CNN CNN

الربيع العربي مؤجل في الجزائر والشارع منقسم

السبت، 23 حزيران/يونيو 2012، آخر تحديث 17:00 (GMT+0400)

الجزائر (CNN) -- تنتظر الجزائر بعد أيام حدثا بالغ الأهمية، يبدو أنه يندرج بإطار التغيير والثورة الذي تشهده المنطقة العربية ضد أنظمتها المتهمة بالدكتاتورية، ولكن التغيير الذي تنتظره البلاد لا يتمحور حول الثورة الشعبية مثلما عاشته مصر، تونس وليبيا أو ما تعيشه سوريا هذه الأيام وإنما هي ثورة على نظام الحكم بأساليب ديمقراطية.

هذا ما تمكنت CNN بالعربية من رصده من خلال الزيارة الميدانية التي كانت لها عبر مختلف مكاتب الأحزاب السياسية المحسوبة على النظام، أو تلك المنادية بالديمقراطية، والتي تدعى بأحزاب المعارضة، سواء منها الإسلامية أو ذات التوجهات الأخرى، وهذا بأعقاب ما أفرزته الانتخابات التشريعية التي نظمت في الجزائر بالعاشر من أيار/ مايو الجاري.

15 حزبا يشكلون جبهة سياسية يقاطعون البرلمان ولا يعترفون بالحكومة

تسارع الأحداث السياسية والحركية غير العادية التي أفرزتها انتخابات العاشر من مايو جعلت الأحزاب، خاصة الصغيرة منها، للسير في نفس الاتجاه الذي قامت به الأحزاب الإسلامية قبل دخول معركة الانتخابات ونقصد هنا حركة "الجزائر الخضراء" التي ضمت حركات "حمس" و"النهضة" و"الإصلاح،" حيث أعلن 15 حزبا سياسيا، بينها ثمانية تحوز 8 مقاعد في المجلس الشعبي الوطني عن إنشاء جبهة سياسية موحدة ضد نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة أطلقت عليها اسم ''الجبهة السياسية لحماية الديمقراطية'، وقررت مقاطعة أشغال البرلمان، الذي سيبدأ أولى جلساته السبت المقبل، وتشكيل برلمان شعبي مواز في اليوم نفسه.

كما وجهت دعوة إلى الأحزاب السياسية الوفية لقيم الحرية والديمقراطية، والرافضة للتزوير، إلى المشاركة في مسعى الجبهة السياسية لحماية الديمقراطية الحائزة في مجملها على 30 مقعد في البرلمان.

ومن بين ما كشفت عنه "الجبهة السياسية لحماية الديمقراطية" في البيان الختامي الذي تلقت CNN بالعربية نسخة منه هو تحميلها السلطة، وعلى رأسها رئيس الجمهورية، "المسؤولية المباشرة على ما حصل من تلاعب بانتخابات 10 مايو المزورة، أثناء وقبل الاقتراع، واستغلال المؤسسات الوطنية لصالح أحزاب السلطة،" على حد تعبيرها.

ومن بين أهم ما جاء في البيان هو اتهام السلطة برفضها لكل أشكال التغيير، "ولجوئها المدبر إلى التزوير الواسع الذي أعاد البلاد إلى الأحادية السياسية، ومصادرة الإرادة الشعبية."

وقال موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية والذي يعتبر من مؤسسي الحركة الجديدة، وفاز حزبه بسبع مقاعد في البرلمان لـCNN بالعربية: "إصرار النظام على الاستمرار في أسلوب التفرد بالسلطة، واستغلال مؤسسات الدولة وإمكاناتها، وإقحام البلاد ومؤسساتها الإستراتيجية نحو المجهول لحسابات ورؤى ضيقة لا ترتقي إلى تطلعات الشعب الجزائري في زمن التغيير، ولهذا قررنا كتحالف ديمقراطي مقاطعة البرلمان."

جاب الله يرد بعنف على وزير الداخلية

وانتقد عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية -أحد أقطاب الجبهة السياسية لحماية الديمقراطية- تصريحات وزير الداخلية والجماعات المحلية، بخصوص المبادرة التي وصفها بـ"الخارجة عن القانون،" داعيا 28 نائبا من هذه التشكيلات إلى الاستقالة، حيث قال الشيخ جاب الله إن تصريحات الوزير "تعبّر عن يأس السلطة ولن يخيف الجبهة السياسية لحماية الديمقراطية في مواصلة مسعاها، القاضي بمقاطعة البرلمان وتشكيل آخر موازٍ السبت المقبل."

