الديمقراطية.. حلم مصر الجميل في الأيدي الخطأ

الشرق الأوسط
نشر
8 دقائق قراءة
الديمقراطية.. حلم مصر الجميل في الأيدي الخطأ
أنصار الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي يرفعون علامة الأصابع الأربعة خلال تظاهرة ضد الانقلاب العسكري، في ميدان التحرير في الأول من كانون الأول/ديسمبر العام 2013 في العاصمة المصرية القاهرة.Credit: MAHMOUD KHALED/AFP/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- خلع الرئيس المصري السابق محمد مرسي، وهو أول رئيس للبلاد منتخب ديمقراطيا، من منصبه في العام 2013، واعتقل عقب احتجاجات واسعة وعرائض تدعو إلى إسقاطه. وبينما وصفه معارضوه أنه كان طاغية يحاول فرض القيم المحافظة، شبه أنصاره إطاحته بالانقلاب، وضرب الحركة الديمقراطية المصرية التي أطاحت بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في العام 2011. ومع استمرار التظاهرات العنيفة في البلاد، أجرت شبكة CNN مقابلة مع الفنان والموسيقي والناشر علام واصف للتحدث عن وجهة نظره حول تطور الديمقراطية في مصر.

CNN: لقد قلت أن الديمقراطية ليست شيئا تحصل عليه، وإنما تهدف إليه. هل يجب أن تكون الديموقراطية دائماً الهدف، ولماذا لا يمكن أن تتحقق؟

واصف: في كانون الأول/ديسمبر العام 2013، وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تناقش الدستور الذي يهدف إلى تحقيق أحلام ثورتها، أدركنا أن وجود دستور جيد، ليس غاية في حد ذاته.

ما سيحقق أحلامنا بالفعل، هو ضمان أن كل مادة من مواد الدستور ساري المفعول سيتم تنفيذها واحترامها. ومن دون هذه الضمانات، والتزام جميع الأطراف المشاركين في هذه العملية، فإن أي دستور لن يكون أكثر من حبر على ورق.

والأمر ذاته ينطبق على الديمقراطية. ليس هناك من شيء خطأ بالديمقراطية. نحن، البشر، نجعلها صحيحة أو خاطئة، وغالبا ما نتنازل أمام أشكال ضعيفة من الديمقراطية.

وفي مصر، نحن سمحنا بأن يسيطر الفساد، وخدمة مصالح الأشخاص في السلطة، ومصالح الدول الأخرى التي تصف نفسها بالديمقراطيات الكبيرة. وما زال الإيمان بالديمقراطية في مصر: حلم جميل في أيدي "المنفذين" الخطأ، الجيش والشرطة، والطبقة السياسية الضعيفة، والحلفاء الدوليين الذين هم عبارة عن أنظمة استبدادية، أو ديموقراطيات ذات معايير مزدوجة.

CNN: متى تعتقد أن مصر كانت أقرب إلى الديمقراطية، ولماذا لم تكن قادرة على الحفاظ على ذلك؟

واصف: مصر، كانت أقرب إلى الديموقراطية في كل مرة، يقول أي من مواطنيها "لا" لأمر تصفه شرعة حقوق الإنسان بالظلم. والديمقراطية هي فعل.

ورغم أنها ليست متاحة حتى الآن، فالمرء ينفذها في حياته الخاصة. قد يذهب إلى السجن، ويتعرض للتعذيب والتحرش الجنسي. وفي الواقع، العديد من الأشخاص تعرضوا لذلك، بما في ذلك عدد من لناشطين المصريين العلمانيين البارزين والمناضلين من أجل الحرية.

وحصل اعتقال هؤلاء خلال فترة صياغة الحكومة الانتقالية للدستور المثالي، وتأسيس الأرضية للديمقراطية في مصر. وهم دليل حي على أن عبارات الديمقراطية أو الدستور لا معنى لها من دون ضمانات لتنفيذها، ما يعني وجود الأشخاص الصحيحين الذين يتعهدوا بتنفيذها.

CNN: كيف تنظر إلى دور الفرد في دولة ديمقراطية، ولماذا؟

واصف: إن الفرد من المحتمل أن يكون أكثر قوة من جيش كامل الأهلية، وفقط إذا كان هذا الفرد يأخذ وقته لمعرفة أن كل ما يحدث في بيئته المباشرة هو مسؤوليته أو مسؤوليتها المباشرة، واجب وحق.

 لسبب ما، يبدو أن التواصل الذي يلزمنا "بحقنا ومسؤولياتنا في التصرف بناء على تحديد مصيرنا" قد انقطع أو ربما ببساطة أصبح مخدرا.

 وخلال بدايات الثورة المصرية، حصلنا على الفرصة لمعرفة كيف تبدو الحياة وما إحساسها عندما يقطع هذا التواصل.  

 لم نعد مخدرين، استيقظنا، أقوياء، ببساطة لأننا أعدنا التواصل بقوة مع بعضنا البعض، وبيئتنا المباشرة، واحتياجاتنا، ومسؤولياتنا، تجاه بعضنا البعض.

