القمة العربية .. الحلول تأتي لاحقا

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
تقرير ياسر الغسلان
 القمة العربية .. الحلول تأتي لاحقا
أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال القمة العربية التي انتهت الأربعاءCredit: YASSER AL-ZAYYAT/AFP/Getty Images

انعقدت القمة العربية الأخيرة في العاصمة الكويتية وسط أجواء مليئة بالتوتر وفقدان الثقة بين القادة العرب مع كثير من المجاملة والدبلوماسية وربما شيء من الأمل بتحقق معجزة غير منظورة تعيد المياه لمجاريها بين الدول العربية المتخاصمة، فالأجواء التي أحاطت مصافحة أمير قطر بكل من ولي العهد السعودي والرئيس المصري تم التعامل معها في الصحافة العربية بشيء من المبالغة من حيث كونها كما رأت الصحافة يؤشر لاحتمالية فتح أبواب لمصالحة قريبة بين الأطراف، وهو ما استبعده الكثير من المتابعين والمقربين من الوساطة الكويتية الذين لا يرون الأمر بذات التفاؤل، خصوصا وأن أمير الكويت لن يكون قريباً من أوساط العمل السياسي في الفترة القريبة القادمة نظرا لعودته لمواصلة فترة النقاهة والعلاج التي قطعها من أجل ترؤسه لأعمال القمة والتي احتضنتها بلاده.

إلا أن إعلان الكويت الصادر بعد انتهاء القمة والذي تضمن الكثير من البنود العامة والمتفق عليها في قمم سابقة أشار بشكل واضح إلى أن الكويت ستقوم خلال فترة ترؤسها على وضع خريطة عمل لرئاسة القمة وذلك لإيجاد آليات لتنقية الأجواء والمصالحة والاستمرار في الحوار بين العواصم العربية وحتى عقد قمم مصغرة أو استثنائية لحل الأزمات المتراكمة في المنطقة.

أفتحت القمة وفي ذهن القائمين عليها هدف واحد كما بدا للكثيرين وهو خروجها بأقل الأضرار والتركيز فقط على القضايا التي تشهد شبه اتفاق رغم صعوبة إيجاد ذلك وسط التفاوت في المواقف والآراء بما فيها ذلك تلك القضايا التي كانت وإلى عهد قريب تتسم بشبه اتفاق حولها وتحديدا المواقف من شرعية الائتلاف السوري كممثل شرعي ووحيد للثورة السورية إلى جانب مفهوم العنف والإرهاب و الذي بدوره شهد إعادة صياغة واختلاف بين الدول بعد القرارات الأخيرة التي أصدرتها السعودية والتي وضعت جماعات مثل الإخوان المسلمين وحزب الله ضمن قوائمها كجماعات إرهابية وهو ما اختلفت عليه كما يبدو دول مثل قطر وليبيا والمغرب والتي تتبنى سياسة إخوانية داخلية أو داعمة لها خارجيا.

كما هو الحال في كل قمة عربية فإن القضية الفلسطينية تبقى القضية الافتتاحية التي إعتاد العرب على اعتبارها القضية المفصلية للعالم العربي رغم عجز العرب لعقود طويلة من التأثير الحقيقي في أي من القرارات الأممية الداعمة لتحقيق أدنى المطالب التي تعيد الأرض المغتصبة وعودة اللاجئين وتحويل السلطة الفلسطينية إلى كيان ودولة معترف بها دوليا، إلى جانب عجز الدول رغم الوساطات والمحاولات من إعادة اللحمة الوطنية بين أطراف السيطرة الفلسطينية المتمثلة بحركتي حماس وفتح والتي تقتسم أراضي السلطة الفلسطينية في ظل تخاصم وتناحر واختلاف كامل حول كافة التوجهات السياسية المتعلقة بقضيتهم وبمسار المفاوضات الساعية لاسترداد الحق الفلسطيني الذي ناضلت من أجله لعقود.

في كواليس القمة والتي حضرتها مع عشرات الإعلاميين العرب كانت الحوارات تدور بشكل رئيسي حول التبعات التي قد تترتب على استمرار الخلاف الخليجي الخليجي خصوصا وأن السعودية والإمارات وقطر كانت دائما هي الدول التي تعمل من أجل تقريب وجهات نظر العرب فيما بينهم والوسيط القادر ماليا وسياسيا على التأثير في مواقف المتخاصمين لاعتبارات مختلفة لعل أهمها المكانة الدولية والقدرة المالية.

من الأمور التي استغربها المتابعون في ختام القمة هو تضمن إعلان الكويت إشارة فسرها الكثيرون أنها دعم غير مباشر لحزب الله وذلك في الإشادة للدور الذي قامت وتقوم به القوى اللبنانية الأمنية في صون الاستقرار والسلم الأهلي إلى جانب ما يقوم به الجيش اللبناني خصوصا إذا ما فهمنا ممانعة لبنان المعلن لإعطاء كرسي الجمهورية السورية للائتلاف السوري على أنه خضوع لهيمنة حزب الله على القرار اللبناني وهو ما أثار حفيظة الكثير من الدول الداعمة للائتلاف السوري وخصوصا السعودية.

 انتهت القمة و لم تحل أي من القضايا العربية الملحة، لتكون الأيام القادمة حبلى بالتجاذبات والحراك السياسي، وسيكون لزيارة الرئيسي الأمريكي المرتقبة هذا الأسبوع للسعودية تبعات على تلك التحركات كما يراه البعض، خصوصا وأن معظم الإشكاليات التي تعيشها المنطقة ترتبط بشكل مباشر بالملفات التي سيأتي أوباما للمنطقة لتوضيحها للقيادة السعودية وبالتالي الخليجية ومن أهمها العلاقة مع إيران وملفها النووي وانعكاسات ذلك على الأرض في كل من سوريا ولبنان وباقي مناطق الربيع العربي ذات الامتداد الإخواني و الذي يقلقل بشكل كبير كل من السعودية و الإمارات.

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.