CNN CNN

الطفلة العراقية نور.. حكاية فتاة عانقها الزمن ونسيها

الخميس ، 18 نيسان/ابريل 2013، آخر تحديث 18:01 (GMT+0400)

(شاهد التقرير)

ملاحظة: زارت الصحفية موني باسو العراق خلال الحرب الأمريكية، والتقت بعائلة الطفلة نور الزهراء حيدر، التي كانت تعاني عيبا خلقيا. واليوم، وبعد خروج القوات الأمريكية من العراق، تعود باسو إلى بغداد للاطمئنان على صحة الفتاة، وتفقد أخبارها.

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يقول الأطباء إن الطفلة العراقية نور الزهراء حيدر تبدو اليوم بصحة أفضل، فقد عاشت صراعا مع الحياة للتغلب على مشاكل صحية ولدت معها.

وفي العراق، وبعد مرور أكثر من عام على خروج القوات الأمريكية رسميا من البلاد، يصعب على العراقيين الحصول على رعاية صحية لائقة.

فهذه الفتاة، التي ولدت بتشوه خلقي في عمودها الفقري، تحتاج إلى طبيب مختص، ولكن يبدو أن ذلك من المستحيل تحقيقه، وهو الأمر الذي يشكل مصدر قلق لعائلتها التي تتخوف من فكرة فقدان الصغيرة نور.

وخلال وجودي هنا قبل خمس سنوات، أقمت علاقات قوية مع بعض العراقيين، واليوم أعود إلى هنا للبحث عن طفلة صغيرة التقيتها في الماضي، وهي طفلة أصبحت مألوفة لدى الملايين.

فلطالما كانت حكاية نور بالنسبة لي وللكثيرين رمزا للحرب في العراق، تلك الطفلة التي أنقذها الجيش الأمريكي، ولكنها تركت بعد ذلك للزمن، لينساها حتى أولئك الذين أنقذوها.

وكنت قد التقيت نور للمرة الأولى في 2005، حين رافقت الجيش الأمريكي بعد أن اهتدى بعض الجنود إلى منزل ذويها خلال إحدى الجولات الروتينية.
حينها كانت نور صغيرة للغاية ولم تكن قادرة على تحريك رجليها، كما أن جسما غريبا كان ينمو على ظهرها.

وقد علمت العائلة أن لدى نور عيبا خلقيا في عمودها الفقري، ولكن هنا في العراق، لا يمكن الحصول على أي نوع من المساعدة، غير أن القوات الأمريكية كانوا يعلمون أن بإمكانهم المساعدة، إذ يقول أحد الأطباء في الجيش الأمريكي: "لا يوجد أخصائيون هنا، لذا فالخيار الأفضل لها هو الذهاب إلى الولايات المتحدة أو أي بلد آخر."

وعلى عجل، وافقت العائلة على التدخل الأمريكي لمساعدة الطفلة الصغيرة، وفي تلك الليلة، كنت على متن سيارة عسكرية حملت نور وذويها بعيدا عن منزلهم.

ورغم تحذيرات عديدة من حدوث مضاعفات، وصعوبة الاهتمام بالطفلة بعد العملية، أصر والدها وجدتها على المضي قدما لعلاجها، سواء تكلل ذلك بالنجاح أو الفشل.

وكان النجاح حليف نور في هذه المعركة، فقد تمكن الأطباء في الولايات المتحدة الأمريكية من إقفال الفراغ في عمودها الفقري، ولكن الصعوبة تكمن حاليا في رعاية الطفلة عند العودة إلى العراق.

كما أن رحلة العائلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية عادت عليهم بمشاكل جمة، إذ كان عليهم ترك الحي الذي يسكنون فيه، لاتهامهم من قبل جيرانهم بالعمالة لأمريكا.

ولا تمتلك نور الكثير من الخيارات في العراق، فهناك مدرستان فقط للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في بغداد، ومعلمة نور تقول إن الطفلة تخجل كثيرا وتعزل نفسها، الأمر الذي يقلق المعلمة من إمكانية معاناة نور من مشاكل نفسية وعاطفية.

ولكن وضع نور الصحي ليس السبب الوحيد وراء صعوبة الموقف، فعائلتها مشتتة وتعيش أوضاعا صعبة، فوالدة نور البيولوجية تركتها لأنها لا ترغب في تربية طفلة معاقة، ونور تعلم بذلك، لأن عائلتها أخبرتها.

أما والدها فيعمل طوال النهار في بيع الخضراوات والفواكه، بينما يساعد الجد والعمات في تربية الطفلة الصغيرة.

ورغم وقوف الجد الآن إلى جانب حفيدته،إلا أنه يعلم أنه لن يدوم لها طويلا، فهو يخشى من عدم اهتمام الآخرين بها من بعده.

ولطالما أملت العائلة في أن تتمكن نور من المشي يوما ما، رغم إقرار الأطباء بأمريكا أن ذلك لن يحصل.

أراقب نور وهي تقلب صور حياتها، قد تبدو الفتاة قوية، ولكن الصحة الكاملة ليست خيارا بالنسبة لها، ومن جهتها تطمح العائلة في أن يتقدم أحدهم للمساعدة، ولكن من؟ فهم يؤكدون أن الزمن ترك الطفلة نور للصدفة، تماما كوطنها العراق، لتكون هذه الفتاة طفلة محطمة في أرض محطمة.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.