1700 (GMT+04:00) - 08/03/09

حماس سبب انتخابات إسرائيل في عامي 2006 و2009

أعد التقرير: مصطفى العرب

الجيش لسنوات في حالة تأهب في إسرائيل

الجيش لسنوات في حالة تأهب في إسرائيل

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- كان للانتخابات البرلمانية التي شهدتها إسرائيل عام 2006 دور كبير في تحديد مجرى الأحداث التي قادت إلى حصول الانتخابات المبكرة عام 2009.

فبصرف النظر عن السبب المباشر لأزمة الحكومة الإسرائيلية، مع فضائح الفساد التي طالت رئيسها، فإن مجلس الوزراء كان يعتمد - في غالبية الأحيان - على أكثرية ضئيلة، بسبب طبيعة توزيع المقاعد.

فقد جرت انتخابات عام 2006 على وقع انتصار حركة حماس في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية، التي جرت في يناير/ كانون الثاني من ذلك العام، ودخول رئيس الحكومة الإسرائيلي السابق، آرييل شارون، مؤسس حزب كاديما، في غيبوبة، لم يخرج منها حتى الساعة، جراء جلطة دماغية.

وجاءت الدعوة إلى انتخابات ذلك العام بتوافق بين شارون، وزعيم حزب العمل آنذاك، عمير بيرتس، حيث كان (شارون) يرغب في حسم الخلاف مع حزبه الأساسي، الليكود، وتشكيل حزب جديد يتمكن من خلاله تنفيذ سياساته، خاصة حيال الملف الفلسطيني.

وهكذا، أنشق شارون قبل مرضه عن حزب الليكود، الذي شارك في تأسيسه، ليشكل حزب "كاديما"، التي تعني بالعبرية "إلى الأمام"، وانضم إليه عدد من أعضاء حزبه القديم بعد أن قدموا استقالتهم، ومن بينهم عدد من الوزراء؛ إضافة إلى عدد من أعضاء الأحزاب الأخرى، لعل أبرزهم، شمعون بيريز، الذي خسر زعامة حزب العمل أمام بيرتس، ذو الأصول الشرقية.

توزيع المقاعد بعد انتخابات 2006:

وأسفرت العملية الانتخابية عن فوز كبير لكاديما، وإن كانت النتائج أدنى مما توقع البعض، مع فوز جيد لحزب العمل، مقابل هزيمة ساحقة لحزب الليكود.

فقد نال كاديما 29 نائباً، مقابل 20 للعمل، في حين اقتصرت حصة الليكود على 12 مقعداً، وتقدم حزب شاس ليحصل على 12 مقعداً، مقابل 11 لإسرائيل بيتنا، ونال حزب "جيل" الذي يمثل المتقاعدين ستة نواب بموازاة حصول "ميرتس" على خمسة نواب.

وتوزعت سائر المقاعد بواقع أربعة لـ"أغودات يسرائيل" وخمسة المفدال، ومقعدين لكل من: البلاد المجتمع واليهودية (أحي)، وديغل هتوراة، ومولديت، ومقعد واحد لكل من "الطريق السليم" و"ميماد".

أما الأحزاب العربية، فقد نالت 10 مقاعد بواقع ثلاثة للتجمع الوطني الديمقراطي، وأربعة للقائمة العربية الموحدة الحركة العربية للتغيير، وثلاثة للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.


العملية الانتخابية:

ومن المفترض قانوناً أن تجري الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية مرة كل أربعة أعوام، بحيث تكون انتخابات وطنية عامة ومباشرة وسرية ومتساوية، وفق التمثيل النسبي لمقاعد الكنيست، البالغ عددها 120 مقعداً، بحيث تعتبر إسرائيل كلها دائرة انتخابية واحدة، ويشارك فيها كل إسرائيلي بلغ الثامنة عشرة من عمره.

وتنشر نتائج الانتخابات بعد ثمانية أيام من إجرائها، فيما تنعقد أولى جلسات البرلمان الإسرائيلي بعد نحو أسبوعين، ومن ثم يتم اختيار رئيس الكنيست ونوابه.

