حملات انتخابية متوترة يخيم عليها العنف في الجزائر

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة
تقرير ابراهيم سعد الله
حملات انتخابية متوترة يخيم عليها العنف في الجزائر
Credit: Getty images

الجزائر (CNN)-- تعيش الجزائر هذه الأيام على وقع تبادل للاتهامات بين المترشحين الستة للانتخابات الرئاسية التي ستعرفها البلاد يوم 17 أبريل/ نيسان الجاري، خاصة مع ارتفاع بؤرة الاحتجاجات داخل الوطن وخارجه، ما جعل بالدرجة الأولى منشطي الحملة الانتخابية للرئيس المنتهية عهدته، عبد العزيز بوتفليقة، يلغون عدد من التجمعات الشعبية لهم مثلما حدث في بجاية، باتنة وتبسة في الأيام الأخيرة، تفاديا لانزلاقات أو تصعيدات تجر الجزائر إلى تكرار العشرية السوداء التي مرت بها في التسعينيات.

أما عن المؤشرات التي تدفع الأحزاب والسياسيين لترقب انزلاقات بعد انتهاء الاستحقاق الانتخابي تتمثل في الخطابات السياسية التي ينتهجها بعض المترشحين للرئاسيات المقبلة، وأجواء التهديد والتخويف الذي طغى على خطابات بعض المتخوفين على مستقبلهم السياسي.

مثلما يقول المحلل المختص في علم الاجتماع، محمد طايبي لموقع CNN بالعربية: "إن التهديدات تكشف عن مدى ضعف بعض المرشحين ولا تخيف أحدا من المواطنين."

وأضاف الأستاذ محمد طايبي أنه: "لطالما أحيلت الانتخابات إلى صراع بين الطامعين والراغبين في السلطة، حيث يتم التدافع بين أنصار المرشحين ومعارضيهم، وهو أمر طبيعي،" مستدلا في ذلك بما عاشته محافظة بجاية مؤخرا والذي لا يمثل حسبه استثناء بل كما قال أن أحداث بجاية لم تكن ضد العهدة الرابعة للمترشح عبد العزيز بوتفليقة وإنما تصنف في إطار تخريب التحول الديمقراطي." المحلل الاجتماعي، محمد طايبي

وأشار محدثنا إلا أن ما تعيشه الجزائر سبق وأن حدث خلال عهدة الرئيس الثانية، مدينا في ذلك الأشخاص وليس الأحزاب الذين يسعون لخلق الفوضى والفتنة. بل وراح لأبعد من ذلك حينما قال: "إن هناك مؤامرة تحبك من الداخل والخارج بغية صناعة بؤرة متوترة في الجزائر تكون امتداد لما حدث في بجاية وغرداية."

وعلى العكس من محمد طايبي، فإن أرزقي فراد الباحث والناشط السياسي أبدا تخوفه من أن يتحول العرس الانتخابي إلى مأتم، حيث قال في تصريحات لموقع CNN بالعربية: "إن الاحتجاجات المناوئة للعهدة الرابعة التي خرجت فيها مجموعة من الشباب ببجاية هو رد فعل لسنوات طويلة من العنف الذي مارسته السلطة في حق شعبها،" رافضا في نفس الوقت الانزلاق الذي وصلت إليه الأمور واستعمال المحتجين للعنف.

وأضاف فراد: "السلطة هي التي كانت سباقة للعنف، وها هي اليوم تجني ما زرعته خلال 50 سنة من استبداد،" من عزل للمعارضة وغلق قنوات الحوار وكبت الحريات، على حد تعبيره، وعن الفوضى التي عمت بعض المحافظات كبجاية، غرداية، باتنة وتبسة استطرد قائلا: "ما شهدته العديد من ولايات الوطن من احتجاجات، إضافة إلى الوعي الكبير الذي بات يتميز به الشعب الجزائري، فأنا على يقين بأن نهاية النظام قد بدأت،" معبرا في نفس الوقت عن خشيته من أن يتحول الاستحقاق القادم إلى مأتم حسب قوله "في حال ما اعتمد النظام على التزوير لصالح مرشحه."

التيار الإسلامي الممثل في تكتل الجزائر الخضراء، حمل السلطة جزءا كبيرا من مسؤولية العنف الذي يميز الحملة الانتخابية، معتبرا أن دعاة العهدة الرابعة يصرون على الذهاب نحو المجهول، أو كما قال حمدادوش ناصر المكلف بالإعلام بالكتلة البرلمانية للتكتل "الأخضر" في تصريحاته لموقع CNN بالعربية: "إن مساندو بوتفليقة يصرون على الذهاب نحو المجهول بتكري الأمر الواقع بالمال السياسي الفاسد واستغلال مؤسسات الدولة والوسائل العمومية لصالح مرشح السلطة المطعون في أهليته لأداء مهامه الدستورية."

مربط الفرس كما يقال كان في تجدد أحداث العنف في محافظة غرداية، وبدرجة أكبر كانت في الاحتجاجات العنيفة التي منع على إثرها مدير الحملة الانتخابية للرئيس المنتهية عهدته عبد العزيز بوتفليقة، من تنظيم تجمع شعبي في مدينة بجاية، وما أسفرت عنه من إصابات بليغة وسط رجال الأمن والصحفيين، والاعتقالات التي مست عدد من المحتجين السبت الماضي، فضلا على إلغاء عمارة بن يونس وعمار غول تجمع شعبي لبوتفليقة في باتنة الإثنين. كل هذه المعطيات جعلت مديرية حملة بوتفليقة يوجه أصابع الاتهام إلى حركة "بركات" وأنصار المقاطعة وبدرجة أكبر إلى "الحركة الداعية لانفصال منطقة القبائل" التي يتزعمها فرحات مهني وتدعى بحركة "الماك."

وجاء في بيان لمديرية حملة بوتفليقة أن "عبد المالك سلال قرر إلغاء التجمع الذي كان مقررا ببجاية بسبب الحشود العدائية والعنيفة التي حاصرت دار الثقافة،" ووصف البيان قرار سلال بالحكيم وأنه جاء لحافظ على سكان بجاية من مظاهرات تحمل طابع العنف.

ومن جهة أخرى فإن المنافس الأقوى لعبد العزيز بوتفليقة، ورئيس حكومته الأسبق، علي بن فليس لم يبق صامتا تجاه ما يحدث من تجاوزات وجو مكهرب تعيشه الانتخابات، بل أصدر بيان تلقة موقع CNN بالعربية نسخة منه، عبر فيها عن أسفه للجو المضطرب الذي تجري فيه الحملة الانتخابية، أو كما قال: "واجب الحقيقة يملي عليّ القول بأنه لا شيء تم التتريب له بالشكل الذي يسمح أن تجرى الحملة في جو هادئ وآمن،" معربا في ذات السياق عن أمله أن تكون نهاية المنافسة الانتخابية بداية لحوار الأفكار ومواجهة البرامج لتمكن الجزائريين من اختيار من سيحكمهم.

حركة "بركات" بدورها كان لها رد على الاتهامات التي طالتها وتحميلها المسؤولية من طرف مساندي عبد العزيز بوتفليقة، حيث قالت في بيان لها وصل لموقع CNN بالعربية نسخة منه، بأنها ليست حركة فوضى كما يدعي عليها البعض أو حركة جمود: "حركتنا ذات طابع سلمي ديمقراطي بحت، ونحن دوما ندعو إلى التحرك سلميا لأن الأمر يتعلق بالجزائر، والسلطة هي التي تدفع إلى التعفن من خلال عدم تعاملها الحسن مع المحتجين بطرق سلمية."