مسيرة في معان "لدعم داعش" تربك جهاديي الأردن والسلطات تدق ناقوس الخطر

الشرق الأوسط
نشر
9 دقائق قراءة
تقرير هديل غبون
مسيرة في معان "لدعم داعش"  تربك جهاديي الأردن والسلطات تدق ناقوس الخطر
Credit: FACEBOOK

عمان، الأردن (CNN) -- لم تقتصر الهواجس الأمنية التي عبرت عنها صراحة الحكومة الأردنية قبل أيام، على احتدام المعارك في العراق وامتداد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" بالقرب من الحدود الأردنية شرقا، لتتفاقم الجمعة مع خروج أول مسيرة تأييد للتنظيم في وضح النهار  الجمعة في معان الأردنية جنوب البلاد، رفعت خلالها أعلام التنظيم وأطلقت هتافات نادت بإزالة حدود "سايكس بيكو".

المسيرة الأولى من نوعها في معان ( 216 كم من عمّان ) وهي المعقل الرئيسي لأتباع التيار السلفي الجهادي في الأردن، لاقت رود فعل سريعة كان أولها رفض قياديين في التيار لها ووصفها "بالمشبوهة"، فيما اعتبرها منظموها رسالة "لنصرة أهل السنة وتحذيرا للشيعة" ، وسط تحليلات مراقبين ببروز انقسام "حاد" بين قواعد التيار في المدينة، على خلفية تمدد داعش في العراق.

ودون تردد، تؤكد مصادر مسؤولة في الحكومة الأردنية تحدثت لموقع CNN بالعربية، على أن المسيرة وتبعاتها تخضع لتقييم أمني عاجل قد ينتهي "بمنع أية محاولات لاحقة مشابهة" حيث سيتم التعامل معها بموجب أحكام القانون، قائلة بأن ما جرى لا يمكن وصفه إلا بأنه "أمر خارج عن القانون."

المصادر التي أشارت بوضوح إلى أنها تتريث في التعليق رسميا على الحادثة، بينت أن الاتصالات الأمنية والاستخباراتية جارية بكثافة"، للخروج بموقف نهائي حول الارتدادات المتوقعة للمسيرة وفيما إذا كانت تعبر عن "منهج داخل التيار أم لا".

وتقول المصادر للموقع  :" ما يهمنا إلى أي مدى يمكن أن يعبر هذا التحرك عن منهج سائد أو أنه يعبر عن موقف عشرين أو ثلاثين شخصا ....حتما سيتم التعامل بموجب أحكام القانون وهذا الأمر خارج عن القانون".

ولاتخفي المصادر توقعاتها بأن تكون المسيرة معبرة عن بروز انقسام حاد داخل التيار الجهادي، الذي هنأ الأسبوع الماضي بخروج منظر السلفية الجهادية في الأردن وفي العالم كما يصفه مراقبون، عصام البرقاوي الملقب بأبي ومحمد المقدسي، وهو الذي أعلن تريثه في إصدار موقف من "داعش في العراق"، بعد أن سرب من سجنه عدة رسائل هاجم فيها تنظيم الدولة.

وينقل شهود عيان عن المسيرة التي تضاربت المعلومات بشأن أعداد المشاركين فيها بين المئات والعشرات، ترديدها لهتافات تدعو إلى إزالة "حدود سايكس بيكو"، ترافقت  مع أعلام "داعش" ولافتة رئيسية بعنوان "جمعة نصرة الدولة الإسلامية في العراق والشام ..معان فلوجة الأردن."

القيادي في التيار الجهادي محمد الشلبي الملقب بأبوسياف، سارع من جهته باستنكار المسيرة والتعبير عن رفضها، قائلا في تصريحات للموقع :" المسيرة تعبر عن تحركات مشبوهة وشارك بها عشرون أ و ثلاثون من بينهم نحو خمسة من شباب التيار ممن غرر بهم..هي لا تمثل التيار ولاتخدمه --محمد الشلبي-قيادي في التيار الجهادي ."

لكن أبو سياف لا يخفي تأييده وتأييد أبناء التيار، لما أسماه صراحة "فتوحات" داعش غرب العراق، لوقف تمدد "الرافضة" في إشارة إلى الطائفة الشيعية، قائلا :" لا شك أننا نؤيد ما يجري في العراق من فتوحات لكننا نرفض الخروج بمسيرة في الأردن للتأييد فهناك انقسام داخل التيار بين من يؤيد جبهة النصرة وبين من يؤيد تنظيم الدولة ولانريد أن تستغل المسيرة داخليا --محمد الشلبي-قيادي في التيار الجهادي ." 

ويرى أبو سياف أن المسيرة قد تستخدم ذريعة ضد أهالي معان، التي شهدت خلال الأشهر القلية الماضية، حملات أمنية مكثفة للبحث عن مطلوبين أمنيين تخللها مواجهات عنيفة على مدار أيام.

