لماذا تقاتل النساء ضد "داعش" ؟

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة
لماذا تقاتل النساء ضد "داعش" ؟
مقاتلة من وحدات حماية المرأة "YPJ"Credit: FABIO BUCCIARELLI/AFP/Getty Images

كاتبة المقال: فريدا غيتيس، وهي تكتب مقالات لصحيفة "The Miami Herald" و "World Politics Reveiw، عملت صحفية ومراسلة سابقة لـ CNN، مؤلفة كتاب " The End of Revolution: A Changing World in the Age of Live Television"، الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر لـ CNN.

في اللحظة التي اعتقدنا فيها بأنه من المستحيل أن يكون تنظيم "داعش" أسوأ مما هو عليه، أظهرت آخر مطبوعات للتنظيم نجاحاً له في إعادة إحياء العبودية، وعلى وجه التحديد أعلن بمبررات عديدة السماح لعبودية النساء.

لم نكن في حاجة لحملة ترويجية أخرى من التنظيم الذي أطلق على نفسه تسمية الدولة الإسلامية، لنعلم الكوابيس التي تعيشها النساء المأسورات في المناطق التي استولى عليها هؤلاء المقاتلون، والآن تمكنا من إلقاء نظرة على المنطق الأعوج الذي يبرر الاستغلال الجنسي للنساء والفتيات وقتلهن وتحويلهن إلى عبيد.

عند سماع هذا لا يمكن للمرء أن يستغرب تقدم النساء للقتال في الجبهات الأمامية في العراق وسوريا ضد "داعش" لقد تسلحن وبدأن بمظاهرات مدنية وقمن بتحذير العالم من التهديد الذي يمثله "داعش".

هنالك امرأة تقود القوات الكردية في قتالها ضد "داعش" في مدينة كوباني السورية، وعدد آخر غيرها، إذ أن النساء يشكلن ثلث القوات العسكرية المحاربة لـ "داعش" في سوريا، وأحد أسباب قتالهن تتمثل بأن النساء سيخسرن أكثر من أي أحد آخر.

ولفترة من الوقت حامت الإشاعات التي اتسمت بتشددها وغرابتها، لدرجة دعت إلى الشك: منها أسواق للعبيد واختطافات جماعية والتعامل مع النساء كما لو كن غنائماً للحرب يتم توزيعهن بين المقاتلين الأشداء، وبدت عند سماعها كما لو كانت قصة من حقبة زمنية أهرى، كما لو أننا لا نعيش في صراع دائر بالقرن الحادي والعشرين.

ولكن في عام 2014، وباستعمال الإنترنت، قام تنظيم "داعش" بوصف ما تم فعله ضد الأقلية الأيزيدية في العراق: " بعد القبض على الناس والاطفال الأيزيديين تم توزعيهم وفقا لأحكام الشريعة على مقاتلي الدولة الاسلامية الذين شاركوا في عمليات سنجار.."، وتضمن هذا الوصف "تفسيراً فقهياً" لتبرير المنطق الديني والفائدة الاجتماعية المترتبة على إعادة إحياء عبودية النساء، وأضافت مجلة "دابق" التابعة للتنظيم: "يجب على المرء أن يتذكر بأن استعباد عائلات الكفار وسبي نسائهم هو من الأسس الثابتة للشريعة الإسلامية."

يبدو وأن مناقشة التشريعات الدينية مع مجموعة مستعدة لتطبيق عادات تعود للقرن السابع الميلادي، أي قبل 1400 بالقتل كوسيلة للنشر، في الوقت الذي رفض فيه عدد من أبرز الأئمة المسلمين الطريقة التي فسر بها تنظيم "داعش" الشريعة الإسلامية، في الوقت الذي يشير فيه مسلمون بأن القرآن يدعو إلى المساواة.

أما "داعش"، وبشكل متناقض، يرى بأن العبودية وسبي النساء هو تشريع عملي للغاية، مضيفاً في مجلته: "إن العديد من الأئمة المعاصرين"، أشاروا إلى أن إنهاء العبودية أدى إلى زيادة في "الزنا والفحشاء، إلخ"، وتأتي الطبعة الحديثة من المجلة وباحثون في حقوق الإنسان والناجون من "داعش" ليعكسوا أفكار التنظيم ذاتها.

