CNN CNN

خطوة تركيا تجاه إسرائيل.. هل تتكرر عربيا؟

الخميس ، 07 شباط/فبراير 2013، آخر تحديث 15:37 (GMT+0400)

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- تباينت ردود الشارع العربي والجهات الرسمية بشأن تخفيض تركيا علاقاتها الدبلوماسية والعسكرية مع إسرائيل ما بين مؤيد ومعارض للخطوة التي أتبعت بطرد ثلاث دبلوماسيين إسرائيليين من سفارة إسرائيل في أنقرة الأربعاء.

رسميا، قال السفير المصري السابق بإسرائيل محمد بسيوني، إن اتخاذ تركيا قرارا بطرد السفير الإسرائيلي هو أمر يختلف عن مصر، لافتا أن قتل إسرائيل تسعة من الرعاية الأتراك أثناء الهجوم علي أسطول الحرية، بأنه كان مدبرا ومخططا له من قبل البحرية الإسرائيلية، لمنع دخول المساعدات إلى قطاع غزة ولم يكن مفاجئا.

وأضاف بسيوني أن هجوم إسرائيل بالقرب من الحدود المصرية، والذي أسفر عن مقتل خمسة مجندين يختلف عن هجوم أسطول الحرية، مشيرا إلى أن إسرائيل كانت تلاحق مقاتلين بعد هجمات إيلات بحسب روايتها، كما أنها وافقت لمصر على تشكل لجنة مشتركة للتحقيق.

وأشار السفير السابق بتل أبيب، إلى أهمية الانتظار لما ستسفر عنه التحقيقات، في حال ثبوت مسؤولية إسرائيل، لافتا إلى أنه يعتقد بأن مصر ستتخذ خطوات مناسبة سواء بمطالبتها باعتذار أو تعويض أسر الشهداء.

وقال بسيوني إن الشعوب العربية، ومن ضمنها مصر، لا تحب إسرائيل، بسبب الممارسات التي تقوم بها ضد الشعب الفلسطيني، وعدم تجاوبها مع نداءات السلام المطروحة، إلا أنه أكد أن العلاقات بين الدول لا تبنى على أساس الحب والكراهية، وإنما المصالح التي تقررها القيادة السياسية، والتي اعتبرها الأقدر على تقدير المواقف السياسية والعسكرية، واتخاذ قرارات في صالح الأمن القومي.

وأشار بسيوني إلى أن تركيا دولة إسلامية تسعى إلى لعب دور مؤثر ومحوري بالمنطقة، خاصة في عملية السلام ودعم الفلسطينيين، وبالتالي تكتسب شعبية كبيرة لدي الشعوب العربية، ولكن مع عدم إغفال اعترافها بدولة إسرائيل عام 1949، كما أنها سحبت سفيرها في تل أبيب عام 1980 عندما ضمت القدس إلى سيادتها.

إسرائيل وتهميش الدور التركي

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور حسن نافعة، من جانبه، أكد صعوبة اتخاذ مصر والأردن قرارات بطرد السفير الإسرائيلي، لأسباب تتعلق بصعوبة تبني مصر سياسة خارجية قبل استقرار الأوضاع الداخلية، أما بالنسبة للأردن فإن وزنها الإقليمي وقدرتها على لعب دور محوري مازال محدودا.

وأشار نافعة إلى الموقف التركي بطرد السفير الإسرائيلي، وقال إنها انتظرت حتى يصدر تقرير الأمم المتحدة، وكانت تتوقع إدانة لإسرائيل، إلا أن التقرير اعتبر حصار غزة قانونيا، ما شكل صدمة لأنقرة، التي ردت على هذا التقرير بشكل غير مباشر.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن تركيا تمارس سياسة خارجية شديدة الذكاء، وتسعى لدور إقليمي يتناسب مع حجمها، بعد سيطرة حزب التنمية والعدالة على السلطة، وتقليص دور الجيش، وأصبحت في وضع يساعدها على التحرك دون قيود.

وتابع نافعة بأن عداء تركيا لإسرائيل يزيد من شعبيتها في العالم العربي، حيث تقوم إسرائيل والتي تبدو استثناء على هذه القاعدة، بعمل تصرفات تهدف إلى تحجيم الدور التركي عن الحركة.

أما الباحث السياسي بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، صبحي عسيلة، فقال إن طرد السفير الإسرائيلي من تركيا كان منطقيا، بعد رفضها تقديم اعتذار عن مقتل تسعة أتراك بعد اعتدائها على أسطول الحرية، الأمر الذي تم تفسيره من جانب الأتراك بأنه محاولة لإحراجهم في المنطقة.

واستبعد عسيلة إمكانية قيام مصر والأردن بنفس الخطوات التي قامت بها تركيا، لاختلاف العلاقة بينهما، فصراع أنقرة وتل أبيب هو صراع قوة بالمنطقة، يختلف عن مصر والأردن التي تربطهما علاقات فاعلة مع إسرائيل، ويعتمدون على حل أزماتهم معها بالطرق الدبلوماسية، كما أن طرد السفير يمكن اعتباره بأنه بادرة لشن حرب.

الأردنيون يرحبون بقرار تركيا

أما في الأردن، فقد لقيت الخطوة التركية بتخفيض التمثيل الدبلوماسي ووقف الاتفاقات العسكرية بين تركيا وإسرائيل ترحيبا كبير لدى جماعة الإخوان المسلمين، تمثلت في إرسال مذكرة شكر إلى الرئيس التركي، سلمها القيادي والأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي حمزة منصور عبر سفارتها في عمان، تضمنت تثمين عزم تركيا التوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، للنظر في مشروعية الحصار الذي تفرضه تل أبيب على قطاع غزة.

