رأي.. "ماذا يقرأ الرئيس؟"

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة
تقرير ماجد عثمان
رأي.. "ماذا يقرأ الرئيس؟"
Credit: MOHAMED EL-SHAHED/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم ماجد عثمان، وهو ضمن مقالات ينشرها موقع CNN بالعربية بالتعاون مع صحيفة الشروق المصرية، كما أنه لا يعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.

رئيس الدولة في كل بلاد العالم يكون مثقلاً بالمهام والأعباء ويتوزع وقته وطاقته الجسمانية والذهنية بين اجتماعات ومقابلات واتصالات داخلية وخارجية وتوقيع قرارات والاطلاع على تقارير داخلية حول الوضع الأمني والاقتصادي وحول متابعة أداء عمل المؤسسات الحكومية وتقارير متابعة الأزمات الداخلية وتقارير خارجية حول الأحداث العالمية والإقليمية، وتقارير الرأي العام ويضاف إلى ذلك النظر في شكاوى أو تظلمات قد تعرض عليه وغيرها من أعباء وظيفته. وإذا كان رؤساء الدول مثقلين بالأعباء فإن جسامة المسئوليات الملقاة على عاتق الرئيس المصري في هذه الفترة بالذات لا تحتاج إلى تدليل.

ما يهمني في هذا المقال هو التساؤل هل يتسنى للرئيس – في ظل الأعباء الملقاة على عاتقه - قراءة أعمدة ومقالات الرأي التي تنشرها الصحف. من وجهه نظري، فإن هذه الأعمدة والمقالات تقدم يومياً وجبة دسمة من الأفكار والآراء والأطروحات والتي تعتبر بمثابة عصارة فكر مثقفي الأمة وخبرائها. وأعتقد أن هذه الوجبة اليومية تعكس ثراءً معرفياً غير محدود نتيجة للتنوع الفكري والأيديولوجي لكتابها ولتنوع خبراتهم العملية والعلمية. واطلاع الرئيس على هذه الكتابات قد يُعطيه فرصة للنفاذ لمعلومات ولأفكار لا تصل إليه بالضرورة عبر القنوات الرسمية للمؤسسات التنفيذية أو للمؤسسات "السيادية" التي تزوده بلا شك بتقارير قيمة.

علىّ أن أعترف أن ما يُكتب من أعمدة ومقالات رأي فيه الغث والسمين وأن بعض ما يُكتب قد يفتقد للمعلومات أو قد ينبع من تحيز لتجربة شخصية أو لمصالح عارضة أو لتوجه أيديولوجي غير محايد. وهنا تُصبح الحاجة ماسة من جهة معاوني الرئيس إلى نوع من الفرز.

ويصبح السؤال الهام ما هو أسلوب اختيار ما يقرأه الرئيس؟ وهل يختار الرئيس بنفسه ما يقرأ أم يوكل ذلك إلى واحد أو أكثر من مساعديه؟ وما هي معايرهم في اختيار ما يُعرض على الرئيس؟

معرفة الإجابة على هذه الأسئلة له أهمية خاصة لأن المدخلات التي تصل إلى الرئيس تُشكل ما يخرج من مكتبه من قرارات، وبالتالي فإن هذه المدخلات تؤثر على حاضر مصر ومستقبلها. ومن المهم ألا تؤدي عملية الفرز – وهي ضرورية لأسباب عملية -إلى حجب أفضل الفيتامينات الموجودة في هذه الوجبة أو إلى تضمين الوجبة طعاماً فاسداً لا يُسمن ولا يُغني.

ليس من المستبعد أن يبالغ المحيطون بالرئيس في حرصهم عليه فيحجبوا عنه بحسن نية ما يرون فيه معارضة لأفكاره ومشروعاته. ويتجنبوا تعكير مزاجه بما يمثل تشكيك فيما يظن الرئيس أنه الصواب، وقد يستندوا في ذلك إلى رؤية ذاتية تصنف كتاب المقالات حسب إخلاصهم للوطن الذي يقيسه البعض بمدى الاصطفاف مع الرئيس، وقد لا يروا في المعارضة وسيلة لتحسين الأداء وتعديل المسار وإنما يختزلونها في مجرد اعتبارها "تشمت بنا الأعداء".