كما دافع جاب الله، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية بدورتي 1997 و2004 ، عن قرار جبهة حماية الديمقراطية، معتبرا أن مواقفها هي مواقف وفاء للشعب الجزائري، الذي يرفض التزوير.

حنون تبعد حزبها من كتلة المعارضة وتدخل البرلمان

أبعدت رئيسة حزب العمال، السيدة لويزة حنون حزبها من كتلة المعارضة التي تشكلت للرد على الانتخابات وقررت مقاطعة البرلمان، وقالت: "نحترم قرارات كل حزب، لكن هناك أحزاب جديدة تطعن في الاقتراع لأنها لم تحصل على نتائج، وهذا شيء غريب بالنسبة لحزب عمره أقل من شهرين.''

وتساءلت حنون بشأن خيار المقاطعة الذي تتبناه تلك الأحزاب، قائلة: ''مقاطعة.. ثم ماذا؟ كما تحدثت عن حصاد الأحزاب الإسلامية، وقالت إنها لم تكن تتوقع أن تحصد الأغلبية، لكنها سلمت بأنا انتزعت بعض مقاعد الأحزاب الأخرى كما انتزعت مقاعد من حزبها."

وفي مقابل ذلك فقد وجهت حنون أصابع الاتهام إلى جهة غير معلومة تحاول أن تعيد الجزائر إلى سنوات الحرب الأهلية والدمار الذي عاشته عقب إيقاف المسار الانتخابي الذي عرفته الجزائر في يناير/كانون الثاني 1992 وذلك من خلال قراءتها للنتائج قائلة "هناك جهات ما تحاول دفع الشعب للخروج إلى الشارع ليثور على الوضع."

وأضافت: "الجزائريون واعين بل أكثر من ذلك فهم 'أذكى بكثير من تلك الحسابات وردات فعلهم ليست فورية، لكنهم يراقبون الوضع وقد تأتي لحظة غير متوقعة وينتفضون، وبدورنا في حزب العمال لن نسمح لأي طرف أن يوظفنا لفتح الباب أمام ما يسمى ربيعا.''

ولكن هذا لم يمنع لويزة حنون من اتهام النظام بفبركة الانتخابات وتزويرها والنظام حسبها يعاني من ازدواجية، أو كما ذكرت تقول: "رئيس الجمهورية كرر مرارا أن يد المزورين ستقطع، وتحدث عن ضمانات في خطابات كثيرة، لكن النهاية تعكس أن النظام الجزائري بلغ درجة كبيرة من الأزمة بوجود ازدواجية داخله''. أكثـر من ذلك، تقول حنون: ''النظام منقسم... هناك تعايش داخله بين سياسات متناقضة وهذه هي الازدواجية."

وطلبت حنون من الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أن ''يفسر ما حدث في الانتخابات ويشرح خطابه في محافظة سطيف يومين قبل الانتخابات"، وتساءلت حنون: ''حتى وإن كانت نتائج التشريعيات في حسابات البعض تحيل للرئاسيات القادمة، فنقول لهم لقد ألهيتم أنفسكم بحساب بعيد، ونحن نطلب حسابات الغد، هل تصمد الجزائر وتبقى متماسكة إلى ذلك التاريخ، هل لا تستهدفها المجموعة الدولية؟'.

ورفضت حنون في تشبيه الرئيس بوتفليقة بالرئيسين السابقين المصري حسني مبارك والتونسي زين العابدين بن علي.

أبو جرة سلطاني: "ربيع الجزائر المنشود أراده الشعب عرس بينما جعلته السلطة وليمة"

أوضح أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلام و القيادي في تكتل الجزائر الخضراء في حديث خاص لـCNN بالعربية، أن الهدف من تزوير نتائج الانتخابات التشريعية هو "ضمان تعديل دستوري على المقاس وإقصاء التيار الإسلامي وكل الأحزاب الأخرى الداعية إلى نظام برلماني خاصة وأن السلطة هذه المرة ذهبت إلى أبعد من التزوير بمصادرتها لأصوات الشعب، بالإضافة إلى الحكم النهائي في منصب رئيس الجمهورية."

