لماذا لا أريد أن أصبح كاتبة "الخمسمائة كلمة" ؟

منوعات
نشر
4 دقائق قراءة
لماذا لا أريد أن أصبح كاتبة "الخمسمائة كلمة" ؟
Credit: JOHN MACDOUGALL/AFP/Getty Images

بقلم ليلى سلامة

(CNN) -- رغم أن الإحصائيات التي صدرت مؤخراً عن مؤسسات عربية، خلال العام الحالي، أظهرت مدى تحسن علاقة القارئ العربي بالكتب في السنوات الأخيرة، إلا أنه ما زال هناك أزمة حقيقية في قراءة المؤلفات المنشورة باللغة العربية.

وأثبتت آراء عدة للعاملين في مجال الإعلام، وتحديداً من بينهم محررين في مؤسسات صحفية، وخصوصاً "الإلكترونية" منها ، أنّ القارئ العربي ليس قارئاً يتمتع بصحة جيدة، فضلاً عن ضعف حاسة البصر لديه والتي لا تحتمل قراءة أكثر من خمسمائة كلمة. وتوصلت بعض المؤسسات الصحفية إلى هذه النتيجة من خلال تطبيق خاص بها يستطيع تعداد الكلمات التي يتمكن القارئ من قراءتها في المقالة الواحدة، إذ وجدت أن القارئ العربي لا يقرأ أكثر من 500 كلمة.

واستناداً إلى تلك النتيجة، شعرت بأزمة مؤلمة جداً بأن أكون كاتبة ما يسمى بالمقال القصير ذو الخمسمائة كلمة فقط. وأصبحت ملمة ببعض التفاصيل التي تجعل القارئ العربي يميل إلى قراءة الكتب بلغات أخرى، وخصوصاً تلك التي تسوقها دور النشر الأمريكية ببراعة، ما يجعل مؤلفيها أشهر من نار على علم. ومن بين تلك التفاصيل:

من المؤكد أنّ المؤلف العربي إنسان ذو تجربة عميقة، والمؤلفات التي تنشر باللغة العربية ليست هشة أو ركيكة، ولكن قلة الموارد المالية وعدم جدية دور النشر في بذل جهد حقيقي في تنقيح المادة الأدبية وتحريرها بدقة يعد بمثابة عائق رئيسي أمام جذب اهتمام القارئ العربي.

ومن الجدير بالذكر أنّ من أولويات الإنسان العربي هو التفكير يومياً بحقه في الغذاء قبل أن يفكر بممارسة حقه المعرفي ومصاحبة الكتاب ومن ثم تغذية خلايا دماغه بالمعرفة، خصوصاً أن قيمة الكتاب المادية في الدول العربية، تصل إلى 50 مرّة أعلى مقارنة بالدول الغربية.

 وأنا "إنسانة عربية" في أحد الأيام وقبل عدة أعوام، كنت أفكر دائماً بأنّ مصروف الجيب يكفيني فقط لدفع أجرة المواصلات العامة وتناول فطيرة زعتر، ولذا كنت أمرّ دائماً أمام كشك الثقافة العربية في وسط العاصمة الأردنية، عمان، لأمتع نظري بمشاهدة الكتب. وكنت أقف لساعة أو ساعتين أسترق النظر إلى العناوين وأقرأ بعض الصفحات حتى أتمكن من تصنيف نفسي بقارئة "أتمتع بصحة جيدة." واليوم، أقتني ما يزيد عن 500 كتاب تركتها دون راعٍ في منزل أهلي.

ولا بد من القول إن البعض يعتبر اقتناء الكتب جزءاً من تصميم الديكور الخاص بالمنزل، ما يضيف مظهراً جمالياً على المكان، ما يجعل الكتاب يفقد روحه وحقه بأن يتصفحه أشخاص آخرين من المهتمين.

وتعتبر حقوق الملكية الفكرية والأدبية من بين العوائق "الإيجابية" التي تحول دون قدرة القارئ العربي الشرائية على اقتناء الكتب وقراءتها، ولكن كل من عرف شارع المتنبي للكتب المستنسخة في بغداد، وأسواق الكتب المستعملة في ولاية كولورادو الأمريكية وغيرها من الأماكن حول العالم، فإنه بالتأكيد انتهك تلك الحقوق حتى يمارس حقه في المعرفة.

ولا أستطيع أن أنهي هذه القطعة قبل أن أشيد بدور والدي الذي علّمني وحفّزني على القراءة منذ صغري، علماً بأني كنت أقرأ الصحف وأنسخها لتعلّم فن الخط والإملاء في عمر السادسة.

وهكذا، انتهيت من كتابة مقالة "الخمسمائة كلمة" وما زال لدي الكثير لأخبر القارئ العربي به حول صحته المعرفية والأدبية، وكيف يمكنه انتزاع حقه في المعرفة.

*المقالة تعبر عن رأي كاتبتها ولا تعبر بالضرورة عن رأي CNN.

نشر