بين اليمن والعراق وسوريا.. هذه بداية ترامب المتعثرة في الشرق الأوسط

الشرق الأوسط
نشر
9 دقائق قراءة
بين اليمن والعراق وسوريا.. هذه بداية ترامب المتعثرة في الشرق الأوسط
Credit: TIMOTHY A. CLARY/AFP/Getty Images

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- تعهد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالقضاء على ما وصفه بـ"التطرف الإسلامي" وإزالته "من على وجه الأرض"، وقال إنه يريد أن "تبدأ الولايات المتحدة بالفوز في الحروب من جديد،" لكن بدايته في الشرق الأوسط كانت متعثرة.

إذ تقوم الولايات المتحدة والعراق بالتحقيق فيما إذا كانت غارت جوية لقوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا، في مدينة الموصل قد أسفرت عن مصرع أكثر من مائة شخص في 17 مارس/ آذار الحالي. إذا كان ذلك صحيحاً قد يكون يُشكل أكبر عدد من خسائل الأرواح المدنية التي سببها التحالف منذ أن بدأت الغارات ضد تنظيم "داعش" في عام 2014.

لكن الموصل ليست مصدر القلق الوحيد لترامب في المنطقة. ويجرى حالياً التحقيق في مقتل أكثر من 80 مدنياً في سوريا، يُزعم أن التحالف الدولي تسبب فيها. كما استقطبت غارة اليمن انتقادات واسعة النطاق لترامب، إثر انتهائها بمقتل ما لا يقل عن 23 مدنياً وجندياً في البحرية الأمريكية.

كل ذلك وقع في تسعة أسابيع من تسلم ترامب منصبه.

وتُكثف الولايات المتحدة عملياتها في هذه الصراعات وفي العراق وسوريا، حيث عززت وجودها على الأرض.

كما خففت إدارة ترامب بالفعل من قواعد البعثات ضد الإرهاب في أجزاء من اليمن، مما سمح للبنتاغون بتنفيذ المزيد من العمليات دون إذن من البيت الأبيض. ويناقشون فعل الشيء نفسه في ليبيا والصومال.

وهناك مخاوف من أن يؤدي هذا التخفيف في السياسة إلى إزالة طبقة من الضوابط والإجراءات، ما يؤدي إلى زيادة الوفيات من المدنيين.

إليك ما حدث حتى الآن:

العراق

خلال الأيام الثلاثة الماضية سُحبت 112 جثة من تحت أنقاض المنازل المدمرة غرب الموصل حيث تُكثف القوات العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من قتالها لطرد مقاتلي "داعش" من المدينة. ويُعتقد أن أغلب القتلى من المدنيين.

لكن التشوش كان يحوم السبب في انهيار المنازل.

في البداية، ألقى المسؤولون المحليون باللوم على غارة جوية شنتها قوات التحالف يوم 17 مارس / آذار الجاري.

ولكن منذ ذلك الحين تم طرح عدة نظريات.

اعتقد الجيش العراقي عند قيامه بالفحص الأولي للموقع أن "داعش" فجر سيارة مفخخة. ثم قال رئيس وحدة مكافحة الإرهاب العراقية في الموصل إن غارة جوية أمريكية أصابت السيارة المفخخة، ما تسبب في انفجارها.

النسخة الصحيحة من الأحداث لا تزال غير معروفة، ولكن السلطات الأمريكية والعراقية بدأت التحقيقات في الحادث.

ولم ينف التحالف أو يؤكد ما قاله الجيش العراقي، قائلاً إن التحقيق لا يزال جارياً.

وقال جو سكروكا، المتحدث باسم التحالف لـCNN، الاثنين، إن "وفاة المدنيين الأبرياء في الحرب مأساة فظيعة، بصرف النظر عن العدد."

إن الحرب ضد داعش باتت الآن في مرحلة حرجة، وحتى مع العناية الفائقة، من المتوقع أن يرتفع عدد الضحايا المدنيين، وفقا لمجموعة "Soufan"، وهي شركة استشارية للمخاطر.

ونشرت المجموعة مذكرة، الاثنين، جاء فيها: "مع تقلص ساحة المعركة وتكثيف القتال، فإن الجهود الرامية إلى تحقيق الهدف الحاسم المتمثل في تدمير داعش بشكله الحالي.. والحتمية الأخلاقية لحماية حياة المدنيين وممتلكاتهم.. سيشكل ذلك موازنة على الأغلب ستُرجح كفة الأولى على حساب الثانية."

قوات التحالف تستهدف في ذات الوقت داعش في الموصل وفي قلب الرقة في سوريا، وإدارة ترامب تكثف وجود أمريكا في الدولتين.

وعلى سبيل المثال، ارتفع عدد مستشاري التحالف الذين يدعمون هجوم الموصل في الأشهر الأخيرة. وفى الشهر الماضي قال المتحدث باسم التحالف، الكولونيل جون دوريان، إن قرابة 450 مستشاراً أمريكياً كانوا في العراق. وقال مسؤول دفاعي أمريكي لـCNN مؤخراً، إن العدد ارتفع منذ ذلك الحين من خلال عمليات نشر أخرى بـ"المئات".

