رأي: دقت ساعة إنهاء زواج الأطفال وإعادة البراءة لفتيات اليمن

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
رأي: دقت ساعة إنهاء زواج الأطفال وإعادة البراءة لفتيات اليمن
طفلان يمنيان يرتديان ملابس الزفاف التقليدية خلال عرض أزياء في إحدى المدارس في العاصمة اليمنية صنعاء في 22 مارس/آذار العام 2012.Credit: MOHAMMED HUWAIS/AFP/Getty Images

(CNN) -- طوال مسيرتي كطبيبة سافرت من جبال اليمن إلى صحاريها. ولقد رأيت بأم العين ماذا يحدث عندما تلد الأمهات الصغيرات أطفالاً آخرين، ورأيت شواهد القبور للفتيات اللواتي فارقن الحياة بسن صغيرة لأنهن تزوجن في سن صغيرة جداً أيضاَ.

أما اليمن فهو واحدة من بلدين فقط في العالم لا يوجد فيهما تشريعات ترتبط بالحد الأدنى لسن الزواج.

ويوجد حالياً فرصة لتحديد سن الزواج وحماية الفتيات الصغيرات اللواتي يتم تزويجهن بسن التسع سنوات، من خلال حوار وطني لتأسيس دستور جديد.

وبينما أطالب بإنهاء زواج الأطفال في اليمن، أتذكر أفضل صديقة لي في المدرسة، إذ كنا دائماً نتحدث عن مستقبلنا وما أردنا أن نكون عندما نكبر. وكان لدينا طموحات كبيرة، كما يجب أن تطمح جميع الفتيات الصغيرات. وكانت صديقتي أذكى فتاة في الصف. وكل شيء بدا ممكناً.

ولكن، بعدما بلغت سن الـ 13 عاما، طُلب منها أن تترك المدرسة للتحضير لحفل زفافها. وانتهت أحلامها. وانتابنا جميعاً شعور بالإستياء. وما زلت أتذكر يوم زفافها ومحاولتنا أن ندعمها. وكان هذا يوم حزين بالنسبة إلينا جميعاً، ومقارنة صارخة بالعديد من الفتيات اللواتي يتذكرن يوم زفافهن بأنه أسعد يوم في الحياة. 

ولقد كنت محظوظة، إذ كان والدي يرفضان فكرة تزويجي بسن مبكر. وكانا بمثابة جدار حماية لي، يحميني من ضغط جميع الناس في مجتمعي الذين قالوا أنه يجب أن أتزوج. ولقد عقدا العزم على أن أحظى بمستقبل أكثر إشراقا.

وبينما استمريت بدراستي، وأصبحت طبيبة، فإن صورة من حفل زفاف صديقتي بقيت دائما معي. ويوجد الكثير من الفتيات في بلدي اللواتي ليس لهن الحق أن يرفضن بالقول: "لا، أنا لا أريد هذا الرجل أو هذا النوع من الحياة." أما، صديقتي فانتقلت إلى مكان بعيد جداً، ولم نبق على اتصال.

وتعتبر قصة صديقتي ليست غير مألوفة، إذ تقدر الأمم المتحدة أن واحدة من بين ثلاث فتيات في اليمن تزوجن قبل سن الـ 18 عاماً. وفي جميع أنحاء العالم، يوجد حوالي 14 مليون فتاة يتزوجن في مرحلة الطفولة سنوياً.

الحق في الاختيار

التفكير في جميع الفتيات في بلدي اللواتي يجبرن على الزواج، ويفقدن شخصياتهن، وسعادتهن، وينصاعن فقط إلى ما يطلب منهن القيام به، هو ما يدفعني إلى الأمام في عملي.

وغالباً، لا يتحدث الأطفال العرائس عن ذلك، ولكنهن يعانين. وقد أظهرت دراسة أجريت مؤخرا في اليمن أن الفتيات اللواتي أخذت حقوقهن بهذه الطريقة، لا يغفرن لذويهن، ويصبح هناك انهيار في العلاقات الأسرية.

كطبيبة، يمكنني أن أرى المضاعفات التي تعاني منها الفتيات الصغيرات، عندما يعطين الحياة قبل أن تصبح أجسامهن جاهزة لذلك. أما حملة "فتيات ولسن عرائس،" فتعتبر بمثابة حملة يقوم بها المجتمع المدني ضد زواج الأطفال. وتجدر الإشارة، إلى أن الفتيات تحت سن الـ 15 عاماً، هن عرضة خمس مرات أكثر، للوفاة خلال الولادة.

ويذكر أن اليمن لديها واحد من أعلى معدلات وفيات الأمهات في العالم، وفقا لتحالف الشريط الأبيض، إذ تموت امرأة واحدة، من بين 90 امرأة، خلال عملية الولادة في بلدي. ولا يمكن أن أحتمل استمرار مشاهدة، الفتيات الصغيرات اللواتي يتخلين عن حياتهن، واضرارهن لإعطاء الحياة في سن صغيرة جداً.

ويجب علينا أن ندعم فتياتنا ونسائنا، من خلال توفير أفضل الرعاية الصحية للأمهات، والوصول إلى تنظيم الأسرة والإجهاض الآمن.

ويجب أن نعمل معا لإنهاء الزواج المبكر حتى يتسنى لجميع الفتيات أن يخترن متى ومن هو الشخص الذي يطمحن إلى الزواج منه، ويصبحن قادرات على إنهاء تعليمهن، وتعزيز أواصر العلاقات التي تعتبر مهمة جدا بالنسبة إلينا، مع أصدقائنا وعائلتنا.

ونحن نعرف كيفية إصلاح هذه المشاكل. ويمكننا معالجة العديد من القضايا إذا عالجنا موضوع الزواج المبكر.

ومن خلال شراكتنا مع تحالف الشريط الأبيض في اليمن والعديد من النشطاء الآخرين، قمنا بحملة لوضع سن آمن للزواج. ومنذ الانتفاضة في العام 2011، فإنه يجري صياغة دستور جديد في بلدي.

وهذه هي الفرصة لوضع حد أدنى لسن الزواج. ولكنها تعتبر نافذة ضيقة من الفرص.

وفي كثير من الأحيان، فإن الفتيات لا صوت لهن، ولا خيار، ولا قدرة على الوصول. وأنا لدي التصميم على مساعدتهن في الحصول على مستقبل أفضل.

ورغم أن صديقتي لم تحقق حلمها، إلا أنه من خلال إنهاء زواج الأطفال، يمكننا التأكد من أن الفتيات في اليمن وحول العالم يحققن أحلامهن.

* الدكتورة نوال با عباد، طبيبة يمنية، والتي من خلال شراكة مع تحالف الشريط الأبيض في اليمن، ساهمت بشن حملات من أجل وضع قانون ضد زواج الأطفال في اليمن.

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.