بعد انتخاب أعضاء الكنيست، يكلف رئيس الدولة، وبعد التشاور مع ممثلي الأحزاب المنتخبة، أحد الأعضاء بمهمة تشكيل الحكومة، وعادة ما يكون زعيم الحزب الأكثر تمثيلاً في الكنيست، أو رئيس حزب يقود ائتلافاً من أكثر من 60 عضواً، حيث تحتاج الحكومة إلى ثقة 61 عضواً على الأقل لتأدية وظيفتها.

بعد تكليف العضو بتشكيل الحكومة، يمنح مهلة 28 يوماً لتشكيلها، مع جواز تمديدها 14 يوماً أخرى، فإذا انتهت دون تمكنه من تشكيل حكومة، يكلف رئيس الدولة عضوا آخر لتشكيلها.

أولمرت يترأس الحكومة:

بعد انتخابات مارس/آذار 2006، التي جعلت حزب كاديما صاحب أكبر كتلة نيابية، كُلف أولمرت، في غياب شارون، تشكيل الحكومة الجديدة. فقاد أولمرت ائتلافاً يضم كاديما والعمل وشاس وجيل (المتقاعدون)، وحظي بدعم 67 نائباً من أصل 120.

وفي نوفمبر/تشرين الأول 2006، انضم حزب "إسرائيل بيتنا" إلى الحكومة، ليرتفع الدعم الذي تناله في البرلمان إلى 78 مقعداً، غير أن الحزب عاد لينسحب من الحكومة مطلع 2008، احتجاجاً على المفاوضات التي قرر أولمرت الدخول فيها مع السلطة الوطنية الفلسطينية.

بداية أفول نجم أولمرت:

رغم الصعود السريع لنجم أولمرت في الحياة السياسية الإسرائيلية، مع الدفعة التي حصل عليها بعد الانتخابات، إلا أن ولايته واجهت مفترقاً خطيراً في 12 يوليو/تموز 2006، عندما اختطف حزب الله اثنين من جنود الجيش الإسرائيلي لمبادلتهم بأسراه، الأمر الذي أشعل فتيل معارك طاحنة استمرت 33 يوماً.

ولكن المواجهات شهدت إخفاقات عسكرية وسياسية كبيرة لتل أبيب، حيث فشلت مساعي أولمرت للقضاء على البنية التحتية لحزب الله، الذي استمرت صواريخه تنهار على إسرائيل طوال فترة النزاع. كما واجهت البحرية الإسرائيلية وسلاح المدرعات أسلحة لم تتوقع الاستخبارات أن تكون بحوزة الحزب اللبناني.

وبعد صمت المدافع بموجب القرار 1701، تشكلت في إسرائيل لجنة للتحقيق في مجريات الحرب، برئاسة القاضي إلياهو فينوغراد، الذي أصدر بعد أشهر تقريراً حمّل فيه القيادة السياسية والعسكرية مسؤولية الإخفاقات، فتزايدت الانتقادات من اليمين واليسار ضد أولمرت، وركز خصومه على أنه رئيس الوزراء الوحيد في تاريخ إسرائيل الذي ليس لديه تاريخ عسكري مجلي.

وتراجعت عقب التقرير شعبية أولمرت إلى مستوياته غير مسبوقة بتاريخ السياسة الإسرائيلية، وابرزها ما جاء في استطلاع جرى بمايو/أيار 2007، إذ لم تتجاوز نسبة تأييده حاجز ثلاثة في المائة، وانهالت عليه الدعوات للاستقالة.

ولكن الدعم جاء لأولمرت عن طريق أيهود باراك، الذي فاز في يونيو/حزيران 2007 بزعامة حزب العمل، والذي أراد دعمه (أولمرت) في منصبه خشية الذهاب إلى انتخابات مبكرة يكون لزعيم الليكود، بنيامين نتنياهو، الأفضلية فيها، بحسب اتجاه استطلاعات الرأي.

