CNN CNN

حجي: المساواة بدستور مصر الجديد بين حقوق المسلمين والاقباط

حوار: مريم كيوان
الاثنين، 02 كانون الأول/ديسمبر 2013، آخر تحديث 23:01 (GMT+0400)
 

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- أكد عصام حجي، المستشار العلمي للرئيس المصري الموقت، عدلي منصور، أن المسار الحقيقي للتقدم والحرية لا يمكن أن يصح بدون أن يصبح تطوير التعليم والبحث العلمي مشروع مصر القومي، وأن ما تعيشه مصر من توترات سببه انتشار الرؤى الساذجة لمفاهيم الوطنية والديموقراطية واختزالها في الأغاني والتظاهرات وتسييس العديد من مظاهر الحياة اليومية. وأعتبر أن القضاء على الارهاب لن يتم إلا بالقضاء على الفقر والامية والظلم.

وأشار حجي في حوار خاص لموقع  CNN بالعرية، إلى أن التدخل الأمني في مظاهرات الطلاب في الجامعات المصرية ليس حلاً واقعياً للمشكلة لكنه يؤججها، وطالب بالأفراج عن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المعتقلين غير المتورطين في قضايا، واقترح مبادرة تكمن في تبنى الجامعة حواراً وطنياً يضم الأطياف المختلفة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس.

 لفت إلى أنه بالاتفاق مع الرئاسة وهيئات المجتمع المدني تم اقتراح مادة في الدستور تنص على رفع ميزانية البحث العلمي بحد أدنى نسبتها واحد في المائة، من الدخل القومي، ما يعني ارتفاع الميزانية أربعة أضعاف المخصص لها حالياً وأن الرئيس عدلي منصور طلب وضع استراتيجيات سريعة لمكافحة الامية والنهوض بالتعليم حتى نبدأ بحل حقيقي لهذه القضايا العالقة منذ عقود، وأن الفترة الانتقالية لا تعني أن الانتظار لحل هذه المشاكل. 

فيما يلي نص الحوار:

بما أنك المستشار العلمي لرئيس الجمهورية، سأبدأ معك بأكثر الأحداث الحالية سخونة في مصر، وهي مظاهرات الجامعات، ما رأيك فيما يحدث وهل الحل الأمني مُجدي في هذه الظروف؟

- أومن أن الجامعة ليست مكاناً للتظاهر أو العمل السياسي بل مكاناً للعلم، ولا أشجع المظاهرات في الجامعات، لكن أيضاً ضد الاعتقالات داخل الحرم الجامعي، لأن ذلك يزيد من الاحتقان ويأجج المشكلة، أساتذة الجامعة والطلاب ليسوا مجرمين لأنهم يتظاهرون داخل الحرم، أنا كمستشار علمي لدولة بها 40 في المائة نسبة أمية لا أتخيل أن يعتقل طالب أو أستاذ جامعي، نحتاج أن يُكمل كل طالب تعليمه لينفع مجتمعه وكذلك الأستاذ ليعلم أجيالاً أخرى.

الحوار هو الحل الأمثل لتغير تفكير الطالب وتوجيهه، لن نتمكن من ذلك وهو داخل زنزانة، اعتقال الطالب يخرجه للمجتمع أكثر تطرفاً وتصميماً على العنف ويزيد شعوره بالظلم والحقد.

لكن البعض يرى أن عدم وجود عقاب رادع للطلاب، خاصة لمسيري العنف والشغب يعرقل مسيرة التعليم؟

- في هذه الحالات يكون العقاب الرادع عن طريق إدارة الجامعة ووزارة التعليم العالي والمجلس الاعلى للجامعات، هناك أكثر من عقاب إداري يمكن تطبيقه، بدأً من التحقيق والعقوبات المختلفة مثل الحرمان من الامتحان وصولاً إلى الفصل النهائي، لكن اعتقالات الطلاب لن تخدم الصالح العام.

هل قامت الرئاسة المصرية باستشارتك في هذا ملف؟

- تقدمت في شهر أغسطس/ آب الماضي، بمبادرة تكمن في استضافة الجامعات المصرية حواراً وطنيا للم الشمل بين مختلف الطوائف الفكرية للمجتمع المصري، فالجامعة قادرة كعقل وبيت لكل المصريين على فتح قناة للحوار، تضم المبادرة عدد من أعضاء هيئة التدريس المنتمين إلى الجماعات الإسلامية وعدد من المنتمين إلى تيارات المجتمع المدني، لتبادل الأفكار والمطالب بعيداً عن العنف وتدخل الأيادي الأجنبية في مشاكلنا، لا أتوقع أن تُحل مشكلة دون التحاور فيها، هناك مشاكل يمكن الوصول فيها إلى حلول، وصراعات و نزاعات يجب أن ننساها من أجل المضي قدماً فالكراهية والحقد يعيقان التقدم.

