تحليل: الكثير من السوريين سيموتون وكلمات التعاطف ترن بأسماعهم

الشرق الأوسط
نشر
4 دقائق قراءة
تحليل: الكثير من السوريين سيموتون وكلمات التعاطف ترن بأسماعهم
Credit: afp/getty images

مقال لمراسل الشؤون الدولية لدى CNN، بن ويدمان

بيروت، لبنان (CNN) -- الحرب في سوريا استهلكت كل التعابير القصوى الممكنة، أسوأ يوم، أسوأ شهر، أسوأ سنة، وأسوأ من أي وقت مضى. كما فشلت الكلمات بوصف تدمير هذه الأرض القديمة بتاريخها الجميل.

قصفت الطائرات الحربية السورية والمدافع في الأيام القليلة الماضية، المنطقة المعروفة باسم "الغوطة الشرقية" خارج دمشق. وكانت الغوطة الشرقية تحت سيطرة المتمردين وتحت الحصار منذ عام 2012.

وأدى القصف الذي تنفذه قوات النظام إلى مقتل أكثر من مائة شخص في يوم واحد الاثنين الماضي، بمن فيهم الكثير من الأطفال، وذلك وفقا لمجموعة متنوعة من الجماعات التي اتصلت بها شبكة CNN.

بالمقابل، تذكر وكالة الأنباء العربية السورية الرسمية "سانا" دوريا مقتل أشخاص في دمشق نتيجة قصف بقذائف مدفعية وهاون من الغوطة الشرقية. وتقول الوكالة إن القوات السورية ترد على الهجمات "بضربات دقيقة".

ودفعت الأحداث منظمة اليونيسف، صندوق الأمم المتحدة للطفولة، إلى إصدار بيان فارغ ترأسه ببساطة عبارة "الحرب على الأطفال في سوريا: تقارير عن وقوع إصابات جماعية بين الأطفال في الغوطة الشرقية ودمشق"، كما يحتوي على جملة واحدة أن "أي كلمة لن تنصف الأطفال الذين قتلوا أو أمهاتهم أو آباءهم أو أحبائهم".

وفي أسفل الصفحة، تفسير توضيحي: "تصدر اليونيسف هذا البيان الفارغ، ولم يعد لدينا كلام لوصف معاناة الأطفال وغضبنا."

وتساءل "هل لا يزال لدى هؤلاء الذين يسببون المعاناة كلمات لتبرير أعمالهم الهمجية؟" وتواصلت CNN، مع المسؤولين في دمشق لمعرفة ردة فعلهم.. ولكن لم يعلقوا.

ووفقا للتراث الشعبي المحلي - كانت الغوطة، التي كانت في يوم من الأيام واحة مترامية الأطراف في ضواحي دمشق - هي جنة عدن. وعندما كنت أعيش في دمشق منذ سنوات عديدة، ذهبت بشكل منتظم مع والدي وأصدقائهم في نزهات هناك وتذكرت الجلوس في الظل البارد قرب قنوات الري، ولعب طاولة النرد تحت الأشجار المثقلة بالفاكهة. ولكنها اليوم تبدو وكأنها المكان الأرضي الأكثر شبها بالجحيم.

ويعتقد كل من تحدث مع CNN من الغوطة الشرقية أن القصف الحكومي هو مقدمة لهجوم كبير تدعمه روسيا لسحق القوى المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد. ولا يوجد شيء لوفقه على الإطلاق.

أما الغرب، بقيادة الرئيس السابق للولايات المتحدة باراك أوباما، فقد أيد بقوة دون اندفاع، الجهود الرامية إلى إسقاط نظام الأسد، دون أن يمتلك في نهاية المطاف الجرأة لفعل ذلك، وقام الغرب، وحلفائه في دول الخليج العربية بتزويد المعارضة بأسلحة تكفي لمحاربة النظام دون أن تكون كافية لإسقاطه.

وبحلول الوقت الذي تدخلت فيه روسيا لإنقاذ حليفتها السورية في سبتمبر/ أيلول 2015، كانت الولايات المتحدة مشتتة جدا بسبب الحرب على "داعش". ومنذ ذلك الحين، استعادت الحكومة في دمشق كل مدينة حلب، وهي تتقدم ببطء باتجاه العدد القليل من الجيوب المتمردة المتبقية، بما في ذلك الغوطة الشرقية.

ولا شك، بما يسمى "المجتمع الدولي" سيعرب عن قلقه إزاء سفك الدماء، والعديد من السوريين سيموتون، مع كلمات التعاطف التي ترن في آذانهم.