وحظي أولمرت بعد ذلك بدعم دولي عقب مؤتمر أنابوليس، الذي استضافته واشنطن نهاية 2007، حيث جرى الاتفاق على العمل لإقرار اتفاق سلام مع الفلسطينيين خلال عام واحد، ولكن هذا الدعم أفقده تأييد كتلة حزب "إسرائيل بيتنا"، التي انسحبت من الحكومة لرفضها المفاوضات، مما أعاد الغالبية الداعمة للحكومة إلى 67 نائباً.

فضائح الفساد تنهي عهد أولمرت:

ورغم صمود أولمرت في رئاسة الحكومة بوجه التيارات المعارضة التراجع الكبير في شعبيته، غير أن الضربة الأقوى التي تعرض لها تمثلت في إطلاق الشرطة سلسة تحقيقات بحقه على خلفية قضايا فساد تتعلق بتقاضيه لرشى وأموال بصورة غير مشروعة خلال توليه رئاسة بلدية القدس ومناصب حكومية أخرى.

وتطورت التحقيقات إلى حد مداهمة الشرطة لعدد من المقار الحكومية والمكاتب الوزارية، والاستماع لأقوال أولمرت الذي أصّر على براءته، غير أن تقدم القضية، وتحولها إلى فضيحة سياسية تكبر ككرة ثلج، قد تهدد حزب كاديما بأكمله دفع وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، ثاني أبرز شخصية في الحزب، ووزير الدفاع، إيهود باراك، إلى دعوة أولمرت تلميحاً وتصريحاً للاستقالة.

ووصل الأمر إلى حد دعوة حزب العمل البرلمان لعقد جلسة للنظر في حل الكنيست، غير أن الدعوة ألغيت بعد التوصل لاتفاق بين القوى السياسية يبقي أولمرت بمنصبه حتى موعد إجراء انتخابات داخلية لاختيار زعيم جديد لكاديما في سبتمبر/أيلول 2008، ليعلن أولمرت بعد ذلك أنه لن يترشح لرئاسة الحزب مجدداً.

ليفني تلتقط كرة نار الأزمة:

وفي 17 سبتمبر/أيلول 2008، فازت ليفني بزعامة حزب كاديما، بفارق ضئيل عن وزير النقل شاؤول موفاز، لم يتجاوز 431 صوتا فقط، ما جعل الجميع يعتقد أن إسرائيل ستحظى بأول رئيسة وزراء فيها منذ 35 عاما.

وفي 21 سبتمبر/أيلول 2008، تقدم أولمرت باستقالته الرسمية من رئاسة الحكومة، وبعد يوم من ذلك، قام الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، بتكليف ليفني تشكيل حكومة جديدة.

ولكن ليفني عجزت، وبعد أسابيع من المفاوضات، عن تشكيل ائتلاف كفيل بالحصول على دعم غالبية النواب في الكنيست، بعد رفض حزب "شاس" الانضمام إلى الحكومة، بسبب إصراره على التشدد بملف القدس، إلى جانب فشلها بجذب حزب "ميرتس"، مما تركها مدعومة من أقلية برلمانية، لا تتجاوز 48 نائباً.

advertisement

وأبلغت ليفني بيريز في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2008، بالأفق المسدود الذي اعترض مسيرة تشكيل الحكومة الجديدة، وقالت إثر لقائها به: "كنت مستعدة لدفع سعر مقابل تشكيل الحكومة، إلا أنني لم أكن مستعدة لرهن مستقبل إسرائيل السياسي والاقتصادي." وعندها، قام بيريز في اليوم التالي بفتح الطريق أمام إجراء انتخابات مبكرة، مبلغا الكنيست فشل تشكيل حكومة جديدة.

وأبلغ بيريز قراره للكنيست بعد أن اجتمع بزعماء الكتل السياسية الممثلة في البرلمان الإسرائيلي، حيث توجه للمجتمعين بالقول: "في الأيام القليلة المقبلة، ستدخل إسرائيل حملة انتخابية حاسمة.. هذه فترة مهمة جدا سنواجهها، حيث يتعين علينا اختيار ممثلي الشعب المنتخبين."

© 2010 Cable News Network LP, LLLP. A Time Warner Company. All Rights Reserved.