أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- دعا الكونغرس الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، للتشاور معه حول سوريا، وكان له ما أراد.. فمسؤولية العملية ستقع مناصفة على كاهل الطرفين.

وفي هذا التقرير يتناول الكاتب الصحفي ديفيد فروم، بالتفصيل أربع أسئلة، قد تحتاج إلى النظر فيها بتعقل، قبل إطلاق أول صاروخ.

1- ماذا ستحقق الضربة؟

الحرب بين نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، وحزب الله وإيران، من جهة، والمليشيات المتشددة على غرار القاعدة، من جهة أخرى، ليس لأمريكا شأن بها.

إسقاط نظام الأسد، يعني حدوث ما يتعذر تجنبه - ترجيح كفة "الثوار.. نعم هناك فصائل أفضل من أخرى، لكن تبقى حقيقة أن أخطرها هي الفصائل المرجح سيطرتها على الوضع عند سقوط النظام.

ففي يونيو/ حزيران الماضي، تنازع فصيل "شرير" مع آخر معتدل حول أحقية السيطرة على منطقة، وانتهى الخلاف باغتيال المجموعة الأولى لأحد قادة الفصيل الثاني، وتعزيز سيطرته على المنطقة المتنازع عليها.

يدور معظم النقاش حول الضربة حول "كيف"؟.. ونغفل هنا عن أسئلة أكثر خطورة وإلحاحاً، وهي: لماذا؟.. ولمصلحة من؟

2- ماذا سيحدث تالياً؟

يومان من الهجمات بصواريخ كروز ليست بكافية لإحداث تغيير في موازيين القوى في الحرب الأهلية السورية.. لقد استغرق إسقاط النظام الليبي السابق المعزول، سبعة أشهر من القصف بجانب تقديم مساعدات عسكرية كبيرة للثوار.. الأمر يختلف بسوريا، فنظام الأسد يحكم قبضته على السلطة وله حلفاء دوليين أكثر.

هناك إمكانية استئناف الحرب الأهلية بسوريا بعد وقف الهجوم، ومن المرجح أن تستمر القوات الموالية للنظام في ارتكاب فظائع، كما أنه من المتوقع استمرار خسائر الثوار.
سيشاهد العالم نظام الأسد وهو يهز القبضة الأمريكية، وستعود الأسئلة المطروحة حيال "مصداقية" الولايات المتحدة لتلاحقنا، على نحو أكثر كثافة.

يعود جانب كبير من تفكير الإدارة الأمريكية اللجوء لصواريخ كروز، لفشلها المسبق في التدخل لصالح الثوار: تقديم مساعدات اغاثية من المواد الغذائية والأدوية أولا، تلاها اجهزة دعم عسكرية واتصالات، ثم أسلحة خفيفة، وفي حال إخفاق التدخل العسكري المحتمل في تحجيم قوات الأسد، فهذا يعني بان التدخل المقبل سيكون أكبر، مجدداً.

3- ما هي التكلفة؟

يجري الترويج لحملة سوريا بأنها "الأرخص" نسبياً، من حيث التكلفة المادية والبشرية،  دون اعتبار إلى "تكلفة الفرصة" التزام الرئيس ووزيري خارجيته ودفاعه، بجانب كبار المسؤولين بالإدارة، بحل الأزمة السورية، يأتي على حساب قضايا إقليمية ودولية أخرى لا تقل أهمية.

فمصر، على سبيل المثال، يبدو أنها تتجه نحو نزاع أهلي مشابه لسوريا، فمن الذي يعكف على تطوير خطط تساعد في تفادي مثل هذه النتيجة؟.. وكم من دعم واهتمام يوليه مسؤولون على مستو عال لهذا الشأن؟

4- هل من طريق آخر؟

يجادل مسؤولون بأن ضرب سوريا سيردع إيران، لكن إطلاق عدة صواريخ كروز على منشآت عسكرية في سوريا تبدو وسيلة غريبة لوقف نووي إيران. البعض بالولايات المتحدة يأمل في جر إيران إلى حرب بالوكالة، مكلفة وطويلة، إلا أن لدى أمريكا بالفعل حربين بالوكالة - أفغانستان والعراق - ولم تجري أي منهما على نحو جيد.

ما سار على نحو جيد بالتحديد، هي الحملة التي قادتها أمريكا للضغط اقتصاديا على إيران، من كان يتصور عام 2002، بأن إيران لن تتوصل إلى سلاح نووي بعد 11 عاما ودون أي هجوم عسكري أمريكي؟ لكن هذا ما حصل.

هناك درسا تعلمنا من هذا النجاح هو "الأوليات ثم الناس"، إذا أردت التعامل مع إيران فلك ذلك، وإذا أردت أن لا تنجرف، بكل الوسائل، نحو حرب أهلية سورية بين فصائل ليس أي منها صديق للولايات المتحدة، فأفضل سبل تحقيق ذلك عدم اتخاذ الخطوة الأولى، وأن حدث ذلك لا إراديا، فكن حذرا في الخطوة الثانية والثالثة والرابعة.

_______________________________

* فروم كاتب صحفي يكتب بشكل دوري لـCNN وصحيفة "ديلي بيست" وله 8 مؤلفات منها رواية "الأبطال" و"لماذا خسر رومني" وسبق أن عمل كمساعد خاص للرئيس الامريكي الأسبق، جورج بوش.

ويشار إلى أن المقالة لا تعكس بأي شكل من الأشكال موقف الشبكة وهي الآراء الخاصة بفروم.