنّ الحاجة ماسة إلى أنظمة جديدة إلاّ أنّه بم يتم تحديد طريقة التوصّل إليها.
إذاً هذه هي المسألة الكبرى الثانية التي سيتمّ طرحها خلال الجولة الثالثة في واشنطن.
وإن كان من مسالة ثالثة تطرح خلال الجولة الثالثة، فهي مصير جولة الدوحة التطويرية.
فخلال وجوده في بروكسل لجمع بعض الدعم للجهود التي يبذلها، تحدّث المدير العام لمنظمة التجارة العالمية، السيّد باسكال لامي عن الحاجة إلى درء الإجراءات الحمائية ضمن القواعد الحالية للمنظمة، التي يقع مقرّها في جنيف، وتقديم بعض من "السماء الصافية" للبلدان النامية، التي لا يمكنها أن تتمادى وتنفق الكثير من الأموال.
ذكر البيان وجوب تغطية الأسواق المالية، علماً أنّ فكرة الحواجز التجارية تصيب المستثمرين بالتوتّر، لكنّ القادة افتقدوا إلى الإجابات الملموسة أو الجدول الزمني النهائي للانتهاء من جولة الدوحة.
وما اتُّفق عليه، بحسب لامي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، كان لعبة "الاسم والعار".
ستتعرّف منظمة التجارة العالمية على من ينصبون الحواجز للتجارة الحرّة، وسيُطلب منهم، بكلّ تهذيب، أن ينتبهوا إلى الخطوات التي يتّخذونها.
ويتوجّب على السيد لامي الكثير من العمل، بما أنّ البنك الدولي عرّف عن 17 من مجموعة العشرين كهجوميين جداً بمطالبهم التجارية، ضمن إطار العمل الذي تعتمده منظمة التجارة العالمية حالياً.
ولا شكّ أنّ العوائق ما زالت كثيرة ومقلقة. وتتوقّع منظمة التعاون والتطوير الاقتصادي، ومقرّها باريس، أنّ البلدان الصناعية ستتراجع بنسبة 4.3 بالمائة، وهو رقم قياسي.
وتقول منظمة التجارة الدولية إن التجارة بدأت بالتراجع بنسبة 9 بالمائة. وتلك هي الأرقام التي تتألف منها القصّة الحقيقية، المحتمل أن تتألّق من خلال الصور التذكارية، والرئيس الأمريكي الجديد، والرقم الضخم الذي يتصدّر العناوين، وهو تريليون دولار.. غير أنّ هذه المعركة ضدّ الركود العالمي ستزيد صعوبةً في الجولات التالية.
ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.
الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.