أما ما كان مدمراً عاطفيا، كان هذا التضامن الذي ظهر بشكل طبيعي كمشروع اجتماعي وطريقة عمل على جميع المستويات. لقد اختبرنا نسخة موسعة من المعنى من وراء أن تكون الضرائب، والعقود الاجتماعية والتضامن مؤيدة على الورق.

كنا أفراداً، في بيئة كان لا بد من الاعتناء بها، ولا بد من تقاسمها مع الآخرين، وجميعنا في التضامن وافقنا على العناية بها وببعضنا البعض.

أيا كان ما كسر هذا التضامن، فقد كان بمثابة صفعة لنا على وجهنا. واختبرنا بكل قوة، صناعة الكراهية والانقسام في العمل.

وشاهدنا وسائل الإعلام التي يتم السيطرة عليه، والشركات والمؤسسات الفاسدة، والشرطة، والروايات المسيئة التي تحاك على أساس نظريات المؤامرة.

 واعتمد أسلوب غسل الأدمغة للأطفال، الذين لقنوا أن التفكير النقدي هو غير وطني، والسياسيين الفاسدين والعديد من أنظمة السلطة، بما في ذلك شبكات الترفيه، التي أرادت أن تفرق بيننا، واستمرار شعورنا بالخوف، وفي حالة من التبعية.

إن استدامة مثل هذه الأنظمة يمكن فقط ضمانها، من خلال الشعور بالخوف والتبعية وعدم التمكين السياسي.

أما اليد الخفية، وليست فقط واحدة، أصبحت واضحة جدا ولا تنسى. ونراها من خلال العمل في الوقت الراهن.

CNN: ما المطلوب في مصر الآن، وكيف لجماعات مثل حركة الميدان الثالث أن تؤثر على التغيير؟

واصف: من المثير للاهتمام أن نرى اسم "حركة الميدان الثالث" مكتوبة هنا، بعد عدة أشهر من إنشائها وتبخرها. وتعتبر الحركة بمثابة رد فعل إذ تلتها العديد من ردود الفعل الأخرى مثل حملة "كن مسموعا" وغيرها.

هذه حقا ظاهرة، أعتقد أنه يجب أن نكون على علم بها. هذه الجماعات ليست أحزابا، أو حركات مستمرة.

كان هناك بلورة من الأفكار التي جسدها عدة مئات من الأشخاص الذين تجمعوا ثلاث أو أربع مرات في مساحة مادية، والتي بلغ صداها في وسائل الاعلام الاجتماعية عشرات الآلاف، وتحولت رسالتها إلى حملة أخرى من قبل أشخاص آخرين أو انخرطت في خطاب أحد السياسيين.

ورغم أن انخراط الشباب في الحياة السياسية كان سيؤدي إلى إنشاء الأحزاب والتشكيلات السياسية التقليدية، إلا أن هؤلاء من الواضح أنهم مترددين للغاية للقيام بذلك.

 وربما نحن ببساطة لا نؤمن بمثل هذه النماذج. وأعتقد أن هذا التردد العنيد "للتوافق" هو آلية للدفاع عن النفس.

 وفي الواقع، في بيئة فاسدة وسيئة النية، حيث أن أولئك الأشخاص الذين يدعون بالدفاع عنك، هم أنفسهم الذين يلقون القبض عليك، فإن رد الفعل الطبيعي لحماية الذات الجماعية، هو بعدم التركيز أبدا على القوة في مجموعة واحدة (أي الحزب)، ولكن اعتماد أسلوب يتضمن الرشاقة والحركة، في أي مكان وفي كل مكان.

 ألم يدفع السياسيين في المدرسة القديمة ثمن الرغبة في إنشاء حزب منظم؟

أما جبهة الخلاص الوطني فهي موضوع سخرية، بسبب العديد من حملات التشهير التي تحركها الدولة ضدها، وأيضا بسبب عدم أهميتها الجوهرية.

CNN: ما هو طموحك لمصر، وكيف كنت تخطط لتحقيق ذلك؟

واصف: إن مصر هي موضوع مثير للاهتمام، وأنا متأكد من أن بلدان أخرى هي كذلك أيضاً. ومصر جزء لا يتجزأ من النظام العالمي . ما يحدث في الصين وفرنسا وأوكرانيا سوف يؤثر على حياة المصريين.وبالمثل، فإن أي شيء يحصل في مصر، ويتحدى النظام العالمي سيكون لديه أصداء في أماكن أخرى كثيرة ، إذا لم يكن في كل مكان.

إن طموحي، إذا كان لدي عصا سحرية، هو أن نقتنع جميعنا بعدم وجود شيء نخافه، وعن مسؤوليتنا تجاه سعادتنا وشقائنا.

*يذكر أن الآراء الواردة تعبر عن وجهة نظر صاحبها وليس بالضرورة عن وجة نظر شبكة CNN.