CNN CNN

رأي: هل تستعد إيران لرد ثأري ضد السعودية؟

السبت، 11 كانون الثاني/يناير 2014، آخر تحديث 01:01 (GMT+0400)

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- شكّل الهجوم الانتحاري المزدوج ضد السفارة الإيرانية في بيروت في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي صدمة لمن عرف عنه عبر وسائل الإعلام، ولكن العملية التي أدت إلى مقتل 23 شخصا كانت متوقعة بالنسبة للكثيرين.

منذ عام 2011 ازداد الجدل حول دور إيران في لبنان، فالهجوم - الذي أدى إلى مقتل دبلوماسي إيراني - كان على الأغلب عملية انتقامية ردا على تدخل تلك الدولة الشيعية الدينية في سوريا ودعمها للقمع الوحشي الذي يمارسه نظام الرئيس السوري بشار الأسد ضد شعبه المكون من غالبية سنيّة، فقد تمكنت قوات الأسد، المدعومة من إيران وحزب الله اللبناني التابع لها، من قتل أكثر من 130 ألف سوري، معظمهم من السنّة، خلال الأعوام الثلاث الماضية.

السؤال الحقيقي هو: ما الذي سيحصل لاحقا؟ أنا شخصيا أتوقع حصول تصاعد في العنف بالمنطقة.

المفارقة أن الاتفاق الأولي مع إيران سيزيد من خطر إقدام القيادة الدينية الشيعية في إيران على اتخاذ خطوات تؤدي إلى تفاقم الصراع المذهبي الإقليمي.

وبدون تجاهل الأجواء "الإيجابية" المحيطة بدور الرئيس "المعتدل" حسن روحاني، فإن لإيران تاريخ طويل من الأعمال الاستفزازية والسياسات الدموية في بعض الأحيان، خلال فترات الصراع الطويل مع الغرب. بل إن روحاني نفسه كان خلال حقبة الرئيس "المعتدل" هاشمي رفسنجاني أحد أعضاء مجلس الأمن القومي الإيراني في فترة اتهمت فيها إيران بتنفيذ عمليات كبيرة مثل الهجوم على المركز اليهودي في بيونس أيرس عام 1994 ومهاجمة مقرات لسلاح الجو الأمريكي في السعودية عام 1996.

كما أن حقبة الرئيس "الإصلاحي" محمد خاتمي كانت بدورها "مميزة،" ففي ظلها واصلت إيران سياستها بتوسيع نفوذها الخارجي ودعمت بقوة تنظيمات إرهابية فلسطينية. وفي عام 2000 اعتذرت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، مادلين أولبرايت لطهران عن بعض التصرفات الأمريكية، كما رفعت الحظر عن بيع منتجات إيرانية بينها الكافيار والفستق والسجاد، ولكن خامنئي رد بمواصلة بناء مفاعلة نتانز لتخصيب اليورانيوم، وقام بعد ذلك - بمساعدة سوريا - بإغراق العراق بعناصر تنظيم القاعدة من أجل مواجهة القوات الأمريكية التي دخلت ذلك البلد.

وعلى غرار مبادرات الوزيرة أولبرايت، يبدو أن إيران تنظر إلى الاتفاق الأولي مع الغرب حول برنامجها النووي على أنه ضوء أخضر جديد وضمانة بعدم فرض عقوبات أمريكية جديدة بحال قيامها بتصرفات مثيرة للمتاعب على جبهات أخرى، وذلك لسبب بسيط، وهو أن الإدارة الأمريكية قد استثمرت الكثير من الجهود السياسية والدبلوماسية من أجل إنجاح المفاوضات بحيث بات من الصعب تخيل المجازفة بإفشالها من أجل أمور أقل أهمية.

ويعني هذا بالتالي أن المملكة العربية السعودية، الحليف الصعب لأمريكا في الشرق الأوسط، ستصبح هدفا لإيران، فرغم البيان المنسوب إلى جماعة على صلة بتنظيم القاعدة تعلن فيه مسؤوليتها عن استهداف السفارة الإيرانية في بيروت إلا أنه من الصعب تصور أن إيران وحزب الله لن يحاولا الثأر لتفجير السفارة من خلال استهداف السعودية، الداعم الأكبر للسنة في سوريا ولبنان، وقد قام أمين عام حزب الله، حسن نصرالله، فعليا باتهام جهات تابعة للسعودية بتنفيذ الهجوم، دون أن يستبعد تعرض مصالح السعودية الدبلوماسية في لبنان أو خارجه للاستهداف.

وفي حال عمدت طهران إلى استهداف الرياض، فإنه ستزيد من حدة الصراع الذي يدور بالوكالة بين البلدين في سوريا في سوريا والعراق واليمن وتحويله إلى قتال دموي مزعزع للاستقرار في المنطقة، علما أنها ليست المرة الأولى التي تجد الرياض نفسها في مرمى الاستهداف الإيراني، ففي عام 2011 اتهمت أمريكا طهران بالوقوف خلف محاولة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن.

ورغم التصاعد في حدة الصراع بين السنة والشيعة فيه، وانتشار الجيش في مناطق التماس بين السنّة والعلويين بمدينة طرابلس الشمالية، إلا أن لبنان تمكن حتى الساعة من تجنب الوقوع في فخ الحرب الأهلية، وقد سعت القيادات السنية والشيعية في البلاد بعد موجة التفجيرات في معقل حزب الله بضاحية بيروت إلى تحميل إسرائيل مسؤولية العمليات.

ولكن تفجير السفارة الإيرانية والرد المتوقع من طهران على السعودية قد يهدد الاستقرار الهش في لبنان، وقد أصدر النائب اللبناني عن حزب الله، علي المقداد، بيانا في يوم التفجير قال فيه "الرسالة وصلت ونحن نعلم من أرسلها ونعلم كيفية الرد."

ويبدو بالتالي أن هناك "رسالة" قادمة من طهران باتجاه الرياض تتعلق بالوضع في لبنان وسوريا، وللأسف فإن تلك الرسالة ستترافق على الأرجح مع تصاعد في العنف المذهبي.

مقال للكاتب ديفيد شينكر، مدير برنامج السياسات العربية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى وهو يعبر عن رأي كاتبه ولا يعكس بالضرورة رأي شبكة CNN.



ترحب شبكة CNN بالنقاش الحيوي والمفيد، وكي لا نضطر في موقع CNN بالعربية إلى مراجعة التعليقات قبل نشرها. ننصحك بمراجعة إرشادات الاستخدام للتعرف إليها جيداً. وللعلم فان جميع مشاركاتك يمكن استخدامها، مع اسمك وصورتك، استنادا إلى سياسة الخصوصية بما يتوافق مع شروط استخدام الموقع.

الآراء الواردة أدناه لا تعبر عن رأي موقع CNN بالعربية، بل تعكس وجهات نظر أصحابها فقط.