ولأني لست من أنصار نظرية المؤامرة في تفسير كل شيء، ولست من أنصار فكرة أن سوء الظن من حسن الفطن، فإني أظن أن معاوني الرئيس سيختارون ما يرونه مناسباً من وجهه نظرهم. إلا أن اختياراتهم قد تحكمها اعتبارات أظن أن منها:

1- استبعاد الموضوعات الشائكة

2- استبعاد الموضوعات التي تحمل أخباراً سيئة

3-استبعاد الآراء التي من المعلوم أن الرئيس يختلف معها

وإذا جاز لي أن أقدم نصيحة للسيد الرئيس، فإن نصيحتي أن يتأكد أن ما يقرأه من مقالات وأعمدة رأي هو الأفضل، وأن هذا الأفضل ليس بالتأكيد الأعمدة والمقالات التي تشيد به ولكن الأفضل هو ما يتناول موضوعات شائكة وما يحتوي على آراء مخالفة لرأيه أو ما يحتوي على ملاحظات أو انتقادات لأداء السلطة التنفيذية حتى لو طال هذه الانتقادات قرارات اتخذها هو بنفسه. ولا أقدم هذه النصيحة لأعكر مزاج الرئيس أو أحمله مزيداً من الهموم، وإنما لقناعتي أن هذه المرحلة لا تحتمل سوى النجاح، وأن النجاح لن يتحقق إلا إذا تحسبنا لكل الاحتمالات وعالجنا الاخفاقات الصغيرة قبل أن تستشري، وأن الصبر على النقد مهما كانت قسوته أفضل بكثير من تحمل تبعات الفشل، لا قدر الله. ولقناعتي بأنه إذا كان استبدال النقد والمعارضة بالتهليل والتصفيق مريح في الأجل القصير إلا أنه مدمر في الأجل الطويل.

عندما أطالع خطب الرئيس وتصريحاته أرى أنه يعطي قضية التنمية والنمو الاقتصادي أولوية أولى وما نراه من جهد في هذا المجال لا يحتمل المزايدة. ولكن ما نراه ونسمعه من تجاوزات في مجال حقوق الإنسان يدعو للانزعاج. ولأن الموضوع من الموضوعات الشائكة، ونظراً لوجود مساحة رمادية بين إجراءات الحرب على الإرهاب وإجراءات التعدي على كرامة المواطن الذي لا علاقة له بالإرهاب، فليسمح لي سيادة الرئيس أن أقترح عليه قراءة عدد قليل من المقالات التي نُشرت مؤخراً في الصحف المصرية تتعرض لانتهاكات حقوق الإنسان. اختياراتي ليست بالضرورة أفضل اختيار ولكني حاولت اختيار كتابات لأشخاص موقفهم السياسي مؤيد لثورة 30 يونيو، وبالتالي لا يمكن تصنيفهم في خانة الأعداء ومن ثم من الحكمة الاستماع إلى ما يقولون:

أحمد عبد ربه "مصر القوية أم مصر القامعة؟" الشروق 29/6/2014

أهداف سويف "عن أحمد وعبدالله ومحمد وماهينور وإسلام و..." الشروق 22/5/2014

غادة شريف "وعادت الداخلية لأيامها السوداء" المصري اليوم 30/6/2014

حمدي رزق "سيادة الرئيس مؤكد فيه حاجة غلط" المصري اليوم 2/7/2014

نجاد البرعي "عن سارة خالد .. مرة أخرى" المصري اليوم 10/7/2014

مصطفى كامل السيد "توظيف فكر المؤامرة" الشروق 18/8/2014

سيدي الرئيس، هذه المقالات نشرت على مدى الشهور الثلاث الماضية، إن لم يكن وقتك قد اتسع للاطلاع عليها عند نشرها، وإذا وجدت فيها ما تراه جديراً بالاهتمام فربما يكون من الأنسب وضع نظام جديد يضمن ألا تفوتك قراءة مثل هذه المقالات. أما إذا لم تجد فيها ما هو جدير بالاهتمام فإنني أعتذر عن كتابة هذا المقال.