CNN CNN

موريتانيا: نظام علمي للتنبؤ بحركة أسراب الجراد

الأحد، 04 آذار/مارس 2012، آخر تحديث 16:00 (GMT+0400)

نواكشوط، موريتانيا (CNN) -- يعمل فريق من العلماء في صحراء موريتانيا على تطوير نظام جديد وفريد من نوعه يمكن له مساعدة هذه الدولة العربية الأفريقية الفقيرة على توقع الظروف الجوية الملائمة لانتشار أسراب الجراد التي تدمر سنوياً المحاصيل القليلة التي ينتجها الفلاحون من أراضيهم الصحراوية وتدفع السكان إلى حافة المجاعة.

ويتركز نشاط الفريق في "المركز الوطني لمكافحة الجراد" بالعاصمة نواكشوط، وهو يدرس مجموعة خيارات بعضها بسيط وبعضها الآخر معقد، تبدأ بوضع أجهزة خاصة لمتابعة الأسراب، وصولاً إلى مسح الصحاري عبر الأقمار الصناعية لمتابعة تحركات الحشرات وتلقي التبليغات من القبائل البدوية التي تجوب البلاد عبر تزويد أفرادها بهواتف محمولة.

ويقول الفريق إن هدفه هو الوصول إلى مرحلة يمكن فيها التنبؤ بتحركات أسراب الجراد ومواعيد حصولها بنفس الطريقة التي يتم من خلالها توقع الظروف المناخية.

وتقول الدراسات إن أسراب الجراد تدمر القدرات الزراعية الموريتانية منذ ثلاثة آلاف سنة، وتساهم بصورة كبيرة في انتشار الفقر ونقص الغذاء، ويحمل سكان البلاد الكثير من الذكريات السيئة عن هجوم أسراب الجراد التي تغطي السماء وتدمر كل النباتات الحية في طريقها، وصولاً إلى الجذور في بعض الأحيان.

وفي عام 2004، عانت موريتانيا من ظروف معيشية سيئة بسبب كثافة أسراب الجراد في ذلك العام، فعم الدمار المحاصيل الزراعية، وتبع ذلك نفوق قطعان الماشية.

ويقود محمد عبدالله ولد بابا الفريق العلمي العامل على المشروع في موريتانيا، وقد قال لـCNN إنه قام حتى الآن بإعداد ما يمكن وصفها بأنها "أكبر قاعدة بيانات حول الجراد في العالم،" تتضمن الظروف الجوية المناسبة لتكاثر الحشرات وطبيعة تنقل أسرابها.

ويقول ولد بابا إن كثافة الأسراب تبلغ ذروتها في السنوات التي تتساقط فيها الأمطار بغزارة تفوق المعتاد في الصحراء، ما يزيد من رقعة الغطاء النباتي الذي يمكن للحشرات أن تتغذى عليه، ويضيف الباحث الموريتاني أنه يقوم بمراقبة هذه المعطيات من خلال أجهزة رصد موزعة في البلاد، إلى جانب مراجعة صور الأقمار الصناعية.

وينشر فريق العمل على المشروع عشرات من عناصره لتقديم معلومات ميدانية، كما يوفر هواتف محمولة لعدد من البدو الذين يجولون الصحراء مع قطعانهم للتبليغ عن تحركات الأسراب في حال مشاهدتهم لها.

ويقول ولد بابا إن العمل شاق وبالغ الأهمية، خاصة وأن الكثير من الغموض يلف ظاهرة الجراد، وخاصة الأسباب التي تدفع تلك الحشرات للتحرك على شكل موجات تغزو الأراضي الزراعية.

ولدى كوتارو ميانو، الباحث الياباني المتخصص في شؤون دراسة سلوك الحشرات، بعض النظريات التي تحاول شرح الأمر، بينها أن الجراد يهاجر بدافع التكاثر والازدحام الشديد في مستعمراته الأصلية، ولكن الهجرة لا تشمل الحشرات الصغيرة الحجم والخضراء اللون، بل تلك التي تبدل لونها لاحقاً إلى الأحمر والأسود لتصبح أكبر حجماً.

ومن بين النظريات أيضاً أن أسراب الجراد المهاجرة تحاول فعلياً الفرار من سائر الأسراب الموجودة في المستعمرات الأصلية لأن تلك الحشرات معروفة بقدرتها على تناول اللحوم عند شعورها بالجوع الشديد، وبالتالي فإن بعضها يحاول الفرار خشية سقوطه فريسة لأقرانه عند ندرة الطعام.

وتحظى هذه النظرية بقبول واسع لدى العديد من العلماء الذين يقولون إن أسلوب تحرك أسراب الجراد، والقائم على موجات متتابعة على مناطق معينة يدل على أن المجموعات تقوم بمطاردة بعضها البعض، وتلتهم كل ما تصادفه في طريقها.

وبحسب ولد بابا فإن المركز الذي يديره بدأ يسجل بعض النجاح بمهمته، إذ تمكن في نهاية العام المنصرم من توقع إمكانية تحرك أسراب الجراد في منطقة معينة، وقامت السلطات في وقت لاحق برش المبيدات الحشرية فيها وتجنبت وقوع كارثة.

ويقول الباحث الموريتاني إن الفريق اصطدم في بعض الأحيان بعراقيل حالت دون نجاحه في توقع تحركات الأسراب، ويعيد الأمر إلى مصاعب تكنولوجية، بينها عدم وضوح بعض صور الأقمار الصناعية والحاجة إلى توفير المزيد من المتابعة على الأرض، مضيفاً أن نسبة البيانات التي نجح مركزه بتحليلها لا يتجاوز خمسة في المائة من إجمالي المعلومات التي جمعها.