لماذا لم تفعل هذه المبادرة؟

- الأحداث كانت متسارعة في هذه الفترة، ولم يكن متوقع تدهور الاوضاع في الجامعات لهذه الدرجة، لذا أجدد المبادرة من خلال منبر CNN بالعربية، وأن تكون "جامعة القاهرة" رائدة في استضافة هذا الحوار ليضم أطياف من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والمسؤولين الحكوميين المعنيين، لمناقشة كافة القضايا التي يتظاهر الطلاب من أجلها.

وماذا إذا كان مطلبهم الأفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي؟
 
- أول مطلب لمظاهرات الطلاب في مصر الأفراج عن الطلاب المعتقلين وهو مطلب مشروع، أرى أيضاً ضرورة الأفراج عن أعضاء هيئة التدريس المعتقلين وليست لديهم قضايا. أما موضوع الشرعية وعودة مرسي فيجب أن يُدلي الطلاب بمطلبهم هذا في الحوار، والمسؤولون المعنيون عليهم أن يشرحوا لهم لماذا يرفضون الأفراج عن مرسي، الشباب سيفهم وسيستوعب حين يفسر له، لكن ترك الاسئلة بدون أجوبة مقنعة سيكون مصدر إزعاج للجميع.

ما هي أهم القضايا العلمية التي يجب أن تحل في مصر خلال المرحلة الانتقالية؟

- هناك أربع ملفات علمية هامة في هذه المرحلة لا تحتمل التأخير، وطلب مني السيد رئيس الجمهورية متابعتها مع الوزراء المعنيين، أولهم قضية مياه النيل وفي هذا الشأن بدأنا نرى بوادر حقيقية لفهم وحل المشكلة واستئنافنا الحوار مع الطرف الاثيوبي، وأعتقد أننا على الطريق الصحيح في حوار مشترك بناء.

الملف الثاني هو ملف التغير المناخي وأثاره على الامن الغذائي وتقلص المساحة الزراعية، نواجه تحديات كبيرة في هذا الملف لان المراكز البحثية التي تعمل به مازالت تفتقر الدعم الكافي  للقيام بمهمتها، ونعمل مع السيد وزير الزراعة على حل هذه العوائق.

الملف الثالث هو المشروعات القومية وتشمل ثلاث مشروعات: الفضاء المصري الذي يهدف لفهم التغيرات المناخية في دول حوض النيل وأثارها على الموارد المائية لمصر وفهم ظواهر التصحر بمصر وافريقيا، ومشروع الطاقة النووية الذي سيجعل مصر تخفض استخدامها من المحروقات التي تستوردها لإنتاج الكهرباء، ومدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا التي ستكون حجر الاساس في مشروع نهضة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر.

الملف الرابع هو ملف البيئة وتخفيض معدلات التلوث في المدن والقرى المصرية لتقليص الاصابات بالأمراض الناتجة عن التلوث مثل الامراض التنفسية والكبد الوبائي التي ترتفع معدلاتهم بمصر بشكل مقلق.

الملفات التي تحدثت عنها لا تشمل التعليم المدرسي، هل الحكومة راضية عن وضع التعليم في مصر؟

- استبعاد العلم في قيادة الدولة خلال الثلاثين عاما السابقة أدى إلى تخلف المجتمع إلى أبعد الحدود، فاستبدل العلم بالخرافات والغيبيات واستفحل الجهل والأمية، وأصبحت الأميه تقارب نصف تعداد الشعب المصري، فلقد تعمدت الأنظمة السابقة تخريب المؤسسات التعليمية الحكومية حتى تفكك الصفوف في أي محاولة للتغيير أو الخروج عن طاعة الحاكم.

أما اليوم فلقد اختلف الوضع وتأخذ الدولة أهمية التعليم بعين الاعتبار.. نعمل حالياً على مشروعاً لإعادة بناء المنظومة التعليمية، لتضم تطوير الطالب والمعلم والمباني والمناهج ودور الطفل في المجتمع والموازنات المرصودة للتعليم، هذا المشروع هدفه إيجاد منظومة تضمن المساواة بين جميع فئات المجتمع، بين الغني والفقير المسيحي والمسلم، مدارس تربوية تحتوي الجميع، نريد أن تكون المدرسة الحكومية المصرية نموذجية.

هل هناك ميزانية لذلك؟

- في اطار هذه الخطة سوف تخصص أجزاء هامة من المساعدات الخارجية لمصر لرفع المستوى التعليمي، وإن كنتُ أطمح أن تخصص مجمل المعونة الامريكية لمصر في العشر سنوات المقبلة للمساهمة في رفع المستوى التعليمي، فبهذا نصل فعلاً الى الديمقراطية الحقيقية ونحقن دماء الجميع. أيضاً لتفعيل هذه الملفات العلمية تم وضع مادة في الدستور المصري لأول مرة تنص على تحديد ميزانية البحث العلمي، بحد أدني واحد في المائة من الدخل القومي، هذه الميزانية تعادل أربعة أضعاف المقرر للبحث العلمي في الوقت الحالي في مصر.

