الرباط.. مقتل طالب اسلامي يعيد الجامعة المغربية الى زمن الخوف

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
الرباط.. مقتل طالب اسلامي يعيد الجامعة المغربية الى زمن الخوف
صورة أرشيفية لعناصر بالأمن المغربيCredit: Getty images

الرباط، المغرب (CNN)-- جاء نبأ مقتل طالب إسلامي على يد فصيل ماركسي راديكالي بجامعة فاس ليعيد بث أجواء الخوف والعنف في الساحة الطلابية المغربية، التي لا يخلو تاريخها، خصوصا منذ سبعينيات القرن الماضي، من مواجهات شبه دائمة بين فصائل تتبنى أيديولوجيات مختلفة بين إسلامية ويسارية جذرية وإصلاحية.

وبينما انصب النقاش بخصوص الجامعة المغربية خلال السنوات الأخيرة على إشكاليات من قبيل البحث عن قنوات لاستيعاب جحافل الخريجين الذين ينضمون الى شريحة طالبي الشغل سنويا، وتدني مستويات جودة التعليم من جهة أخرى، إلا أنه مع مقتل الطالب الشاب عبد الرحيم الحسناوي في مواجهات فصائلية، يطفو على السطح من جديد إشكال تدبير الصراع الإيديولوجي داخل الجامعة، وتأمين أجواء الدراسة، مع الحفاظ على روح الحرية والفضاء المفتوح داخل الحرم الجامعي.

خطورة الحدث الذي يخشى من تداعياته، داخل الجامعة وخارجها، حمل رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، على التنقل الى مسقط رأس الطالب الضحية لتقدم مشيعيه، الى جانب بعض وزرائه، في رسالة قوية من الدولة ضد العنف والارهاب.

وبينما أجمعت تقريبا مختلف الأوساط الحزبية والجمعوية والحقوقية على إدانة جريمة قتل الطالب الذي ينتمي الى فصيل منظمة التجديد الطلابي، المنضوية تحت حركة التوحيد والإصلاح، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية -الاسلامي المعتدل الذي يقود الحكومة- فإن الأحداث كشفت تباينا في رواية ما حدث في "اليوم الأسود" على هامش ندوة كانت تعتزم تنظيمها المنظمة حول "الإسلاميون واليسار والديموقراطية".

وفي بيان استنكاري، وصل لموقع CNN بالعربية نسخة منه، أكدت منظمة التجديد الطلابي أن "ما وقع هو هجوم إرهابي غادر من تنظيم مسلح على نشاط ثقافي للمنظمة داخل الجامعة مع سبق الإصرار والترصد" داعية إلى التزام أعلى درجات الشفافية والجدية في التحقيق، والحيادية "ضمانا لحقوق الشهيد وكافة المصابين."

ويأتي البيان ردا على بلاغ لمحافظة فاس التي وصفت الأحداث التي عرفها المركب الجامعي بأنها "مناوشات تطورت فيما بعد إلى مواجهات بين طلبة كل من فصيل التجديد الطلابي وفصيل النهج الديمقراطي القاعدي، استعملت فيها الأسلحة البيضاء."

ووفق البيان، فقد نتج عن هاته المواجهات إصابة ثلاثة طلبة تم نقلهم على الفور إلى المستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس لتلقي العلاجات الضرورية، قبل أن تعلن ادارة المستشفى وفاة الطالب الحسناوي، وذكرت النيابة العامة انه تم اعتقال اربعة مشتبه فيهم، قبل أن ينضم إليهم متهم خامس في جريمة القتل.

واثار موقف المحافظة استياء المنظمة التي ينتمي اليها القتيل، حيث استنكرت البلاغ "العاري من الصحة، والذي يهدف إلى تغيير التكييف القانوني للجريمة الإرهابية".

وانضمت حركة التوحيد والاصلاح الى المنظمة في التنديد بالجريمة التي ذهبت الى حد وصفها بأنها "هجوم إرهابي من عصابة إجرامية من الطلبة المنتسبين لفصيل النهج القاعدي الذين كانوا مدججين بالسيوف والسكاكين والهراوات وقاموا بالاعتداء على طلبة وطالبات".

وأعربت الحركة في بيان وصل للموقع نسخة منه عن استغرابها واستنكارها "لتأخر السلطات في تفاعلها مع ما حصل من أحداث عنف بالجامعة، وما أوردته في بيانها حيث ساوت بين المجرم والضحية عند حديثها عن مواجهات بين الطلبة، والحقيقة أن هناك اعتداء من عصابة إجرامية على طلبة وفصيل معروف بمواقفه ومرجعياته التي تنبذ العنف".

وحذرت الحركة من أن ثقافة العنف والسلوك الإجرامي المرتبط بها خطر داهم على المجتمع المغربي لا يجوز السكوت عنه داعية كافة الفعاليات المدنية والقوى السياسية الوطنية والمؤسسات الإعلامية والفصائل الطلابية إلى إدانته، والتنديد به كيفما كان فاعله ودوافعه، واتخاذ التدابير اللازمة لمحاصرته، والحد من خطورته على الجامعة والمجتمع.

الفصيل اليساري ذو العقيدة الماوية لم ينف مسؤوليته عن سقوط الطالب الاسلامي، لكنه تحدث في المقابل عن إنزال نظمه طلبة الفصيل الاسلامي للتعبئة من أجل ندوة يشارك فيها قيادي من العدالة والتنمية، تتهمه بعض الفصائل الطلابية اليسارية بالمسؤولية عن مقتل طالب ماركسي في نفس الجامعة قبل أزيد من عشر سنوات.

كما اعتبر الفصيل اليساري كل ما يحدث بأنه مؤامرة من "النظام" العنف الحاصل في موقع فاس عنف متبادل والإرهاب الحاصل نتيجة مواجهات متبادلة ما بين طرفين متوازني القوة".

وعلى الصعيد الحقوقي، قالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في بيان توصل به الموقع، إنها تلقت "باستنكار بالغ خبر الحدث المأساوي الذي شهده المركب الجامعي ظهر المهراز بمدينة فاس، والمتمثل، حسب المعطيات الأولية المتوفرة، في حصول مواجهات بين عدد من الطلبة ينتمون لفصيلين طلابيين بالجامعة استخدمت خلالها الأسلحة البيضاء".

وأدان المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق "هذه الجريمة التي مست حقا أساسيا من حقوق الإنسان" كما طالب "بفتح تحقيق عاجل لتحديد المتسببين في هذه الأحداث ومرتكبي هذا الفعل الإجرامي، وتقديمهم للعدالة". إلا أن موقف الجمعية التي ينشط داخلها عدد من رموز اليسار الراديكالي قوبل بامتعاض الهيئات الاسلامية بحجة "مساواتها بين الضحية والمعتدي".