وقال سلطاني إن أكبر حزب في الجزائر "هو حزب المقاطعين ثم يليه حزب المزورين،" وأن هناك "إصرارا على رفض الخروج من المراحل الانتقالية إلى المراحل الطبيعية العادية،" وأردف أن السلطة "تقوم في كل مرة بدعوة الناخبين إلى تزكية الأمر الواقع."

وأضاف: "ربيع الجزائر الموعود تم تأجيله والاحتفاظ بمشعله ورفض تسليمه لجيل الاستقلال عشية الاحتفال بعيد الاستقلال،" متسائلا في نفس السياق عن "ربيع الجزائر المنشود" الذي وعد به رئيس الجمهورية والذي أراده الشعب - حسب سلطاني - عرسا، بينما جعلته السلطة وليمة. ليؤكد في الأخير على التيار الإسلامي في الجزائر كان وسيظل أحد أركان الاستقرار في الجزائر.

كما دعا كل مناضلي وإطارات الحزب بالافتخار بالمرتبة الثالثة سياسيا والأولى بالنسبة للتيار الإسلامي، وشدد على أن مشروع حركة مجتمع السلم مستقبلي وليس بالذي توقفه مجرد محطة انتخابية، وأن الحركة مستعدة لإعادة الانتخابات بنفس القوائم شرط شطب المراقبين الذين لم يراقبوا أي شيء منذ استقلال الجزائر، وترك الشعب يعبر عن اختياره بكل حرية.

"الأفلان" يريد الإنقلاب على زعيمه وإزاحته من الزعامة

ومن جانب آخر، فإن الحزب الذي نال الأغلبية الساحقة في الانتخابات التشريعية الأخيرة -جبهة التحرير الوطني- 'الأفلان" (تسميته باللغة الفرنسية)، تتواصل به الانشقاقات التي ما لم تهدأ قبل الانتخابات إلا لتعود بقوة بعدها، وهذا ما كشف عنها اجتماع السبت الماضي لمعارضي الأمين العام، عبد العزيز بلخادم، بالقرب من مقر رئاسة الجمهورية بعد أيام قليلة على إعلان المجلس الدستوري فوز الحزب بـ 221 مقعدا من أصل 462 مقعدا.

وقرر المجتمعون سحب الثقة من بلخادم على أن ينفذ القرار خلال الدورة العادية للجنة المركزية للجبهة (أعلى هيئة قيادية) في 15 حزيران (يونيو) المقبل، حيث بلغ عدد الموقعين على سحب الثقة من بلخادم 210 أعضاء من أصل 345 عضوا في اللجنة المركزية.

وشارك في اجتماع "الانقلاب" على بلخادم وزير التكوين والتعليم المهني الحالي، الهادي خالدي، ووزراء سابقون مثل وزير الاتصال الأسبق رشيد بوكرزازة، وزير البريد الأسبق بوجمعة هيشور، ووزير السياحة الأسبق محمد الصغير قارة، وقيادات تاريخية للجبهة مثل عبد الرزاق بوحارة، وعبد الكريم عبادة، ورئيس كتلة "الثلث الرئاسي" بمجلس الأمة (الغرفة العليا في البرلمان) محمد بوخالفة، والرئيس السابق للمجموعة البرلمانية لجبهة التحرير، عباس مخاليف، وقرروا سحب الثقة من "الزعيم" الذي قاد الحزب للاستيلاء على الأغلبية في الانتخابات الأخيرة.

مدوار :"الجزائر عاشت ربيعها منذ أكثر من عشرين عاما"

وفي سؤال للنائب البرلماني الجديد عن حزب جبهة التحرير، ورئيس نادي جمعية الشلف، عبد الكريم مدوار لـCNN بالعربية عن إمكانية تأثير ما يحدث على الشارع الجزائر وإمكانية رؤية مشهد الربيع التونسي أو الليبي يتكرر في الجزائر فرد قائلا :"الجزائر عاشت ربيعها منذ أكثر من عشرين سنة وهي اليوم تؤكد أنها من بين البلدان التي تسعى إلى توسيع فضاءات الحرية لفائدة المواطنين."

وأضافت أن الجزائر: "كما أنها دخلت في مسار عميق من الإصلاحات السياسية و المؤسساتية و الاقتصادية الذي يمثل تقدما نوعيا في استكمال المسار الديمقراطي الذي يسعى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لتكريسه في الجزائر، لذا نحن نستبعد مشهدا يماثل الربيع العربي في الجزائر."