CNN CNN

دفتريوس: ماذا يحدث بإيران؟.. إنه الاقتصاد أيها الغبي

الخميس ، 07 شباط/فبراير 2013، آخر تحديث 15:12 (GMT+0400)
أحداث إيران لها أبعادها الاقتصادية
أحداث إيران لها أبعادها الاقتصادية

الزميل جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN"، يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته أسبوعياً، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

تدخل إيران هذه الأيام منعطفاً حاداً، لا يشكل الاقتصاد ركناً أساسياً فيه، بل الهموم السياسية الناجمة عن تبعات الانتخابات الرئاسية، إذ يرى البعض أن ما يحدث اليوم يجعل مستقبل هذه الجمهورية الفتية على المحك.

لكن يجب على الجميع أن يدرك بأن العبارة التي أطلقها الخبير السياسي الأمريكي، جيمس كارفيل، عام 1992 في عهد الرئيس السابق، بيل كلينتون، وهي "إنه الاقتصاد أيها الغبي" تنطبق على الوضع في إيران.

ويمكن القول أن ما يحدث ناجم عن سوء إدارة ثروات البلاد الضخمة ومواردها الطبيعية في ظل العزلة التي تعيشها حالياً بسبب إصرارها على السير قدماً بالملف النووي.

فوفقاً لتقديرات منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك،" تتمتع إيران بثاني أكبر احتياطي مؤكد من النفط والغاز في العالم، وهذا ما يضعها في مقدمة دول العالم على صعيد الطاقة، وتقول طهران رسمياً إنها تنتج 4.2 مليون برميل من النفط يومياً، وإن كانت تقديرات الخبراء تقول إن إنتاجها لا يتجاوز 3.7 ملايين برميل.

أما أسباب هذا النقص فهي واضحة للغاية، وتتمثل في العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، والتي عزلتها ومنعت عنها تطوير قدراتها الإنتاجية، كما أبعدت عنها رؤوس الأموال والخبرات التكنولوجية الغربية.

ويمكن في هذا السياق النظر إلى تجربة شركة "توتال" الفرنسية في حقل "جنوبي فارس" الذي يعتبر أكبر حقول الغاز في العالم، فقد أنهت الشركة أواخر العام الماضي العمل على المرحلتين الثانية والثالثة منه، بينما ظلت المفاوضات جارية دون نتيجة حول المراحل الأخرى لسنوات قبل أن تقوم طهران بمفاجأة الجميع بتوقيع عقد حول المشروع نفسه مع الشركة الوطنية الصينية للنفط.

لكن اندفاع الصين إلى قطاع الطاقة الإيراني لا يحل مشاكل ذلك البلد، لأن الشركات النفطية العالمية لديها التكنولوجيا والخبرة التي تحتاجها طهران بشدة، والتي يقول المحلل النفطي، مهدي فارزي، إنها ستساعد على رفع الإنتاج اليومي الإيراني إلى ستة ملايين برميل يومياً.

أما بالنسبة للغاز الطبيعي، فيمكن لإيران أن تصبح لاعباً كبيراً على هذا الصعيد إذا ما بنت شراكات مع جهات دولية مناسبة، بما يسمح لها تحقيق نمو يصل إلى ثمانية في المائة سنوياً في هذا القطاع، على غرار جارتها قطر.

ورغم أن إيران حققت نسبة نمو جيدة في السنوات الخمس الماضية، عند مستوى 5.7 في المائة، فإن هذه الوتيرة تبقى غير كافية في دولة نامية، خاصة وأن أكثر من مليوني إيراني يدخلون سوق العمل سنوياً للبحث عن وظائف ومتطلبات حياتية أخرى.

ويلاحظ هنا أن حكومة الرئيس أحمدي نجاد، الذي شن أعنف هجوم على الرأسمالية وقوى "العولمة الغربية" أنها تصرفت بأسلوب رأسمالي بحت، فخلال الأعوام القليلة الماضية قامت بخصخصة عدة قطاعات أساسية، منها استخراج النحاس والاتصالات، وسيتم تحرير قطاع المصارف هذه السنة.

لكن الحكومة بشكل عام ما تزال تتحكم بما يقارب ثلاثة أرباع الاقتصاد، وإدراكاً منها لمخاطر ذلك، فقد قامت طهران بسن قوانين تتطلب نقل 80 في المائة من الاقتصاد إلى يدي القطاع الخاص بحلول العقد المقبل.

وتكمن المشكلة التي تواجهها القيادة الإيرانية في حقيقة أن التغييرات باتت خارج السيطرة الآن، لأن إيران تطلبت الكثير من الوقت للانفتاح، بالتزامن مع تشديد العقوبات الأمريكية ضدها، ما جعل معظم الشركات التي كانت على استعداد للدخول في تلك السوق تتريث خشية إثارة غضب واشنطن.

وقد سبق للرئيس الأمريكي الحالي، باراك أوباما، أن عرض "غصن الزيتون" على طهران، وخلال خطابه في القاهرة، تحدث أوباما عن "اعتماد المنطقة المفرط على الموارد الأولية المستخرجة من باطن الأرض" في إشارة إلى النفط، داعياً دولها إلى إجراء إصلاحات تعتمد على الفوائض المالية الموجودة فيها.

لكن مشكلة الوضع الإيراني تكمن في أن طهران وضعت ميزانيتها على أساس أسعار مرتفعة للنفط، وبالتالي فهي لا تمتلك الكثير من الفوائض المالية التي يمكن أن تستثمرها مستقبلاً، ما يزيد من الضغوطات السياسية.

وبصورة عامة، فإن أي سوق في العالم، على غرار السوق الإيرانية، التي تتمتع بموارد هئلة وتضم 70 مليون مستهلك ستثير شهية المستثمرين، لكن هؤلاء لا يشعرون بذلك حيال إيران اليوم.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.