رأي... ونجح عساف مجددا في تقديم فن ذي بعد إنساني بجدارة.. هذه المرة من مصر

منوعات
نشر
3 دقائق قراءة

المقال بقلم الزميلة: سامية عايش، (الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر لـ CNN)

لم أزر مصر في حياتي، إلا أن ما أراه من صور وأفلام ومسلسلات وما أعرفه من أصدقاء وزملاء مصريين أو زاروا "أم الدنيا" كوّن في ذهني مخيلة لهذا البلد الجميل، جعله يحتل قائمة الدول التي أرغب يوما بزيارتها.

فمن منظر النيل الكبير، إلى الشوارع المزدحمة، والباعة هنا وهناك، مرورا بالآثار العريقة، والأزقة والمقاهي الشعبية والراقية، وانتهاء بالملامح المصرية السمراء، وخفة الدم، والتي يشوبها في بعض الأحيان قهر وغضب من مصاعب الحياة، كلها ملامح تجسدت لتعكس الصورة المصرية، وهي ليست بالضرورة الصورة السياحية الجميلة التي نراها في مكاتب الطيران، أو مواقع الرحلات والسفر.

مؤخرا، أطلق النجم الفلسطيني محمد عساف أحدث أغنية مصورة، أو فيديو كليب، تم تصويره في القاهرة، وتميز برحلة عساف في الشوارع بين الناس، يشاركونه الغناء، ويشاركهم مأكولاتهم الشعبية، وحفلاتهم، وجلساتهم في المقاهي، في صورة تجلى فيها الواقع المصري بأجمل صوره.

هذه الأغنية تحسب نقطة إضافية لهذا المغني الشاب، فرغم أن تجربته بالوصول إلى برنامج المواهب "أراب أيدول" عبر مصر كانت شاقة، لم ينس عساف أن له جمهورا كبيرا يحبه، ولأجل هذا حملت أغنيته جانبا إنسانيا لمصر وأهلها أصبحنا نفتقده بين نشرات الأخبار والصور ومقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي.

منذ فترة، قدمت مجموعة من الفنانين المصريين والعرب أغنية مشتركة لمصر حملت عنوان "مصر قريبة"، ومن أبرز من شاركوا فيها أنغام، ومحمد منير، ومحمد هنيدي، ونوال الكويتية، وغيرهم. جال المشاركون في الأغنية في أماكن متعددة من القاهرة بدت معظمها مناطق لفئة معينة من الشعب والزوار، كما أن المستهدف من هذا الفيديو كليب (الذي بدا دعائيا أكثر منه فنيا) لم يكن سوى الزائر القادم إلى مصر من دول الخليج.

رأيت في فيديو كليب محمد عساف رسالة أقوى وأجمل عن مصر، لأنني كنت قادرة على تذوق "الكشري" وهو يضيف الزيت والبصل إليه، وكنت أشعر بالحماسة في داخلي وأنا أراه وبكل عفوية يسير في الأزقة والمارة يراقبونه، كما أنني شعرت الأغنية والفيديو قريبان من القلب لأن عساف لامس واقع البسطاء والشباب في هذه الدقائق القليلة من عمر الأغنية.

مرة ثانية، يثبت عساف ذكاءه الفني في التعامل مع أغنياته، فليس من الضروري أن يحمل العمل الفني الذي يقدمه هذا الشاب الفلسطيني بعدا وطنيا واضحا وجليا، بل الأكثر ضرورة أن يشعر المشاهد والمتابع لهذا الفن أنه يجد نفسه في مثل هذه الأغنيات، وأن من يقدمها لم يأت بها من عوالم أخرى لا تمت للواقع الذي يعيشه بصلة.

شخصيا، أرى أن ما قدمه محمد عساف في أغنيته "أيوة حغني" يمكنه أن يحل مكان ألف حملة إعلانية للسياحة في مصر أنفق عليها الكثير، ويمكن أن يجذب المهتمين بزيارة مصر، ويشجعهم على القدوم إليها.