سوريا

كما يحقق الجيش الأمريكي في تقارير تفيد بسقوط عشرات القتلى المدنيين في سوريا يُزعم أن غارات التحالف الدولي تسببت فيها.

وذكرت تقارير محلية أن أكثر من 40 شخصاً لقوا مصرعهم وأصيب العشرات في غارة جوية شنتها القوات الأمريكية في 16 مارس/ آذار في شمال سوريا على مسجد.

كما بدأ الجيش الأميركي تحقيقاً رسمياً في غارة جوية في 16 مارس/ آذار في شمال سوريا حيث ذكرت تقارير محلية أن أحد المساجد تعرض للقصف وقُتل ما لا يقل عن 40 شخصاً. وقال البنتاغون إنه لم تقع أي إصابات بين المدنيين في غارة 16 مارس، رغم أن العديد من تقارير وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت صوراً لإخراج جثث من الأنقاض.

وينفي الجيش الأمريكي استهدافه مكاناً للعبادة، مدعياً أن الغارة التي وقعت على طول حدود محافظتي إدلب وحلب لم تُصب سوى مبنى يبعد نحو 40 قدماً عن المسجد، الذي قيل إن أعضاء تنظيم القاعدة كانوا يعقدون اجتماعاً فيه.

وفي 22 مارس/ آذار، وفقا لنشطاء محليين، قُتل عشرات الأشخاص عندما أصابت غارة جوية مدرسة كانت مأوى لللاجئين الفارين من داعش بالقرب من الرقة.

وقال سكروكا لـCNN إن "هذه القضية قيد التقييم حالياً". وأضاف: "لم نتمكن بعد من تحديد صحة الادعاء."

وفي إشارة أخرى إلى وجود أمريكا الأكبر في النزاع، شن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأسبوع الماضي هجوماً جوياً غير مسبوق في سوريا لاستعادة سد حيوي قرب الرقة من داعش.

إذ بدأ مقاتلون في سوريا، هجوماً أرضياً كبيراً، بدعم من قوات أمريكية، لاستعادة "سد الطبقة" قرب مدينة الرقة، حسبما أخبر مسؤول أمريكي شبكة CNN.

وقال مصدر عسكري إن قرابة 500 جندي أمريكي نُقلوا جواً خلف خطوط العدو. ودعمت مشاة البحرية الأمريكية الهجوم، عبر إطلاق النار من مدافع "الهاوتزر M777"، إلى جانب الدعم الجوي الوثيق، بما في ذلك الغارات الجوية التي نفذتها مروحيات "أباتشي".

اليمن

وقد تكون الغارة العسكرية الأمريكية في اليمن بداية لمصائب ترامب في الشرق الأوسط.

إذ وافق الرئيس على العملية التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 23 مدنياً، بينهم نساء وأطفال. كما توفي جندي في البحرية الأمريكية في العملية. وأصيبت طائرة هليكوبتر تبلغ قيمتها 75 مليون دولار بأضرار بالغة أثناء هبوط صعب توّجب تدميرها.

وأكد البيت الأبيض أن الغارة كانت ناجحة وساعدت في جمع معلومات استخباراتية هامة حول تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية".

لكن بعض المحللين ومعارضي ترامب قالوا إن الغارة كانت متخبطة، وكانت تدل على الموقف المتهور للحكومة الجديدة تجاه المدنيين.

وقال السيناتور الجمهوري، جون ماكين، الذي يرأس لجنة الخدمات العسكرية في مجلس الشيوخ: "لن أصف أي عملية تؤدي إلي فقدان أرواح أمريكية بالناجحة."

وقد أثارت الغارة اليمنية والقرار الخاص بتخفيف الإجراءات للحصول على موافقة لتنفيذ مهمات مكافحة الإرهاب، مخاوف من أن إدارة ترامب قد تفعل الشيء نفسه في بلدان أخرى.

وقال مسؤول عسكري أمريكي رفيع المستوى لـCNN، إنه رغم مراجعة القواعد الخاصة بكيفية السماح لتنفيذ الضربات، إلا أنه لم يكن هناك قدر أكبر من التسامح أو القبول بوقوع خسائر من المدنيين حتى وإن تم تحديد الهدف بسرعة.

وقال أفضال أشرف، وهو زميل زائر في مركز أمن النزاعات والإرهاب التابع لجامعة "نوتنغهام"، إن هذه التغييرات يمكن أن تكون إيجابية في بعض الظروف وسلبية في حالات أخرى.

وأَضاف: "إنه جيد إن سمح لاتخاذ القرارات بسرعة، لذلك إذا وجد الجيش ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA) هدفاً، فإن هذه الأهداف غالبا ما تظهر فقط لدقائق، وليس هناك وقت للذهاب إلى الرئيس وطلب الإذن بتنفيذ الضربة."

وتابع أشرف: "من ناحية أخرى، فإنه يمنع التدقيق في صنع القرار، وفي معظم الحالات، فإنه من الجيد أن يكون هناك وجهة نظر منفصلة من خارج الجيش للطعن في صحة المخابرات، وإذا لم يكن لديك هذا التحدي، تؤخذ عوامل أخرى بعين الاعتبار."