كيف ترى مسار الديمقراطية في مصر من خلال المشهد في الشارع؟

- لست رجل سياسي ولكن المشهد في مصر يشير إلى وجود رؤى ساذجة لمفهوم الديمقراطية سببها استنساخ سطحي لمظاهر الديموقراطية الغربية دون استحضار جوهرها، والسؤال هنا كيف يمكن أرساء منظومة ديمقراطية حقيقية في ظل تفشي الجهل والامية وغياب لغة حوار وتدهور المستوي الصحي والاقتصادي؟ مداعبة أصوات الناخبين بتبني شعرات كاذبة ينجذب حولها الناس لفترة ثم يفيقون أنهم اتخذوا القرار الخاطئ هو ما نراه اليوم.

الديمقراطية والحرية بالنسبة لنا أصبحت في صندوق الانتخابات، فقبل الانتخابات يجب علينا إعداد ناخب مثقف يدلي بصوته بناءً على قناعة وفكر وليس ناخباً يشترى صوته بالزيت والسكر.. كثيرون أيضاً اختزلوا العمل الوطني في التظاهر والاعتصام، لكن حين نبحث عن أفراد للمساهمة في محو الأمية أو تنظيف الشارع لا نجد إلا قلة. في رأيي الديمقراطية بدون تعليم مجرد سراب ومن الصعب تحقيق مطالب الثورة بالحراك السياسي فقط، بدون طفرة حقيقية في التعليم والبحث العلمي لا يوجد مسعى حقيقي إلى الديمقراطية والنمو الاقتصادي. الديمقراطية المصرية لن تبدأ من مجلس الشعب وأروقة النقاشات مع مبعوثي الجهات الأجنبية، بل ستبدأ من كل مدرسة وجامعة مصرية.

كيف ترى استهداف الكنائس والأقباط، وهل ترى أن الحكومة الحالية تتعامل مع ملف الأقباط بصورة صحيحة؟

- المساواة ليست نبات عشوائي بل قيمة يجب غرسها كي نحصدها، على سبيل المثال الجامعات الحكومية المصرية بها أماكن للعبادة خاصة بالمسلمين، لكن لا نجد مكان واحد للعبادة مخصص للأخوة المسيحيين! فإذا كانت ثقافة التفرقة موجودة في المدارس والجامعة فكيف يمكن منعها خارجها؟ أوضاع الأقباط في مصر تحتاج إلى إصلاحات جذرية عاجلة، على المجتمع والدولة أن يعترفا بتهميش الأقباط والتعدي على حقوقهم طوال العقود الماضية، الاعتراف بهذا الخطأ هو أول الطريق لهذه المشكلة، فلا يليق بمصر بعد الثورة تجاهل مشاكل فئة من أبنائها المخلصين.

يجب أن تكون هناك مساواة حقيقية في الدستور الجديد بين حقوق الأقباط والمسلمين، وتقاسم حقيقي لمسؤولية إدارة الوطن. المشكلة أننا في الظاهر نرفض العنصرية ضد الأقباط لكن لا يوجد توعية حقيقية وعقاب رادع لمواجهة ذلك، فلا نجد مثلاً أستاذاً جامعياً عوقب بسبب العنصرية ضد طالب مسيحي، أو مسؤول فُصل من عمله أو أحيل للتحقيق بسبب تعنته في تعيين قبطي في وظيفة! كمصري مسلم أعتبر أن السكوت على هذه الاوضاع إهانة لكل مصري، ولذلك أعمل جاهداً مع العديد من المسؤولين على نقل قيم الوحدة الوطنية الى الحياة المدرسية والجامعية.

هل المرحلة الانتقالية قادرة على وضع أسس لتجاوز مشكلات التعليم والصحة والأقباط، وهل أنت مع اطالة المرحلة الانتقالية ؟

- جميعاً نتمنى أن تكون المرحلة الانتقالية أقصر ما يكون، لكن السؤال المهم هو سننتقل إلى أين؟ يجب أن نضع في هذه المرحلة أسس محاربة الامية والجهل والفقر والمرض، حتى لا تكون مرحلة انتقال نحو المجهول. بدأنا وضع خطط ورؤى للتعليم والصحة والمرأة حتى يجد من يأتي بعدنا أسس يسير عليها ولا نعود لحكم الفرد مرة أخرى. أعي أن العديد قد يرون كلامي هذا ساذج، وأن الامن والمنظوم السياسية أهم في الوقت الحالي، لكني أؤكد أنه لن يوجد أمان في ظل الجهل، ولن يوجد عدل مع وجود الفقر، ولن توجد الديمقراطية في غياب التعليم.

ماذا تقول لمن سيحكم مصر بعد انتهاء المرحلة الانتقالية؟

- حكم مصر مسؤولية ثقيلة جداً في هذه المرحلة وفي المرحلة القادم، وأنصح  كل من سيتولى هذا التكليف أياً كان شخصه، أن يضع التعليم والبحث العلمي والصحة خارج إطار النزاع السياسي والحكومات المشكلة سياسياً، وأن يبني جيشاً من المؤهلين ليحارب الأميه والفقر والمرض، فليس لمصر عدو اشرس منهم فحيثما يزرع الجهل يحصد العنف.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.