الأردن: حكم قضائي برفض شهادة غير المحجبة يثير جدلا واسعا

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
الأردن: حكم قضائي برفض شهادة غير المحجبة يثير جدلا واسعا
عرائس أردنيات يرتدين النقاب بحفل زفاف جماعي في العاصمة الأردنية عمان في 23 يوليو/تموز العام 1999.Credit: JAMAL NASRALLAH/AFP/Getty Images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- استجابت محكمة شرعية أردنية (محكمة درجة أولى) لقرار محكمة استئناف عمان الشرعية (محكمة درجة ثانية)، برفضها شهادة امرأة غير محجبة في قضية طلاق، بتطور لافت وسط تعتيم إعلامي بقرار قضائي وقلق بين الحقوقين من إمكانية توسع رد الشهود أو حتى المحامين بسبب الطعن بـ"عدالتهم" لأسباب متنوعة.

وكشفت مصادر قضائية السبت، لموقع CNN بالعربية، عن توجيه محكمة الدرجة الأولى طلبها بتاريخ 23 مارس/آذار الماضي، لمحامية الزوج بتقديم شهود جددا للقضية حيث فسخت استئناف عمان قرارا في البداية، يقضي بتفريق الزوجين بسبب الشقاق والنزاع، استندت فيه إلى طعن أثاره المحامي محامي الزوجة برفض شهادة إحدى عمتي الزوج لكشفها "رأسها"، واعتبرتها هيئة المحكمة مانعا من عدالتها ولا تقبل شهادتها بحسب نص القرار.

وأشارت المعلومات التي أوردتها المصادر القضائية للشبكة، إلى أن محامية الزوج بصدد تقديم "شاهد رجل" للمحكمة بدلا من المرأتين، في جلسة ستعقد في التاسع من إبريل/نيسان من الأسبوع الحالي.

ومن المتوقع، أن تثير تطورات القضية عاصفة من الجدل في الأوساط الحقوقية والقانونية في البلاد، بعد أن امتنعت وسائل الإعلام المحلية والمحامين الشرعيين من التحدث حولها والتعليق عليها، بموجب تعميم للمحكمة بحظر النشر بالقضية.

وتطبق المحاكم الشرعية الأردنية، التي تنقسم إلى درجتين فقط، قانون الأحوال الشخصية الأردني، استنادا إلى أحكام الشريعة الإسلامية، فيما أعرب حقوقييون عن خشيتهم من فتح القرار "برفض شهادة غير المحجبة واعتبارها سافرة" الباب أمام قضايا أخرى بإثارة طعون مماثلة.

وأثار محامي الزوجة طعنا أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول سماع شهادة امرأة، واصفا إياها "بالسافرة" بحسب ما نقله عنه قرار المحكمة الصادر في 3 فبراير/ شباط الماضي، وحصلت CNN  بالعربية على نسخة منه.

واستهجنت منظمات حقوقية وقانونية، من بينها اتحاد المرأة الأردنية، القرار الذي اعتبره مخالفا لأحكام الدستور الأردني، والذي نص على المساواة بين الجنسين وحماية الحرية الشخصية.

ورأت المحامية والناشطة الحقوقية هالة عاهد، أن "لهذا الاجتهاد – مع الاحترام لمحكمة الاستئناف الشرعية-  تداعيات "خطيرة"،  بعدم السماح للمحجبة بالشهادة.

وقالت في تصريحات لـCNN بالعربية إن "ذلك قد يصبح ملجأ للمحامين لإثارة هذا الطعن أمام المحاكم الشرعية بل وحتى في القضايا النظامية (مدنية وجزائية).. كما أنه قد يصبح سابقة يؤسس عليها للطعن بأهلية وتمثيل المحاميات غير المحجبات أمام المحاكم الشرعية."

وأضافت الناشطة: "في حين أن قانون أصول المحاكمات الشرعية لم يحدد في مواده مواصفات شكلية للشهود، إلا أن المحكمة استندت في قرارها لاجتهاد فقهي للشيخ مصطفى الزرقا." واستطردت بالقول: "عدم قبول شهادة غير المحجبة هو إخلال بمبدأ الحرية الشخصية، كما أن مسألة نصاب الشهادة تخل بمبدأ المساواة."

ولا يأخذ النظام القضائي في الأردن بعين الاعتبار السوابق القضائية، وفقا للناشطة عاهد (وهي محجبة)، ما يسمح لمحكمة البداية ألا تتبع اجتهاد محكمة الاستئناف، كما يعني إمكانية عدول الاستئناف عن هذا الاجتهاد، وذلك مع أنه يمكن للمحاكم والمحامين الاستناد إلى هذا الاجتهاد في دعاوى لاحقة.

وأوضح حقوقيون للموقع، أن محامية الزوج كان بوسعها التمسك بشهودها أمام محكمة البداية، ليصار إما إلى إصرار البداية على قرار الاستئناف، أو قبولها بطلب محامية الزوج، وبقرارها الأول بقبول الشهادة، حيث سيعود حينها القرار للاستئناف مجددا.

وفي المقابل، ذهب محامون وقضاة شرعيون إلى التأكيد على أن الاجتهاد القضائي يحترم، وأن الطعن استند إلى أحد مسلمات الفقه القضائي، وأن قرارات لاحقة مخالفة قد تصدر في هذا الشأن.

وعلق القاضي الشرعي الأردني فليح العبدالله، على صفحة "مجموعة المحامين الشرعيين" على فيسبوك في 19 مارس/ آذار: "بجميع الأحوال مبدأ السوابق القضائية غير معمول فيه."

ومن جهة أخرى، قال الدكتور عبد المجيد ربابعة على الصفحة ذاتها: "قرار محكمة الاستئناف الشرعية جاء متوافقا مع الدستور الأردني الذي ينص في المادة 106 منه (تطبق المحاكم الشرعية قانون الشرع الحنيف) وبذلك فإن القول إن القرار جاء مخالفا للدستور هو كلام غير صحيح لأن قرار المحكمة جاء متوافقا مع احكام الشرع الحنيف الذي خولها الدستور بتطبيق."

وأثيرت القضية في وسائل الإعلام في 19 مارس/ آذار الماضي، فيما أصدرت محكمة الزرقاء المختصة تعميماً على وسائل الإعلام المحلية بعدم النشر في 20 مارس/ آذار الماضي.

ويطالب حقوقيون بإنشاء نظام موحد للقضاء في البلاد، وأن تعرض قضايا الأحوال الشخصية على محاكم نظامية أو حسب المعمول به في عدد من الدول العربية كمحاكم أسرية قضاتها مدنيون، أو تعديل القانون ليصار الى الطعن بقرارات المحاكم الشرعية أمام محكمة التمييز.