ويذهب أبو سياف بالإشارة بكل وضوح، إلى أن التيار الجهادي "لاهيكل تنظيمي له"، بما يدعو إلى إصدار موقف من الشيخ المقدسي يمكن أن يلزم أبناء التيار به لاحقا.

أما بشأن التهديدات التي نشرتها تقارير إعلامية نقلا عن مقاتلين غير معروفين في داعش، بشأن إنشاء فرع لها في الأردن، فلم يعتبر أبو سياف تلك التسريبات "معبرة عن موقف رسمي" بل مجرد مواقف فردية .

ويقول :" الآن لا نقول إننا ضد أحد...لكننا بمنأى عن هذه المسيرة."

بيان المقدسي المرتقب "قد يحد من الأزمة ولن ينهيها"، كما يقول أبو سياف،  الذي خالفه في الرأي أحد منظمي المسيرة وجهاديي التيار المهندس عصام أبو درويش، معلقا للموقع بالقول :" إن أبو سياف لا يمثل التيار السلفي الجهادي في معان."

ويشرح أبو درويش في تصريحات لموقع CNN بالعربية الدوافع من وراء خروج المسيرة، مؤكدا أنها ضمت المئات، وقال " أول القول أنها خرجت غيرة على أهل السنة ونصرة لهم ضد الظلم ورسالة إلى الشيعة الرافضة بدعم ثورة العراق ."

ويحاول أبو درويش التفريق بين "الخروج في مسيرة لنصرة داعش" التي تقاتل في العراق وفي سوريا مع رفضه لتسمية "داعش"، وبين القول أن "داعش معان" هي التي خرجت للتظاهر .

ويضيف :" يستطيع من يجاهد مع تنظيم الدولة في العراق وبلاد الشام أن يقول أنا من داعش عندما أكون  معهم أجاهد في العراق أو الشام...كيف أعلن أنني أنا هنا داعش وأنا بعيد عنهم !"

ولايختلف أبو درويش مع سابقه بشأن الاعتراف بجهود داعش في في المنطقة وكذلك جهود "جبهة النصرة" ، مستنكرا الحديث عن وجود تيار فكري بين أبناء التيار في معان، مرجعا ذلك إلى التوافق على "رفض التمدد الشيعي والخوف على الأردن، بحسب تعبيره."

ويبدو أن أبناء التيار السلفي الجهادي الذين تراجعت أعداد المقاتلين منهم في سوريا ، ويتواجد أعداد منهم في العراق بحسب مصادر في التيار، لاينتظرون بذات الحماسة البيان المرتقب للشيخ المقدسي . وفي هذا الشأن يقول أبو درويش :" لا يهمنا إلا كتاب الله وسنة نبيه وما بعد ذلك كله سيكون اجتهادات بشرية تخطىء أو تصيب."

وفي الإطار، يحذر الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية من ارتدادات تمدد "داعش" في العراق وفي سوريا، معتبرا أن خروج مسيرة دعم في البلاد، "مؤشر خطير" على تنامي ما أسماه "التوجهات الراديكالية " للقواعد الشبابية لدى جهاديي الأردن.

ورغم أن أبو هنية يشير إلى أن الخلاف الفكري بين أقطاب التيار تاريخي منذ عهد أبو مصعب الزرقاوي الذي خالفه المقدسي علانية، إلا أن الخلافات اليوم برزت بصورة أكثر "حدية" .

ويقول أبو هنية :" سلوك داعش في العراق الأقل عنفا من سوريا حتى الآن أخر تصدير المقدسي وهو منظر للسلفية الجهادية على مستوى العالم اليوم إلى جانب أبو قتادة ..لكن ذلك مسألة وقت لأن داعش في طريقها إلى السيرة في دير الزور ودرعا جنوبا وإلى الأنبار في العراق قوتها تنذر بالخطر حتى وإن كان الآن الأردن ليس من أولوياته--حسن أبوهنية-باحث في شؤون الجماعات الإسلامية ."

ويعتقد أبو هنية أن ارباكا واضحا أحدثته مسيرة "معان" داخل التيار،  وأن توجهات جيل الشباب فيه لن تستجيب إلى مواقف المقدسي وأبو قتادة الأكثر قربا إلى "جبهة النصرة"، وأضاف :"يمكن القول أن النظام في البلاد أمام موقف محرج وسيكون من الخطأ التسرع في توجيه أي رسائل خشنة ..ربما سيكون التحاور أو توظيف التواصل مع القيادات وسيلة أكثر فاعلية."

وشكل انسحاب قوات من الجيش العراقي قبل أيام من المناطق المحاذية للحدود مع الأردن قلقا للسلطات الأردنية، فيما وجه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني  حكومته الأربعاء 18 حزيران الجاري، رسائل حازمة بشأن مراقبة بلاده لما يجري في المنطقة، والتأكيد على أن الأردن قوي ومستعد للتعامل مع أي تطورات في المنطقة لحماية شعبه وحدوده وأراضيه."