الرئيس التنفيذي لـ"الصكوك الوطنية" الإماراتية لـCNN: الأغنياء هم الأقل توفيرا وعلى المسلمين التطلع لـ"الادخار الحلال"

اقتصاد
نشر
12 دقيقة قراءة
الرئيس التنفيذي لـ"الصكوك الوطنية" الإماراتية لـCNN: الأغنياء هم الأقل توفيرا وعلى المسلمين التطلع لـ"الادخار الحلال"
العلي خلال عرض نتائج المؤشرCredit: cnn

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قال الرئيس التنفيذي لشركة الصكوك الوطنية الإماراتية، محمد قاسم العلي، إن الإماراتيين ظلوا في صدارة شعوب الخليج على صعيد الموقف الإيجابي من الادخار، مستغربا تفوق الوافدين الأجانب على العرب في الإمارات لناحية التفكير في الادخار، وحذر من نمط الحياة الاستهلاكي الذي يعيشه عدد كبير من السكان، خاصة في ظل توفر برامج "ادخار حلال" كتلك التي تقدمها شركته.

مواقف العلي جاءت في مقابلة مع CNN حول تقرير "مؤشر الادخار 2014" الصادر عن الشركة التي تطبق الشريعة الإسلامية في تقديم المنتجات والخدمات المالية عبر صيغة "المضاربة" المتوافقة مع أحكام الشريعة وهي مملوكة بالكامل لمؤسسة دبي للاستثمار، الذراع الاستثمارية لحكومة دبي.

وكان من أبرز البيانات التي أظهرها المؤشر تزايد قبول فكرة الادخار بين الإماراتيين والعرب المقيمين بالإمارات، وإشارة من شملتهم الدراسة إلى العوامل التي يرون أنها تؤثر على الادخار والضغوط التي يرزحون تحتها، إلى جانب الفرص المتاحة لهم.

يشار إلى أن التقرير تناول عدة أسواق في المنطقة، وسيقوم موقع CNN بالعربية في وقت لاحق بتناوله بالتفصيل، ونبقى مع المقابلة الخاصة مع الرئيس التنفيذي لشركة الصكوك الوطنية الإماراتية، محمد قاسم العلي.

-ما هو تقييمكم للنتائج التي جاء بها المؤشر مقارنة مع العام الماضي؟

بقي الإماراتيون في صدارة شعوب مجلس التعاون الخليجي من حيث موقفهم الإيجابي حيال الادخار وتوقيته والرغبة في زيادة المدخرات للسنوات القادمة، كما حافظوا على مرتبة متقدمة من ضمن ساكني دولة الإمارات وتفوقوا على الوافدين العرب في النقاط المذكورة أعلاه. أما الوافدون العرب والغربيون والآسيويون فنلاحظ لديهم زيادة ملموسة في توجههم الايجابي نحو الادخار، ولكن من الغريب أن يتفوق الاسيويون والغربيون على العرب، فالوافد العربي الذي قدم للإمارات من أجل العمل عليه أن يدخر إلى أن تنتهي مدة عمله ويعود الى بلده، لكن الضعف في التخطيط المستقبلي لا زال عائقاً أمامه لتحقيق هذا الهدف.

بشكل عام نستطيع القول إن النتائج أكثر إيجابية من العام الماضي، وهذا يشير الى تنامي ثقافة الادخار وإدراك أهميته، ودليل على أن نشاطنا في التوعية بأهمية الادخار يسير في الاتجاه الصحيحولكن بعض نتائج المؤشر لا تزال تراوح مكانها، فيما تراجعت نتائج أخرى، مما يضعنا أمام مسؤولية تعزيز جهود نشر ثقافة الادخار والتواصل بشكل أكثر فاعلية مع الفئات التي أظهرت موقفاً حيادياً تجاه بعض النقاط التي تضمنها المؤشر. كما تشكل النتائج دافعاً لنا لابتكار برامج تشمل هذه الفئات وتلبي احتياجاتها وتتناسب مع مستوى دخلها وواقعها المعيشي.

-ما هي أهم التحديات التي كشفها المؤشر وتؤثر في مسيرتكم نحو تعزيز ثقافة الادخار؟

قرار الادخار وحده لا يكفي، ولا يتسم بالثبات اذا لم يكن مبنياً على ثقافات وقناعات تدعمه وتحافظ على ثباته. الثقافة السائدة في مجتمعاتنا اليوم هي ثقافة الاستهلاك، والمبالغة في هذا الاستهلاك لدرجة استنفاد الثروات الشخصية وهدرها، ويلعب السوق وشركات الإعلان ونمط الحياة الاجتماعية المبنية على التباهي بالصرف الزائد، دورا أساسياً في تفشي هذه الثقافة. مهمتنا نحن كاقتصاديين هي إحداث تغيير جذري في هذه الثقافة لأنها أصل السلوك، الثقافة الايجابية تعني بالمحصلة سلوكا ايجابياً والعكس صحيح، وعملية التثقيف بهدف خلق توازن بين الصرف وبين الادخار عملية طويلة وتراكمية ولا تتم بين ليلة وضحاها.

