CNN CNN

مصر: شكوك تحيط بالانتخابات وشرعية "العسكري"

الثلاثاء، 20 كانون الأول/ديسمبر 2011، آخر تحديث 23:00 (GMT+0400)

القاهرة، مصر (CNN)-- ألقت الأحداث الدامية التي تشهدها مختلف المدن المصرية، منذ مطلع هذا الأسبوع، بمزيد من الغموض حول مصير الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها قبل أقل من أسبوع، كما ألقت بـ"شكوك" في "شرعية" المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في أعقاب مصادمات مع المتظاهرين في ميدان التحرير، والتي خلفت عشرات القتلى ومئات الجرحى.

واعتبر سياسيون وناشطون مصريون، تحدثوا لـCNN بالعربية، أن شرعية المجلس العسكري، الذي يدير شؤون البلاد منذ تنحي الرئيس السابق، حسني مبارك، في 11 فبراير/ شباط الماضي، سقطت بعد اقتحام قوات الأمن ميدان التحرير، وذكروا أن المجلس كان يستمد شرعيته من كونه "حامي الثورة، ولا يوجه سلاحه إلى المواطنين."

وقبل قليل من إعلان الحكومة الانتقالية، برئاسة عصام شرف، تقديم استقالتها الاثنين، طالبت بعض القوى السياسية بتشكيل ما أسمتها "حكومة إنقاذ وطني"، كما دعت إلى إجراء الانتخابات التشريعية لمجلسي الشعب والشورى في موعدها، تتبعها الانتخابات الرئاسية، على أن يتم تسليم السلطة إلى "حكومة مدنية منتخبة"، في موعد أقصاه أبريل/ نيسان المقبل.

وتطورت الأحداث بشكل دراماتيكي في مصر، اعتباراً من 19 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بعد محاولة عدد من مصابي الثورة الاعتصام مرة أخرى بميدان التحرير، بعد يوم من مليونية "المطلب الوحيد"، التي نظمتها عدد من القوي السياسية، من بينها جماعة الإخوان المسلمين، لمطالبة المجلس العسكري بجدول زمني لتسليم السلطة، وإلغاء ما يسمي بـ"الوثيقة الحاكمة للدستور."

وقال القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، حمدي حسن، إن أحداث التحرير "مدبرة"، وتستهدف القضاء على ثورة الشعب المصري، من جهات مصلحتها تأجيل الاستحقاقات السياسية وفى مقدمتها الانتخابات البرلمانية، وطول أمد الفترة الانتقالية، وبالتالي عدم تسليم السلطة.

وأضاف أن إجراء الانتخابات في موعدها هو "المخرج الوحيد" لكل القوي السياسية، حتى يتم تسليم السلطة إلى الشعب، متهماً بعض القوي اليسارية والليبرالية بأنها "مع بقاء المجلس العسكري في السلطة."

من جانبه، قال عمرو صلاح، عضو "ائتلاف شباب الثورة"، أن الائتلاف يطالب بإقالة حكومة عصام شرف، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، تحصل على صلاحيات المجلس العسكري، حتى تسليم السلطة في مدة أقصاها أبريل/ نيسان المقبل، بعد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.

وأضاف أن المجلس العسكري، الذي "كان يتشدق بادعاءات تتعلق بأنه حامى الثورة"، تسبب في وفاة متظاهرين، عند اقتحام ميدان التحرير لفضه بالقوة، على حد قوله، كما شدد على ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية بموعدها، وقال إن ائتلاف الثورة يرفض تأجيلها، حيث لا يوجد علاقة لها بتشكيل حكومة جديدة، إذا كان المجلس العسكري يستطيع تأمينها.

واعتبر عضو ائتلاف شباب الثورة أن تراجع قوات الأمن من ميدان التحرير، سببه أن المتظاهرين "لقنوها درساً لم تتعلمه منذ تظاهرات 28 من يناير"، علي حد تعبيره، في إشارة إلى أحداث "جمعة الغضب" أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي، وأشار إلى أن قوات الأمن تستخدم غاز مسيل للدموع يختلف عما كان يستخدم من قبل، فضلاً عن إطلاق الرصاص المطاطي ضد المتظاهرين.

وعلق الناشط السياسي علي طلب الأمن بعمل هدنة مع المتظاهرين، قائلا: "إنها (قوات الأمن) تريد الحصول على مساحات داخل شارع محمد محمود، وحتى باب اللوق".. ويشهد الشارع المؤدي إلى مبني وزارة الداخلية، عمليات "كر وفر" بين المتظاهرين وقوات الأمن.

من جانبه، قال رئيس حزب "الوسط" الإسلامي، عصام سلطان، إن الانتخابات التشريعية لمجلس الشعب تأخر الاهتمام بها بعد أحداث التحرير، وسقوط العديد من القتلى والجرحى، مشيراً إلى أن أحداث التحرير تثبت "سقوط شرعية المجلس العسكري"، و التي استمدها من وعده بعدم إطلاق النار على المواطنين، إلا أنه أكد على إمكانية  أجراء الانتخابات في موعدها، ولكن الأهم هو اتخاذ فعل رادع ضد الاعتداء على المتظاهرين في التحرير.

وقال مؤسس الحزب الاشتراكي المصري اليساري، أحمد بهاء الدين شعبان، أن الحزب يحمل المسئولية الكاملة للحكومة والمجلس العسكري كاملةً ضد ما يمارسونه من قمع تجاه المتظاهرين، الذين يمارسون حقهم في التعبير السلمي عن مطالبهم.

وأضاف أن العنف يستخدم فقط ضد القوي الثورية، بينما يترك "المجرمون وفلول النظام السابق"، وتابع أن الحزب يطالب بتشكيل مجلس رئاسي توافقي لإدارة شئون البلاد، وفتح تحقيق لمحاسبة المسئولين عن هذا الأمر، وعلى رأسهم وزير الداخلية منصور العيسوي.

إلا أن شعبان ذكر أن "الحكمة تقتضي إعادة النظر في موعد إجراء الانتخابات"، و التأكد من تأمينها، في ظل ما تشهده البلاد من  اضطرابات أمنية وأحداث عنف، يصعب معها إجراء الانتخابات، على أن يتم إجراؤها "فور استقرار الأوضاع الأمنية"، بحسب قوله.

في المقابل، قال رئيس حزب "الكرامة"، محمد سامي، إن "الانتخابات ينبغي أن تعقد في موعدها"، واعتبرها "ضرورة ملحة، مهما كانت نتائجها، ليتسنى تشكيل مجلس يعبر عن الشعب، والبدء بإجراءات تسليم السلطة"، لافتاً إلى أن الحزب اعترض على "مليونية" 18 الجاري، "خوفاً من تداعيات تزيد احتقان الشعب المصري."

وانتقد سامي ما وصفه بـ"الاستخدام المفرط للعنف"، من قبل قوات الأمن، ضد متظاهرين لديهم مطالب يمكن دراستها و التعامل معها، بدلاً من التصعيد الذي أسفر عن كارثة نتج عنها عددا من القتلى والجرحى.

وقال سامي إنه لا يتصور حكومة لا تقدم على استقالتها بعد تلك الأحداث، مطالباً المجلس العسكري بفتح تحقيق ومحاسبة المسئولين عن هذا الأمر، وتقديمهم إلى المحاكمة العاجلة، كما ناشد المجلس باتخاذ "موقف قوي" بدلاً من  سياسة البيانات، ورفض استقالة الحكومة، ودعم وزارة الداخلية.