/الشرق الأوسط
 
0903 (GMT+04:00) - 07/09/09

تأجيل قضية صحفية سودانية رفضت الجلد لارتداء "بنطلون"

الصحفية لبنى الحسين ترفض الحصانة الدولية

الصحفية لبنى الحسين ترفض الحصانة الدولية

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أرجأت محكمة الخرطوم الثلاثاء البت في قضية الصحفية السودانية لبنى أحمد الحسين، المتهمة بارتداء ملابس "غير محتشمة" - بنطلون - إلى الشهر المقبل.

وقال شاهد عيان لـCNN بالعربية إن المحاكمة شهدت تجمع حشود غفيرة لمؤازرة الصحفية وحمل بعضهم لافتات كتب فيها "لا لقهر النساء."

وتواجه حسين عقوبة تصل إلى 40 جلدة تحت المادة 152 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 بتهمة ارتداء ملابس تسبب مضايقة للشعور العام لارتدائها البنطلون.

واستبقت الصحفية المحاكمة بالتأكيد على أنها متحسبة لكافة القرارات التي تتخذ ضدها، مؤكدة بأنها لا تسعى لبرأتها بقدر سعيها إلى تغير المواد غير الدستورية في القانون، التي لا تتفق مع الدستور واتفاق السلام ومواثيق حقوق الإنسان، وحتى الشريعة الإسلامية.

وقالت مها زين العابدين، الناشطة الحقوقية لـCNN بالعربية إن قانون النظام العام مخالف للدستور ويستهدف في الغالب النساء ويعرضهن لانتهاكات كثيرة، كما أنهن لا يخضعن لمحاكمات عادلة.

وأوضحت زين العابدين إن المادة 152 فضفاضة دون تحديد معايير لما هو الزي الفاضح أو الخادش للشعور العام، فضلاً عن أن  في البلاد مجموعات مختلفة دينياً وثقافياً كما أن ذلك لا يتفق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.

وشددت على أن تنفيذ عقوبة الجلد التى تنص عليها المادة 152 من القانون الجنائي السوداني أو الغرامة أو السجن على النساء في تهم الزي  عقوبة غير عادلة ولا تتماشى مع الحقوق الأساسية للمواطن.

ومازالت CNN بالعربية في إنتظار رد رسمي تقدمت به للسلطات السودانية حيال القضية.

وكانت الحسين، شددت في تصريحات لـCNN بالعربية الخميس الماضي، على رفضها الاستفادة من الحصانة الدولية، كموظفة بالأمم المتحدة، لتجنب معاقبتها بالجلد، بسبب ارتدائها "بنطلون"، مؤكدة أن ملابسها "محتشمة" وترتديها الآلاف غيرها.

وقالت الصحفية السودانية إنها اختارت أن تتخلى عن الحصانة التي تتمتع بها كونها موظفة بالمكتب الإعلامي التابع لبعثة الأمم المتحدة في الخرطوم، بعدما منحها القاضي الخيار في الاحتفاظ بحصانتها أو التخلي عنها، معربة عن رغبتها في أن تجري محاكمتها كمواطنة عادية، بهدف "إظهار ما تعانيه المرأة في السودان."

كما أبدت رغبتها في أن يتم توقيع عقوبة الجلد عليها، في حالة إدانتها، علناً، مشيرة إلى أنها أرسلت آلاف الدعوات إلى نشطاء دوليين وسودانيين لحضور محاكمتها، في خطوة تهدف إلى الضغط على حكومة الخرطوم لتجميد العمل بالمادة 152 من قانون العقوبات، التي تجري المحاكمة بموجبها.

وفيما اعتبرت لبنى أن هذه المادة، التي تقضي بجلد النساء، تخالف الدستور وتتجاوز الحريات، ومن شأنها تكريس العقوبة على فتيات أخريات"، فقد وصف محاميها نبيل أديب المادة نفسها بأنها "ليست لها أهمية، بل مخزية ومثيرة للخجل، كما أنها تتضمن كثير من الانتهاكات"، داعياً السلطات السودانية إلى ضرورة وقف العمل بها.

