CNN CNN

يوم الجمعة: كيف أصبح رمزا لربيع الثورات العربية؟

الاثنين، 18 تموز/يوليو 2011، آخر تحديث 01:00 (GMT+0400)
إحدى مظاهرات ميدان التحرير في القاهرة
إحدى مظاهرات ميدان التحرير في القاهرة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بالنسبة لمراد العزاني، كان يوم الجمعة هو يوم الراحة وأداء الصلاة، ولقاء الأقارب والأصدقاء فيما بعد. غير أن ربيع الثورات العربية قلب الموازين، وغير من مفهوم هذا اليوم.

الثورة اليمنية اشتعلت في يناير/كانون الثاني الماضي، مستلهمة ما حدث في كل من مصر وتونس، ومنذ ذلك الوقت، كان ليوم الجمعة مذاق مختلف للعزاني وعشرات الآلاف من اليمنيين. المظاهرات بالصور

والعزاني، الذي يعمل أستاذا في جامعة صنعاء، لا زال يذهب للصلاة يوم الجمعة، ولكن بدلا من أدائها في المسجد، يؤديها العزاني في شوارع العاصمة صنعاء إلى جانب الناشطين والمتظاهرين المعارضين للحكومة.

وبعد الصلاة، ينطلق المتظاهرون، رافعين أيديهم للأعلى، ملوحين بالأعلام اليمنية، هاتفين برحيل النظام ونشر الحريات.

يقول العزاني: "لقد تحول يوم الجمعة إلى حدث سياسي مهم، فصلاة الجمعة باتت وسيلة لإظهار القوة والنصرة لمطالب الثورة. ويجتمع الناس من كافة أنحاء صنعاء، للمشاركة في هذه المظاهرات."

وكجزء من الصلاة في يوم الجمعة، يستمع المصلون إلى خطبة الإمام، التي يناقش فيها قضايا اجتماعية وسياسية وتعليمية، إضافة بالطبع إلى الدينية.

ويقول سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة: "في الإسلام، المسجد ليس فقط مكانا لاجتماع المسلمين، ولكنه محفل يناقش فيه المصلون قضايا تهم المجتمع ككل.

وليس بالضرورة أن تقام الصلاة في المسجد، بل يمكن إقامتها في الشارع ما دام هناك تجمع للمصلين، ووجود إمام ليؤم الصلاة. وهذا بالضبط ما حدث في ميدان التحرير بالقاهرة يوم 28 يناير/كانون الثاني، الذي عرف بجمعة الغضب، حيث أصبح ميدان التحرير مسجدا كبيرا في الهواء الطلق.

وقال الدكتور شادي حميد، من مركز بروكينغز بالدوحة، والمتخصص في قضايا علم الاجتماع والاقتصاد في العالم الإسلامي، إن مظاهرات أيام الجمعة ليست بجديدة في الشرق الأوسط، فالجديد هو الكم الهائل من المشاركين في أكثر من دولة عربية، ووصف ما حدث في جمعة الغضب باللحظة الحاسمة.

وأضاف حميد: "إن نجاح جمعة الغضب، واستخدام وسائل الإعلام الاجتماعي كالفيسبوك وتويتر، أثبت للمصريين قوة استعمال يوم الجمعة في تنظيم المظاهرات."

وقال حميد: "الصلاة هي أيضا رمز من رموز الاستعداد للقتال، فتجمع أعداد كبيرة من المصلين جنبا إلى جنب يقدم صورة قوية حولهم."

وبالنظر إلى طبيعة يوم الجمعة في العالم الإسلامي، فاختياره يعد أمرا منطقيا: إذ أنه يوم إجازة، ويمكن للناس الخروج في مظاهرات فيه، إذ يقول حميد: "من المستحيل تنظيم المظاهرات يوميا، فذلك سيضعف المتظاهرين جسديا ونفسيا."

وقد مثلت الثورة المصرية نموذجا يمكن الاحتذاء به في الدول العربية الأخرى، ولأهمية هذا اليوم، تم تداول نكتة تقول إن العقيد معمر القذافي قرر محو هذا اليوم من أيام الأسبوع.

وفي الوقت الذي يتفق فيه الكثيرون على أهمية مظاهرات الجمعة من الناحية الاجتماعية والثقافية والسياسية، لا زال الجانب الديني موضع خلاف، إذ يقول صادق: "معظم الذي تجمعوا في ميدان التحرير أيام الجمع هم من العلمانيين، المدنيين، الذين ينتمون للطبقة المتوسطة.

غير أن حميد يؤكد أن الثورة في كل من مصر وتونس لم تكونا علمانيتين، ويؤكد أن الإسلام يعطي جميع الانتماءات القوة، لأن الناس يهتمون للدين، رغم أنه ليس بالضرورة عليهم أن يكشفوا عنه أمام الآخرين.

ويعود العزاني ليؤكد أن طبيعة المسلمين بشكل عام تحتم عليهم عدم الفصل بين الدين والسياسة.