مهرجان مراكش السينمائي يتحدى ظلمة المكفوفين ويبيد العتمة عن خيالهم

منوعات
نشر
5 دقائق قراءة
مهرجان مراكش السينمائي يتحدى ظلمة المكفوفين ويبيد العتمة عن خيالهم
Credit: FIFM

ماجدة بوعزة/ مراكش، المغرب CNN – ينفرد مهرجان مراكش الدولي للسينما عن غيره من المهرجانات العالمية بتخصيصه لبرنامج خاص بالمكفوفين وضعاف البصر، وهي المبادرة التي انطلقت منذ ثماني سنوات، لتحتل فقرة المكفوفين مكانة خاصة ضمن البرنامج العام للمهرجان الذي تجري أطواره حاليا بمدينة مراكش.

"الفكرة كان منبعها سعيد أومعزو، المرّوض الطبي المكفوف، الذي اقترح فكرة المشروع على المهرجان وتولى مهمة التنسيق مع المسؤولين عنه"، يقول رشيد الصباحي، الإعلامي المغربي المكفوف وواحد من أهم المنظمين للمبادرة في تصريحات لـ CNN بالعربية، الذي أكد أنه منذ اقتراحها على إدارة المهرجان، لاقت فورا القبول ودعمها الأمير مولاي رشيد، لتصبح عادة وفقرة رئيسية إلى غاية هذه الدورة.

وأكد الصباحي أن للمبادرة جانبين أساسيين، الأول اجتماعي يتجلى في إدماج المكفوفين اجتماعيا وتقريبهم من المشهد الثقافي والسينمائي، والثاني جانب التعريف بالتقنية واستفادة المكفوفين منها، وهم عادة فئة المكفوفين القادرين على الاستيعاب، ويكون عددهم 80  كفيفا يأتون من مدن مغربية مختلفة بالإضافة إلى ما يناهز 40 آخرين من مراكش، يستفيدون من عرض 7 أفلام سنويا، بينها فيلم مغربي واحد.

وقد تكلفت القناة المغربية الثانية "دوزيم" منذ بدء المبادرة بتنسيق العمل مع إدارة المهرجان من أجل إعداد أفلام حديثة من بلدان متعددة بتقنية الوصف السمعي، وتكلف بذلك هذه السنة إعلاميين مغربيين، محمد عمورة وعزيزة العيوني، كما أعد المهرجان برنامج الأفلام بطريقة برايل، وخصص طاقما خاصا لاستقبال المكفوفين والاعتناء بهم طيلة مدة تواجدهم بمراكش، مبرمجا سبعة أفلام بتقنية الوصف السمعي، بيتها فيلم مغربي واحد.

إيجابيات تقنية الوصف السمعي

"هي فكرة معروفة على الصعيد العالمي، لكن نافذتها إلى العالم العربي كانت المغرب، الذي كان سباقا في استعمالها سينمائيا"، يقول محمد عمورة، الإذاعي المغربي الذي ذاع صيته في مجال التنشيط، والذي تكلف بمهمة الاشتغال على سيناريوهات الأفلام بتقنية الوصف السمعي لفائدة مبادرة المهرجان.

عمورة أكد في تصريحات لـCNN  بالعربية كون "تقنية الوصف السمعي" لا تفيد الشخص المكفوف فقط، بل في بعض الأحيان تجعل الفرجة أكثر متعة حتى بالنسبة للأشخاص المبصرين، وتمنحهم فرصة لاكتشاف أشياء جديدة في الفيلم الذي سبق أن شاهدوه، فهذه الكتابة تأتي لتكمل ما أراد المخرج إيصاله للجمهور، يقول عمورة.

رأي المكفوفين لا يختلف عما شرحه المتخصص في الكتابة بهذه التقنية، فالإعلامي المكفوف رشيد الصباحي، أكد أن هذه التقنية تشبع رغبة المكفوفين وتجعلهم مستقلين عن المرافق الذي يجب أن يشرح لهم ما يحصل، فهي كتابة مضافة للسيناريو لتصف أدق التفاصيل التي لا يمكن للمكفوف معرفتها، متمنيا أن تتحرك الدولة في اتجاه تعميم التجربة على الأقل في قطب الإعلام العمومي، وهو الأمل الذي كبر بعد أن وعد وزير الاتصال المغربي، مصطفى الخلفي، بالتنصيص على ضرورة إنتاج بعض الأفلام بهذه التقنية في دفاتر التحملات الخاصة بالقنوات الوطنية المقبل.

جوق العميين... الهدية التي راقت المكفوفين

كان عرض جوق العميين أكثر العروض السينمائية التي حظيت بحفاوة كبيرة من جمهور المكفوفين المستفيدين من حضور فعاليات المهرجان ومن برمجته الخاصة، وهو الفيلم الذي أنتج السنة الماضية فقط، والذي يحكي قصة فرقة موسيقية تدعي العمى، لتتمكن من الاشتغال في أعراس العائلات المغربية المحافظة، في قالب كوميدي لا يخلى من الدراما التي تسرد معاناة الفرقة وتضيء جوانبا من مسيرتها.

وقد اعتبر مخرج الفيلم، محمد مفتكر، أن عرض "جوق العميين" في هذا المهرجان ولهذه الفئة بالضبط أمر جد مهم ومفرح بالنسبة له، لما لذلك من طعم خاص، مؤكدا أن هذا العرض يعتبر في نظره تكريما لهذه الشريحة وأيضا تكريما لروح الفنان المغربي الراحل محمد البسطاوي، الذي أبدع فيه في دور رئيسي ولم يتمكن من مشاهدته.