-أحد أهم الأسباب التي تخلق حالة التردد للبدء في الادخار، هو عدم المعرفة الكافية بمجالات استثمار الصكوك الوطنية، والخشية النمطية حيال عملية الاستثمار نفسه نتيجة تذبذب الأسواق؟

نحن جزء من المنظومة الاقتصادية لدولة الإمارات ومنتجاتنا متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وعلينا واجب المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية، وهذا شيء يجب أن يجعل المستثمر في الصكوك مطمئناً بأن مدخراته ستعود عليه بمنافع بعيدة المدى نتيجة لشراكتنا في المشاريع التي توفر فرص العمل وتنتج السلع والخدمات التي يحتاجها المواطن، خصوصا أننا نستثمر في المجالات المتوافقة مع الشريعة الاسلامية وبهامش مخاطرة منخفض جدا. كما أن جوهر فلسفة الصكوك يقوم على أساس توسيع مشاركة رأس المال المحلي الذي هو مال المدخرين في مشاريع التنمية، من ناحية، وحماية هذه الأصول من ناحية أخرى.

-تظهر نتائج المؤشر أن ذوي الدخل المرتفع أو المتوسط هم الأقل ادخاراً على عكس ذوي الدخل المحدود، كيف تفسر هذه الظاهرة؟

سبب هذه الظاهرة هو الوفرة في المال في فترة زمنية محدودة وهي شهر، أي المدة الزمنية الفاصلة بين راتبين، وسرعة دورة المال في هذه المدة القصيرة تنتج حسابات قصيرة الأجل، فيميل ذوي الدخل العالي أو المتوسط الى انفاق كل راتبهم أو معظمه لأن هذا المال سيتعوض بالكامل في نهاية الشهر، ما يبقي مدخرات هذه الفئة عند حدود الصفر أي في خانة الخطر الكامل إذا فقدت وظيفتها. هذه الفئة لا تملك المال حقيقة، وستظل أسيرة لدورة المال الشهرية هذه. ومع أن مؤشر الادخار يظهر أن فقدان الوظيفة هو أكثر ما يشغل بال الجميع، يبقى هذا القلق بلا جدوى إذا لم يلجأ الموظف إلى اقتطاع جزء معقول من راتبه للادخار من هنا بادرنا في الصكوك الوطنية إلى تصميم برنامج ادخار خاص بالموظفين وقد تجاوبت معه شركات كثيرة في القطاعين العام والخاص كما لمس الموظفون الذين اشتركوا في البرنامج نتائجه الايجابية على استقرارهم المالي والطمأنينة حيال المستقبل. أما السبب الآخر لهذه الظاهرة، فهو رغبة ذوي الدخل العالي أن يكونوا عند توقعات أصدقائهم وأهاليهم بمستوى مصروفات واستهلاك عالي، وهذا تجاوب سلبي مع المحيط يجب تجاوزه.

-بالرغم من كوننا نحيا عصر السرعة، الا أن الجميع يتردد في اتخاذ قرار البدء بالادخار، لماذا التأجيل في هذا القرار تحديداً

ما نحن عليه الآن هو نتيجة لجملة القرارات والسلوكيات التي اتخذناها في الأزمنة السابقة. هذه القاعدة تنطبق على كل شيء في حياتنا وخصوصاً على أوضاعنا المعيشية وأمننا المالي. لو بدأنا الادخار منذ زمن لكانت أوضاعنا اليوم أفضل بكثير، هذه حقيقة مؤكدة فلماذا تأجيل البدء بتخطيط مستقبلنا المالي وتأجيل البدء بالادخار وهدر الوقت وإضاعة مدة زمنية ادخارية قد نندم عليها لاحقاً؟ لو وجهت سؤالك للجميع:" لو بدأتم بتخطيط مستقبلكم المالي وبدأتم الادخار منذ سنوات، كيف ستكون حياتكم الآن؟" ستلاحظ أن الاجابات تتشارك في الندم على تأجيل هذه القضية المهمة في الحياة. نحن نقول عليكم البدء الآن لتعويض ما فاتكم أفضل بكثير من الندم على تجربة يجب الاستفادة منها وليس تكرارها طوال الوقت.

حسب نتائج المؤشر، القروض الشخصية وديون بطاقات الاتمان أكثر ما يثقل كاهل سكان الامارات، ما تعليقكم على هذه الحالة.

