اللذة في تفسير الهزة التي ضربت لبنان فجر الأحد

منوعات
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير علي شهاب
اللذة في تفسير الهزة التي ضربت لبنان فجر الأحد
زائرة تنظر إلى قطعة فنية مصنوعة من النفايات يتم عرضها خلال "معرض الفن الاستثنائي" في أسواق بيروتCredit: JOSEPH EID/AFP/Getty Images

..اللهم إني أعوذ بك من العمق السطحي.

الثانية عشرة والنصف من بعد منتصف الليل بتوقيت بيروت المحاصرة بانقطاع الماء والكهرباء وتهديدات داعش.

هزة أرضية بقوة أربع درجات على مقياس ريختر تضرب الساحل السوري ولبنان وشمال فلسطين.

وكأن خروج كل المنتخبات التي شجعتها في كأس العالم لا يكفي.

وكأن المصائب التي تتوالى على حارة الضبع لا تكفي.

الأرض تهتز تحت أقدامنا يا سادة.

وبحسب الفكر السائد في الشرق الأوسط هذه الأيام، فأنا أخشى أننا امام واحدة من هذه الفرضيات.

-        الهزة هي تعبير الأرض عن مبايعة أبي بكر البغدادي خليفة للمسلمين. وأي تعبير أرقى من الهز والرقص أمام هكذا أمر جلل؟ وعلى رأي الممثل المصري سعيد صالح في مسرحية "العيال كبرت": "هو ده فن برضو يا رمضان؟".

-        الهزة هي غضب الطبيعة على خروج المنتخب الإيطالي الحبيب من المونديال. وقد ذكر العلامة "ابو الشمقمق البرازيلي" في كتابه الى خليفة المسلمين هذه الحادثة حين قال "نزل في ريو دي جانيرو أقوام غلاظ شداد، أتوا من جهة بلاد الرومان من محلة يقال لها ايطاليا..ما فيهم إلا مجاهد ثائر فوطأوا أرضنا واستباحوا بيضتنا... وعلى يمين قائدهم فتى وقعُ خطاه في الأرض كالزلزال يقود سفينتهم في كل مرسي، أحسب اسمه دي روسي". ثم أردف "ابو الشمقمق" : "إنه يوم عظيم ، ومحفل جسيم، فيا ليت شعري كم من فائز قد قرّت عينه بالفاينال والكأس، وكم من خائب عاد يجرّ ذيول الخيبة واليأس".(يمكنكم قراءة كامل الملحمة الكروية على صفحتي على الفايسبوك.)

-        الهزة هي انتقام الطبيعة للفساد المستشري في "باب الحارة"، خاصة بعد الكشف عن العلاقة العاطفية التي تجمع شوكت – الملقب بأبي عصام – بالممرضة الفرنسية نادية.

-        الهزة هي أحد أوجه "الربيع العربي" الذي كان وزير الطاقة الاسرائيلي الحالي سيلفان شالوم أول من حذر منه قبل سنتين بالاشارة الى انه "زلزال الشرق الأوسط..وعلى الغرب أن يتعظ".

-        الهزة، التي شعر بها ملايين البشر، هي الاجابة الطبيعية على نداء الاستغاثة الذي أطلقتُه بالطلب الى السماء أن تمنحني موضوعا أكتب عنه! لله دري. لقد تفوقت على نفسي في هذه الفرضية.

طبعا لن اذكر انزلاق الصفائح التكتونية داخل القشرة الارضية ضمن الفرضيات. دعكم والهرطقات العلمية ولنستمتع بما ابتلانا الله به في هذا الجانب الظلامي من الكوكب.

وبما اننا في عصر التأويل والتفسير، لنتوغل قليلا في فهم دينامية الهزة وتأثرها بالديالكتيك المرتبط بأسطورة "سائق التاكسي الصامت" وتكاليف الحياة عموما. (الرجاء ممن فهم الجملة السابقة مراجعة مختص نفسي في اسرع وقت ممكن.)

وبما ان الشيء بالشيء يُذكر، تقول إحدى أساطير الهنود الحمر انك اذا لم تستطع النوم فهذا لأنك مستيقظ في حلم شخص آخر. وإذا صحت هذه النظرية، فأنا حاليا في جولة مكوكية على أحلام عشرات الأشخاص؛ ذلك أني عاجز تماما عن النوم بعد مرور أربع ساعات من وقوع الهزة.

آه كم أرهق نفسي. لا يجب البحث دائما عن أجوبة، فالأشياء الرائعة هي تلك التي ليس لها تفسير.

كما ان كل الأمور حصلت من قبل، ولكن البشر ضعاف الذاكرة بشكل مُذهل.

لقد وجدتُها (أوريكا على رأي أرخميدس): نحن حاليا في مرحلة الزلازل، وفي طور الانتقال الى مرحلة اعادة مشهد طوفان نوح؛ وهو في الحقيقة اسلوب مبدع ومبتكر في تدمير البشرية.

وسيخرج علينا مذيع الأخبار آنذاك ليقول: "أسعد الله اوقاتكم أعزائي المشاهدين في الشرق الأوسط..زلزال سيضربنا يليه طوفان وسنموت جميعا..نتمنى لكم أمسية هادئة".

هَانَت. كل هزة وأنتم بخير.

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.