وتقول الأمم المتحدة إن أسواقاً للعبيد تعمل حالياً في الموصل بالعراق والرقة، التي يعتبرها التنظيم "عاصمة" له في سوريا، وقد قابلت الأمم المتحدة عدداً من شهود العيان الذين أشاروا إلى أن النساء اللواتي يحتجزهن التنظيم يتعرضن للاستغلال الجنسي ويتم تسليمهن إلى تجار العبيد، وتقدر الأمم المتحدة بوجود ما لا يقل عن 2500 ضحية، بينما ذكر آخرون بأن الأرقام يمكنها أن تكون أكثر من ذلك.

وأشارت تقارير منقولة عن القوات الكردية عندها استعادتها سد الموصل إلى عثور القوات على امرأة موثوقة وعارية، تم اغتصابها بشكل متكرر من قبل عناصر "داعش"، كما أن تقارير مماثلة أتت من مناطق أخرى تخضع تحت سيطرة "داعش".

ومثلما قام التنظيم بالترويج لقطع الرؤوس، فإن استخدام النساء كوسائل للحرب تعد طريقة لضم عناصر إضافيين، وهو دافع قوي للنساء للانضمام في القتال ضده.

وفي ساحة القتال بكوباني السورية، الواقعة بالقرب من الحدود التركية، يترأس القوات العسكرية المتجولة قائدان من وحدات حماية الشعب الكردي "YPG"، أحد هذين القائدين امرأة، ميسا عبدو، المعروفة في ساحة القتال باسم نارين عفرين، تشكل النساء 35 في المائة من هذه الوحدات، وهنالك وحدات حماية المرأة "YPJ"، التي تتكون من 7500 مقاتلة بعضهن أكبر بقليل من الأسلحة التي يحملنها، وقد توجهت النساء الأكراد للقتال إلى جانب الإخوة الأكراد في سوريا.

وقد قامت سميرة صالح النعيمي برفض باستنكار سياسات التنظيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واعتقلت وعذبت وأعدمت على يد سرية من تنظيم "داعش".

وقد عملت النساء في الموصل على تنظيم إضراب احتجاجاً على أموامر "داعش" بتغطيتهن وجوههن، وقد قتلت تبعاً لذلك متظاهرة على الأقل، وغيرها من المحاميات والطبيبات والنساء المحترفات بمهنهن.

وأتت نقطة تحول عالمي لضخامة التهديد الذي يحمله "داعش" عندما قامت مشرعة من أصل أيزيدي بمخاطبة البرلمان العراقي في أغسطس/آب الماضي، وقالت إن التنظيم يرتكب مجازر ضد النساء الأيزيديات في العراق، صرخت حينها، فيان الدخيل قائلة: "سيدي الرئيس، نذبح.. تتم إبادتنا"، ومنذ ذلك الوقت ساعدت الأمم المتحدة بإنقاذ آلاف الأيزيديين وبدأ القصف على "داعش" من دون اللجوء إلى القوات الأرضية، وأتت نساء غر معدودات معظمهن من الأكراد، وربطن أحذيتهن وتوجهن لساحة القتال.

التنظيم يحمل أسوأ ما في جعبته للـ "الكفرة"، ومن يخالف تعليماته، وفي المناطق الخاضعة لسيطرته، يتوجب على النساء التقيد بزي معين، ويمنع خروجهن من المنازل إلا بصحبة رجل من أقاربهن، ويمكن أن يتلقى المخالفون عقوبة الجلد أو حتى الإعدام، ويجدر بالذكر بأن معظم النساء اللواتي يجبرن على التقيد بهذه القوانين كنا يعشن حياة معتدلة في السابق.

وكلما يخطر ببالنا بأن تنظيم "داعش" يمكن أن يكون مهيناً ومهدداً أكبر على حياتنا، فقد أكد بنفسه وللجميع، خاصة للنساء، بأنه يوجد لديهن أسباب أكبر تدعو لقتالهم.