أثبتت التجربة أن القروض لا تحل مشكلة، بل تفتح باب المشاكل المتتالية التي قد تنجم عن إدمان القروض، لذا يجب التقليل منها الى الحدود الدنيا، ويمكن الاستعاضة عن القروض بعملية تعكس نتائج ومسار القرض وهي عملية الادخار المسبقة. فعندما يحين الوقت لشراء سيارة أو دفع نفقات تعليم أحد الأبناء على سبيل المثال، على المواطن أن يلجأ الى المدخرات التي راكمها لهذه المصروفات وليس للاقتراض، وهكذا يتحرر المواطن من أعباء الديون ومن الخسارة التي تنتج عن الفوائد.

لقد أصبح الحصول على المال سهلاً وسريعاً، فعملية الاقتراض اليوم عملية متاحة للجميع. أضف إلى ذلك أن ثقافة السوق الاستهلاكية أنتجت شخصية لحظية ومتسرعة، تتسم بعدم الصبر والانجرار وراء رغبتها في الانفاق، فإذا ارادت المال الآن ستحصل عليه فوراً، مما يغيب ثقافة الادخار والتخطيط المسبق لتأمين الاحتياجات المستقبلية

.لعديد من ذوي الدخل العالي يفضلون استثمار أموالهم على ادخارها، استناداً لتجربتكم ما هي النصيحة التي توجهونها لهذه الفئة؟

أثبتت التجربة أن الاستثمارات قصيرة الأجل وعالية المخاطر قد تتسبب في فقدان جزء كبير من رأس مال المستثمر، مما يعني خسارة محققة للمستثمر. وأثبتت أيضاً أن توسيع إطار المضاربات في الاسواق المالية بسيولة عالية وضخمة قد يضر على المدى البعيد باقتصاد السوق ويخلق أنواعاً مختلفة من التضخمات وفقدان قيمة العملة، وارتفاع أسعار العديد من السلع الخدماتية والاستهلاكية.

أما الاستثمارات طويلة الأجل وقليلة المخاطر مثل الاستثمار في العقارات مثلا، فتبقى الأفضل على المدى البعيد، ولكنها تحمل بدورها نصيبها من المخاطر مثل مخاطر السيولة، وهي عدم تمكن المستثمر من تسييل رأس ماله في الوقت الذي يحتاجه. أنا أنصح بالشكل الثاني من الاستثمار. ولتجاوز مخاطرة السيولة، يجب أن يلجأ المستثمر الى الادخار لتوفير السيولة في الوقت الذي يحتاجه بسهولة وأمان. ولتلبية احتياجات هذه الفئة، لدينا في الصكوك الوطنية برنامج "صكوك لأجل سنة واحدة"، الحد الأدنى لدخول هذا البرنامج مائة ألف درهم، وتمنح المدخر معدل أرباح 2.5 في المائة سنوياً، ويتيح هذا البرنامج للمدخرين إمكانية استرداد الأصول المالية للصكوك في أي وقت.

ورد في تقرير الاقتصاد الإسلامي لعام 2014، أن حجم إنفاق المسلمين على المنتجات الحلال يقارب 2 تريليون دولار. على ضوء هذا التقرير كيف تنظرون الى مستقبل الادخار في ظل تنامي ظاهرة الاستهلاك الحلال؟

من الطبيعي أن يكون حجم الإنفاق في الأسواق الإسلامية كبير جداً، فعدد المسلمين في العالم ينمو بشكل سريع ويقترب من 2 مليار نسمة، بالإضافة الى أن أعداد كبيرة من غير المسلمين يستهلكون المنتجات الاسلامية "الحلال". ولكن لو ألقينا نظرة على واقع البلدان الإسلامية، سنجد أن غالبية سكان تلك البلدان هي من الفقراء بسبب النزاعات وغياب سياسات التنمية، وهذا يعني ان 2 ترليون دولار " حجم الاستهلاك" ليس موزعاً بالتساوي على عدد المسلمين مما يشير الى وجود أنماط استهلاكية مفرطة تمارسها الأقلية مالكة الثروات. الخشية هنا أن تحمل مفردات وتعابير مثل "الاستهلاك الحلال" رسائل ملتبسة للمتلقي، وأن تفهم كونها تشجيع على الاستهلاك الحلال. مهما كانت طبيعة أو مسمى السوق، يبقى ضبط النفس والموازنة بين النفقات والمدخرات واجباً تمليه الضرورة لتوفير حياة آمنة ومستقرة. ولا ننسى أنه الى جانب المنتجات التي توفرها الصناعات الحلال، هناك برامج ادخار حلال يجب الاضاءة عليها بشكل يوجه المسلمين وغير المسلمين نحو زيادة استعمالها لموازنة الاستهلاك.