CNN CNN

عند حدود تركيا وسوريا.. CNN ترصد أعلام القاعدة

الخميس ، 05 كانون الأول/ديسمبر 2013، آخر تحديث 13:00 (GMT+0400)

(شاهد الفيديو)

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- لقد كانت تجربة السفر عبر الطائرة إلى هاتاي التركية المجاورة للحدود مع سوريا غريبة من نوعها، فقد ضمت الطائرة مجموعة متنوعة من الركاب الذين يبدو أنهم يعرفون وجهتهم، بينهم رجلان من موريتانيا، أحدهما أعرج، وبرفقتهما شابة من تونس، إلى جانب شابين من بنغازي الليبية يحملان حقائب ظهر كبيرة الحجم، وأربعة شبان اتضح لاحقا أنهم أيضا من بنغازي.

وفي المطار، شاهدت رجلا ملتحيا ينطق بلهجة بريطانية ثقيلة، اتضح لاحقا أنه ينتظر صديقه القادم من ليكستر، وكان من الواضح أنهما يرفضان الحديث، وخاصة بعد أن أبرزت لهما بطاقتي الصحفية التي تحمل شعار CNN، كما شاهدت مجموعة من المصريين ورجلا يبدو أنه من السعودية عانق وقبّل سائقا كان بانتظاره.
 
معظم هؤلاء الرجال كانوا يتحركون ضمن مجموعات صغيرة أو منفردين، وقد رفض أغلبهم الحديث عن سبب وجوده في هاتاي، بينما قال الرجل القادم من ليكستر إنه يعتزم المشاركة في نشاطات للمساعدات الإنسانية، في حين أقر الشابان القادمان من بنغازي بأنها في طريقها إلى سوريا.

لا يعد السفر إلى جنوب تركيا جريمة، خاصة في ظل وجود العديد من الأجانب والمنظمات الإغاثية التي تنشط في المنطقة الحدودية مع سوريا، ما يعني أن الكثيرين يسافرون إلى هناك لأسباب بريئة، ولكن من الغريب رؤية كل هذا العدد من الأشخاص من دول يتزايد فيها نشاط تنظيم القاعدة وهم يتجمعون في دولة ضمن حلف شمال الأطلسي، ما يدفع المرء إلى التساؤل عن سبب قدومهم وأسباب عدم رغبتهم في التحدث إلى الإعلاميين.

أحد الرجال، وسنعرف عنه باسم "إبراهيم" كان لديه فكرة واضحة عن الأسباب، فهو ينشط في مجال التهريب عبر الحدود ونقل المقاتلين الأجانب الراغبين في الانضمام إلى الفرع الجديد من تنظيم القاعدة الذي ينشط في سوريا مؤخرا، تحت اسم "دولة العراق والشام الإسلامية."

لقد دأب إبراهيم على نقل "المجاهدين" من المطار إلى الحدود، وقد اضطر إلى وقف المقابلة معه بعد فترة لنقل أحد السعوديين إلى المنطقة الحدودية، ولكن قبل مغادرته قادنا إبراهيم بين حقول الزيتون ليعرض لنا كيفية نقل "المجاهدين" إلى أحد "المنازل الآمنة" في المنطقة، ومنه إلى السياج الحدودي خلال ساعات الليل.

ويقول إبراهيم إنه نقل خلال الأشهر القليلة الماضية أكثر من 400 شخص عبر طريق التهريب التي يعتمدها نحو سوريا، علما أنه ليس المهرب الوحيد في المنطقة. مضيفا أن أعداد المتسللين من أجل القتال على الأراضي السورية تضاعف ثلاث مرات منذ الهجوم الكيماوي على ضواحي دمشق في أغسطس/آب الماضي.

ويشرح إبراهيم سبب هذه الطفرة في أعداد الراغبين في القتال في سوريا بالقول إن المجتمع الدولي لم يتحرك حيال الهجوم الكيماوي، ما أدى إلى تزايد شعبية "الجهاد العالمي"، مضيفا أن تجربة العبور نحو الأراضي السورية بمفردها تعد للبعض بمثابة رحلة دينية.