وخلال الجلسة الأولى التي عقدتها المحكمة الأربعاء، حضرت لبنى مرتدية نفس الملابس التي ضبطتها الشرطة بها، وهي عبارة عن بنطلون فضفاض، ووشاح تقليدي يخفي معظم ملابسها، وأكدت أنها غير مذنبة، معتبرةً أن ملابسها لائقة، وترتدينها الآلاف غيرها، كما أنها ترفض معاقبتها بالجلد.

وقالت في تصريحاتها لـCNN بالعربية عبر الهاتف من الخرطوم، إنها حضرت جلسة المحكمة برفقة محامي الدفاع الخاص بها، ومحامي آخر يتبع لبعثة الأمم المتحدة، والذي طالب المحكمة بتفعيل الاتفاق الموقع بين الحكومة السودانية والأمم المتحدة، والذي يقضي بعدم محاكمة الموظفين الأممين إلا بعد إجراءات معينة.

وذكرت أن المحكمة خيرتها بين الاحتفاظ بحصانتها أو التخلي عنها عبر الاستقالة من الأمم المتحدة، إلا أنها اختارت أن تواصل عملها دون حصانة، كما أكدت أنها ستعود إلى العمل بشكل فاعل في مهنة الصحافة، وعبرت عن امتنانها للمنظمات التي ساندتها، قائلة إنها لمست "دعماً شعبيا فاق التوقعات."

وكان رئيس المحكمة قد قرر تأجيل نظر القضية إلى الرابع من أغسطس/ آب بعدما طعن ممثل الإدعاء في طلب قدمه محامي بعثة الأمم المتحدة، بدعوى أن "المتهمة" عندما تم إلقاء القبض عليها لم تفيد بأنها تعمل لدى المنظمة الدولية، كما أنها لم تقدم بطاقة رسمية تفيد بذلك.

وكانت الشرطة السودانية قد ألقت القبض على لبنى الحسين مع 12 فتاة أخرى، منهن مسيحيات من جنوب السودان، في الثالث من يوليو/ تموز الجاري، أثناء حفل عام، تطبيقاً لمادة في القانون تعتبر "ارتداء ملابس مخالفة للنظام العام والآداب، موجباً للجلد."

ولكن لبنى، التي عادت إلى منزلها بالخرطوم بعد جلسة المحاكمة، قالت لـCNN في وقت سابق الأربعاء، إن السلطات أطلقت سراح ست فتيات، بينما تم جلد عشر أخريات، بـ40 جلدة، فيما رفضت هي واثنتان أخرتان تلك الاتهامات، وطلبن محامين وإحالة القضية إلى المحكمة.

من جانبه، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه إزاء ما تتعرض له الصحفية السودانية، وقال إنه ملتزم باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية الموظفة بالمنظمة الدولية ومنع تعرضها للخطر، معتبراً أن عقوبة الجلد "ضد المعايير الدولية لحقوق الإنسان."

advertisement

ويجرى تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في شمال السودان، بينما جرى إعفاء الجنوب، الذي تقطنه أغلبية مسيحية أو وثنية، من هذه الأحكام، وفقاً لاتفاقية السلام الموقعة عام 2005، التي أنهت حرباً أهلية دامت عقوداً بين الشمال والجنوب.

وكانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قد أعربت عن قلقها تجاه قرار إحالة الصحفية لبنى الحسين للمحاكمة بتهمة "ارتداء ملابس تخدش الحياء والذوق"، معتبرة أن قانون النظام العام هناك شرع لـ"اضطهاد وإذلال وتقييد حرية المرأة، ومنعها من المشاركة في الحياة العامة بطريقة تكشف عن ذهن بوليسي."

© 2010 Cable News Network LP, LLLP. A Time Warner Company. All Rights Reserved.