كيف رد ولي عهد السعودية محمد بن سلمان على تركيا وما "ينساه الكثيرون" بملف اليمن؟

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)—أثار حوار ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، تفاعلات واسعا بعد تطرقه لعدد من الملفات الحساسة تتضمن إيران والسودان واليمن ورده على تصريحات المتصاعدة لمسؤولين أتراك في قضية مقتل الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، في حوار أجراه مع صحيفة الشرق الأوسط.

تركيا:

قال ولي العهد السعودي: "فيما يتعلق بتصريحات بعض المسؤولين الأتراك تجاه المملكة، فالمملكة بوصفها حاضنة الحرمين الشريفين تسعى لأن تكون علاقاتها قوية مع كل الدول الإسلامية، بما فيها تركيا، وهذا أمر مهم لمصلحة المنطقة بشكل عام والعمل الإسلامي المشترك بشكل خاص. ونحن في المملكة نعمل على خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما وتحقيق أمن واستقرار وطننا ورخاء شعبنا، وليس الدخول في مناكفات تضر مصالح وطننا والعالم الإسلامي. ونحن ماضون في تحقيق هذه الأهداف من دون التفات لما يصدر من البعض لأسبابهم الداخلية التي لا تخفى على أحد".

وأكد بالقول: "جمال خاشقجي هو مواطن سعودي، ولا شك أن ما تعرض له أمر مؤلم ومؤسف، ولقد اتخذنا في المملكة الإجراءات كافة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة، وتمت إحالة المتهمين إلى القضاء. والقضاء في المملكة سلطة مستقلة ليس لأحد التدخل فيها، ونحن نواجه أي حدث بحزم ومن دون تردد، وباتخاذ الخطوات الكفيلة بتحقيق العدالة وإصلاح مكامن الخلل ومنع تكرار الأخطاء من دون أن نلتفت لأي مزاعم واتهامات من هنا أو هناك".

اليمن:

قال ولي العهد السعودي: "ينسى كثيرون، أو يتناسون، كيف بدأت الأزمة في اليمن. عمليات التحالف بدأت بعد أن استنفد المجتمع الدولي كل الحلول السياسية بين الأطراف اليمنية والميليشيا الحوثية. ولابد من التذكير هنا بأن المملكة هي رائدة الحل السياسي، وهي التي قدمت المبادرة الخليجية وعملت على تحقيق انتقال سياسي سلمي في اليمن في عام 2011، ودعمت الحوار الوطني، وقدمت أكثر من 7 مليارات دولار دعماً اقتصادياً وتنموياً لليمن بين أعوام 2012 و2014. وكانت جهود المملكة منذ عام 2011 تهدف إلى تحقيق انتقال سياسي سلس في اليمن بما يحافظ على استقلال اليمن وسيادته وتماسك مؤسساته السياسية والأمنية، منعاً لدخوله في حالة الفوضى. وبالفعل وقعت الأطراف اليمنية في الرياض على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية. واشتركت كل الأطراف اليمنية، بما في ذلك الحوثيون، في الحوار الوطني اليمني الشامل. وبكل أسف قامت إيران من خلال الميليشيات التابعة لها بتعطيل المسار السياسي في اليمن، والبدء باحتلال المدن اليمنية والاستيلاء على مقدرات الدولة اليمنية، وقد أعطت المملكة كل الفرص لمعالجة الوضع بشكل سلمي، لكن إيران كانت تراهن على سياسة فرض أمر واقع عبر السلاح في الدول العربية، وللأسف لم يتصد المجتمع الدولي آنذاك لنهج إيران التوسعي والطائفي، ولذلك استمرت عبر ميليشياتها في محاولة بسط سيطرتها على اليمن. لكن الشعب اليمني وقف هو وقيادته موقفاً تاريخياً أمام هذا التدخل الإيراني، ولم نتأخر مع أشقائنا دول التحالف في المسارعة إلى الاستجابة للحكومة الشرعية لحماية اليمن وشعبه، وحماية أمننا الوطني، فلا يمكن أن نقبل في المملكة بوجود ميليشيات خارج مؤسسات الدولة على حدودنا.."

واردف: "لله الحمد تم تحرير معظم أراضي اليمن، وقد دعمنا الجهود كافة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية. ولكن للأسف، ميليشيا الحوثي تقدم أجندة إيران على مصالح اليمن وشعبه الكريم، ورأينا مؤخراً الهجوم الحوثي الإرهابي الآثم على المنشآت النفطية ومطار نجران، وتبجح القيادات الحوثية في تبنيه، وهو أمر يثبت مرة أخرى أن هذه الميليشيا لا تأبه بمصالح الشعب اليمني، وبأي مسار سياسي لحل الأزمة اليمنية. أفعالهم تعكس أولويات طهران واحتياجاتها، وليس صنعاء.. موقفنا في التحالف فيما يتعلق بإنهاء الأزمة اليمنية واضح جداً، فنحن نؤيد جهود التوصل لحل سياسي وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2216 والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل، ونقبل مشاركة الأطراف اليمنية كافة في العملية السياسية، ولكن وفق ما نصت عليه المرجعيات الثلاث. فلن تقبل المملكة استمرار الميليشيات وبقاءها خارج مؤسسات الدولة، وسعياً لتحقيق هذا الهدف النهائي، سنواصل عملياتنا ودعمنا للشعب اليمني في سعيه لحماية استقلاله وسيادته مهما كانت التضحيات. وفي الوقت نفسه ستواصل المملكة عملها على الصعيدين الإنساني والاقتصادي، وفي مجال إعادة إعمار المناطق المحررة، فهدفنا ليس فقط تحرير اليمن من وجود الميليشيات الإيرانية، وإنما تحقيق الرخاء والاستقرار والازدهار لكل أبناء اليمن".

السودان:

تطرق ولي العهد السعودي للملف السوداني، قائلا: "يهمنا كثيراً أمن السودان واستقراره، ليس للأهمية الاستراتيجية لموقعه وخطورة انهيار مؤسسات الدولة فيه فحسب، ولكن نظراً أيضاً إلى روابط الأخوة الوثيقة بين الشعبين. لقد كان إخواننا وأخواتنا من السودان - ولا يزالون - جزءاً من نسيجنا الاجتماعي، أسهموا مساهمات مشهودة في مسيرتنا في مختلف المجالات. ولن ندخر جهداً في المملكة لتحقيق الاستقرار والأمن للسودان وشعبه الكريم. لقد عبرنا في المملكة عما تم اتخاذه من إجراءات تصب في مصلحة الشعب السوداني، وقدمنا كجزء من واجبنا تجاه الأشقاء في السودان، حزمة من المساعدات الاقتصادية، إضافة إلى إيداع مبلغ 250 مليون دولار في البنك المركزي السوداني. سنستمر في موقفنا الداعم لأشقائنا في مختلف المجالات حتى يصل السودان لما يستحقه من رخاء وازدهار وتقدم".