وشرح المهرب بالقول: "عندما يصلون إلى السياح الحدودي يركعون ويبكون.. ينتحبون وكأنهم قابلوا شخصا أعز عليهم من عائلاتهم، هم يؤمنون بأن هذه الأرض - سوريا - هي المكان الذي سيشهد أحداث يوم القيامة" مضيفا أن "المجاهدين" كرروا أمامه عدة مرات رغبتهم في المشاركة بإنشاء دولة إسلامية شمال سوريا.

ويؤمن عدد كبير من المسلمين المتدينين بأن المشاركة في القتال في سوريا هو في الواقع مشاركة في المعركة النهائية بين الحق والباطل، والتي ستشهد حلول يوم القيامة ونهاية العالم، ويؤكد إبراهيم أن العديد من "الجهاديين" الذين ينقلهم يشعرون بالغبطة تغمرهم لأنهم لم يتصورا أن يشهدوا حصول تلك المعركة في حياتهم.

وقد قابلنا بالفعل أحد أولئك الشبان، وسنعرف عنه باسم "حمزة"، وهو قادم من منطقة الأنبار العراقية السنية، وقد تحدث بسعادة عن فرحته بالوصول إلى سوريا ورغبة في "الاستشهاد" على أراضيها، ويؤكد وجود حمزة هنا مخاوف الولايات المتحدة حيال طبيعة نشاط تنظيم دولة العراق والشام الإسلامية التي لا تعترف بالحدود بين سوريا والعراق.

ويشرح حمزة أن الهدف النهائي لتنظيم "دولة العراق والشام الإسلامية" هو إقامة دولة إسلامية تجمع بين المناطق السنيّة في العراق وسوريا وتطبيق الشريعة فيها، والبارز في تجربة حمزة أنه لم يختر السفر من الأنباء إلى سوريا مباشرة، رغم قرب  المسافة بينهما، بل فضل الانتقال جوا إلى تركيا لسهولة الوصول من الجانب التركي.

ويقول حمزة إن أعدادا كبيرة من الراغبين بالجهاد يصلون إلى سوريا من مختلف أنحاء العالم، بينهم "جهاديون" من ألمانيا وهولندا، وصولا إلى البيرو، كما يزعم أن عدد القادمين من أوروبا بات يفوق عدد نظرائهم العرب، أما السبب فهو واضح بالنسبة إليه: الغضب بسبب فشل الولايات المتحدة وأوروبا باتخاذ خطوات عسكرية ضد النظام السوري بعد هجوم أغسطس/آب الكيماوي، وهو أمر جعل من تلك الدول الغربية بدورها جهات معادية بالنسبة للجهاديين.

ويشرح حمزة بالقول: "حربنا الآن ضد الغرب، فسكوته يعني التواطؤ، وهذا يشمل المجتمع الدولي، إلى جانب روسيا وإيران، والنظام السوري.

أما الحكومة التركية فهي تقول إنها مصرة على محاربة التطرف في المنطقة، وقد حذر الرئيس التركي، عبدالله غول، في مقابلة قبل أيام مع صحيفة "غارديان" البريطانية من تحول سوريا إلى ما يشبه "أفغانستان جديدة على ساحل المتوسط" وفق تعبيره.

وقد قال مسؤول تركي طلب من CNN عدم ذكر اسمه: "من غير المنطقي التفكير بأن تركيا - وهي دولة عانت من الإرهاب - قد تدعم أي مجموعة إرهابية. وفي حال التأكد من حصول عمليات التسلل عبر الحدود فسيكون علينا إعادة النظر في العملية برمتها، أي كافة مراحل التجنيد والسفر."

وأضاف المسؤول التركي أن الجماعات المتشددة تزداد قوة في داخل سوريا بسبب فشل المجتمع الدولي في معالجة الأزمة السورية مضيفا: "كلما استمرت الأزمة فإن قوة هذه الجماعات ستتزايد شهرا بعد شهرا."

ويبدو أن ما يخشاه المسؤول التركي قد بات أمرا واقعا، فمن مكان وقوفنا داخل الحدود التركية كان بإمكاننا تصوير منظر مفزع، يتمثل في علم لدولة العراق والشام الإسلامية يرتفع على بعد مئات الأمتار منا داخل بلدة جرابلس السورية، ما يعني أن التنظيم قد فرض سيطرته عليها.

مقال لمراسل CNN، نيك باتون وولش عن مشاهداته خلال إعداد تقرير عن عمليات تسلل المقاتلين الجهاديين إلى سوريا عبر الحدود التركية.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.