ومن جهته جدد القيادي في الحزب ومسؤول الملف الفلسطيني المهندس مراد العضايلة موقف الحركة الإسلامية المؤيد للخطوة التركية، مضيفا لـCNN بالعربية أن الحركة تتطلع لدور تركي أكبر في المنطقة العربية.

واعتبر العضايلة من جهته أن الخطوة التركية ليست شكلية، بل إستراتيجية تنبئ عن تطورات إستراتيجية لاحقة تسعى إليها تركيا في الوقت الذي كان تركيا من أوائل الدول الإسلامية التي اعترفت بإسرائيل .

ورأى العضايلة أن تركيا تسعى إلى بناء تحالف مع الدول العربية، مضيفا بالقول: "لا تتصرف تركيا برعونة سياسية وهي التي تحكمها علاقات ومصالح إستراتيجية مع إسرائيل، وهي اليوم باتت نموذجا في ذلك، ولا أستبعد أن تتطور السياسة التركية بتصعيد سياسي وعسكري ضد إسرائيل."

أما على مستوى السياسة الأردنية ، فأشار العضايلة إلى أن على الأردن السير على الخطى التركية معتبرا أن الأردن من أكثر الدول تضررا من إسرائيل، خاصة خلال السنوات القليلة الماضية التي أظهرت عداء واضحا تجاه الأردن من المسؤولين الإسرائيليين .

وربط العضايلة قيام الأردن بمثل تلك الخطوات، بحجم الضغط الشعبي الداخلي الرافض لإسرائيل، والتطورات الإقليمية في المنطقة.

بالمقابل، يرى عميد كلية الدراسات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور محمد مصالحة حق تركيا في اتخاذ الخطوات التصعيدية بعدما رفعت إسرائيل حدة التوتر في العلاقات الإسرائيلية التركية بقتل تسعة أتراك على سفينة مرمرة خلال قيامهم بعمل إنساني صرف.

ويذهب مصالحة بالإشارة إلى أن تركيا تسعى أيضا لبناء تحالف مع الشرق الإسلامي والعربي في الوقت الذي أوصدت أمامها البوابة الغربية خلال محاولات انضمامها للاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن تركيا تلقى ترحيبا واسعا في الشرق.

ويضيف مصالحة: "الموقف التركي جاء منسجما مع التطورات السياسية بين إسرائيل وتركيا التي بدأت بالتوتر منذ شن الحرب الإسرائيلية على غزة وفرض الحصار وهو مخالف للقوانين الدولية ."

ويعتقد مصالحة أن تركيا لن تتراجع عن موقفها التصعيدي، إلا في حال تزايد الضغط الدولي الممثل بالأمم المتحدة بتهدئة حدة التوتر بين تركيا وإسرائيل، أو تفعيل قنوات خلفية تتقدم فيها إسرائيل بالاعتذار عن قتل الناشطين الأتراك في حادثة سفينة مرمرة.
 
ويرفض مصالحة من جهته الربط بين الموقف التركي مع إسرائيل وتوقعات تكراره أردنيا، موضحا بالقول إن المعادلة التي سجل فيها الموقف التركي جاءت ضمن ظروف موضوعية محددة استدعت اتخاذ الموقف رغم اعتبار الأردن طرفا متضررا مباشرا من السياسات الإسرائيلية .

وذهب مصالحة بالقول، ربما يتخذ الأردن موقفا سياسيا معينا إذا ما طرأت مستجدات بعينها، كما في حال موقفه من المساعي الفلسطينية لانتزاع اعتراف دولي من الأمم المتحدة في الاستحقاق المقبل.

الفيسبوك: تمثيلية تركية مملة

أما على صفحات الفيسبوك، فقد رأى بعض المشاركين أن ما قام به إردوغان خطوة شجاعة في وجه إسرائيل، التي تمادت في الظلم والعدوان على الفلسطينيين والعرب، على حد قولهم. وقال أسامة قطران، أحد المشاركين على الفيسبوك: "والله إنك رجل وزعيم تستحق العرفان والتحية، لقد أظهرت عمالة زعماء العرب لليهود وأنهم مجرد كروت للأمريكان."

أما آخرون، فقد وجدوا في هذه الخطوة "تمثيلية تركية مملة"، فالوقت قد حان للأفعال لا الخطوات البسيطة، التي لا تقدم ولا تؤخر شيئا، على حد وصفهم، إذ كتب علي راشد من لبنان: "هذا كذب وخداع، نريد ردا عسكريا كما كان التعدي على إخواننا في مصر."

واستغرب آخرون القرار التركي المتأخر، فإسرائيل، حسب قولهم، تقتل الفلسطينيين وتدمر المنازل منذ فترة طويلة، والحصار على غزة استمر لسنوات، فلماذا القرار المفاجئ. وقالت فاطمة علي: "القطاع محاصر منذ نهاية عام 2008، فهل استوعبت تركيا الأمر الآن؟ فعلا نعها حق إسرائيل أن تستغرب."

وكتب طلعت ضمون، من سوريا، يقول: "هذه خدعة من تركيا لأنها بدأت تنشر درعا صاروخيا أمريكيا على أراضيها لحماية إسرائيل."

يذكر أن تركيا جمدت الاتفاقات العسكرية مع إسرائيل، وطردت السفير الإسرائيلي الأسبوع الماضي على إثر تقرير للأمم المتحدة بشأن الغارة على السفينة التركية، والتي وقعت في مايو/أيار 2010، توصل إلى أن الحصار على قطاع غزة يعد قانونيا.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.