الشباب والموقف السياسي الـ"فيسبوكي"

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
تقرير جاد شحرور
الشباب والموقف السياسي الـ"فيسبوكي"
Credit: PATRICK BAZ/AFP/GettyImages

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- يطرح السؤال نفسه، هل باع الشباب اللبناني حريتهم؟ أم أن الإرهاب السياسي، جوعهم، وأجبرهم على بيع كل ما تبقى من حرية وكرامة وإخلاص لوطن يحاول مراراً وتكراراً حضن أحلامهم...

يبرع الشاب اللبناني في حل شبكة الكلمات المتقاطعة، وكلمة السر وجميع الألغاز داخل المجلة السياسية، التي ندعوها وطن، أي "لبنان"، حيث تتخبط الآراء عامودياً وأفقياً، وتختبئ النعارات الطائفية داخل تصريحات أحد الزعماء السياسيين، ويأتي لغز المجتمع المدني، وأحجياته عن دولة القانون، وحرية التعبير، وما من هنالك من جمل كلاسيكية تتحدث عن دولة مثالية، يستحيل وجودها، على الأقل في عصرنا الحالي.

يشغل الحدث السياسي اللبناني نسبة 80 في المائة من وقت الشباب اللبناني عموماً، والمدونين والناشطين السياسيين خصوصاً، حيث تشكل مواقع التواصل الاجتماعي حلبةً للمنافسة السياسية -- جاد شحرور ، أبرز هذه المنافسات غالبا ما تكون على أرض الفيسبوك، وتنقسم الآراء إلى ثلاث فئات: الثامن من آذار، الرابع عشر من آذار والناشطين السياسيين، حيث تنعكس هذه الاصطفافات على نسبة فرص العمل، وخصوصا تلك المعنية بالإعلام المرئي والصحافة.

يمكننا أن نسمي هذه المنافسة السياسية بـ"المشكل الفيسبوكي"، وقد أصبح هذا المشكل، أكثر إثارة من هيفاء وهبي، لا بل تخطى إثارة كيم كردشيان... حيث، أصبح من السهل إثارة النعرات الطائفية والسياسية على مواقع التواصل الاجتماعي، وبطبيعة الحال هناك "مشكل" يومي على جدران الفيسبوك اللبناني، أبرز هذه المشاكل التي أنتجت جدلاً أثار غضب الشباب اللبناني بحسب مواقفهم السياسية:

. التقارب الإيراني الأمريكي

. حب السيدة فيروز لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.

. مبارزة وسام سعادة مع موقع جنوبية على خلفية ستاتوس (Status) يخص عادات وتقاليد أهالي الجنوب اللبناني.

. وفاة ماجد الماجد.

. دعم المملكة العربية السعودية للجيش اللبناني.

. الحصول على جزء من وثيقة إخراج قيد بانفجار الضاحية الأخير.

. طرد مفتي الجمهورية الشيخ محمد قباني من جامع الخاشقجي، أثناء تشييع الشهيد محمد الشعار.

. قضية  SUKLEEN

تنقسم الآراء السياسية حول هذه المواضيع بحسب الانتماء السياسي، لكن لشدة تأزم الوضع السياسي اللبناني، يكاد ينقرض الصوت المستقل في لبنان --جاد شحرور ، حيث أن بعض المدونين المعروفين، يخضعون لا شعورياً، تحت راية الانقسام السياسي بين الثامن من آذار والرابع عشر من آذار... وتصبح الكلمة المشتركة بين الآراء السياسية الثلاث " ما تجربونا "، حيث يجتمع الشباب اللبناني على التهديد.

بطبيعة الحال لا يمكن لأي شاب منتمي أو يتبنى آراء الرابع عشر من آذار أن يحظى بفرصة عمل في المجال الإعلامي مع المحطات التلفزيونية التي تبغض سياسة فريق "الرابع عشر من آذار"، والعكس صحيح.

حيث يجب على طالب العمل أن يقوم برقابة فيسبوكية على صعيد تصريحاته، حيث النشاط الفيسبوكي، ممكن أن يكون بطاقة عبور لفرصة عمل، أو شارة نهاية لقطع أمل التوظف في إحدى الشركات...

والمضحك المبكي، أنه بعد عدة أيام، تتفق القوى السياسية، وتبقى حرارة التهديد موجودة أونلاين (online)، أي أن المطبخ السياسي دائماً يطهو على نار هادئة، حتى في قمة الأزمات، أما الشعب دائماً ما "يصفر كطنجرة ضغط ..." -- جاد شحرور

ومؤخراً برزت عدة تصريحات من مدونين وناشطين سياسيين يتهمون فيها فريق الرابع عشر من آذار عموماً وتيار المستقبل خصوصاً، حول قضية "سوكلين" مطمر النفايات في منطقة الناعمة. حيث أن التلوث البيئي أيضاً أصبح سببه تيار المستقبل. إلى الآن التهم عادية، والخبر أكثر من عادي، لآنه إتهام سياسي، يوظف في كل مناسبة، والرابع عشر من آذار تقوم بذات الحيلة عندما تسمح لهم الفرصة. ولكن ما المميز بالأمر؟

للأسف، فإن بعض المدونين أصبحوا أبواقا لفريق سياسي، ونستطيع أن نطلق تسمية جديدة وسط كل هذا النشاط السياسي المفعم بالشباب، وهو " مدونو 8 آذار " و" نشطاء 14 آذار "، و "المجتمع المدني الزائف" الذي ينتظر مناسبة  لكتابة ملف وتقديمه إلى الجهات المانحة، تحت عناوين مكررة حول دعم الشباب ودعم انخراطهم في إنماء الوطن.

ومثل آخر، وأعتبره من أكثر الأخبار جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو تصريح السيدة فيروز، حيث تصارع "الممانعون" و"الدواعش"، ونعني بـ "الممانعون" الأشخاص اللذين يناصرون المقاومة الإسلامية ونظام بشار الأسد، و"الدواعش" كل الأشخاص اللذين يعارضون فكر "الممانعون". وأسوأ ما في الأمر أننا لطخنا صوت السيدة فيروز، بنعراتنا السياسية، المتقلبة يومياً، أي أننا سخطنا نعمة الخلود، إلى أرض "مرور الكرام"، وكانت شعلة الخلاف كلمة " أحب" .

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه جاد شحرور ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.