قانون كردي يمنح المساواة للنساء.. تلقى هذه الضربة يا تنظيم "داعش"!

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
قانون كردي يمنح المساواة للنساء.. تلقى هذه الضربة يا تنظيم "داعش"!
Credit: AHMAD AL-RUBAYE/AFP/Getty Images

كاتبة المقال: فريدا غيتيس، وهي تكتب مقالات لصحيفة "The Miami Herald" و "World Politics Reveiw، عملت صحفية ومراسلة سابقة لـ CNN، مؤلفة كتاب. The End of Revolution: A Changing World in the Age of Live Television"، الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر لـ CNN.

إنها ثورة مجتمعية، فوسط القتال ضد المتشددين الذين يحاول قلب الزمن للعودة إلى القرن السابع الميلادي، وافق الإقليم الكردي في سوريا على قانون جديد يأمر بالمساواة مع النساء، تلقى هذه الضربة يا تنظيم "داعش"!

إن مرتبة المرأة أصبحت تلعب دوراً في ساحات الحرب الأيدولوجية في القتال المشتعل بين من يدعون بإقامة دولة إسلامية والمدافعين الأكراد، الذين تلقوا الدعم الجوي من الولايات المتحدة، ولم يقف حجم جيشهم الصغير عن التصدي بشجاعة أمام خصومه وكونه تجسيداً للتحضر، دون أن يتردد في محاربة خصومه الذين دفعوا بجيوش أخرى على الهرب.

التغيير ليس رمزياً فحسب، بل هو انتقال ملموس لمرتبة المرأة في القانون، وتوقيت سن هذا القانون لا يعد مصادفة أيضاً، بل تعد خطوة جريئة، وهي ضربة للآراء التي يتبناها المتشددون لنشر وجهات نظر ما يسمونه بخليفتهم في العالم الإسلامي، وهي رسالة موجهة إلى الغرب أيضاً.

إن الأكراد يحالون أن يقولوا للغرب بسنهم هذا القانون: "أنظروا إلينا، أترون كيف نشارككم أفكاركم حول حقوق الإنسان والمساواة، ونحن الوحيدون الذين يستحقون دعمكم في هذا النزاع متعدد الأطراف."

وأصدر القانون في منطقة الجزيرة السورية في محافظة الحسكة، أي حوالي 160 كيلومتر من مدينة كوباني التي أضحت أسطورية الآن، حيث يتمركز الرجال والنساء الأكراد في مواقعهم، يحاربون الدولة الإسلامية المتشددة، والتي تعرف باسم "داعش"، ليمنعوها من التقدم داخل أراضيهم.

وأعلنت معظم المحافظات التي يغلبها الأكراد شمال سوريا عن استقلالها لوحدها عام 2013، عندما انفجرت باقي المناطق السورية وسط الحرب الأهلية، وهي ألقلية عرقية مسلمة تنتشر غالاً في العراق وسرويا وتركيا وإيران، وقد واجهت هذه الأقلية الاضطهاد وسعت في الحصول على استقلالها.

ورغم أن النساء لطالما كن جزءاً من القوات الكردية، حتى قبل توسع "داعش: في سوريا والعراق، إلا أنهن حاربن للمساواة الكاملة، ولكن المناطق البعيدة ظلت قائمة على عاداتها المتحفظة.

ولكن القانون الجديد في منطقة الجزيرة يدعو إلى المساواة في الأجور وحقوق الميراث، إذ لم تكن النساء يتمتعن حتى هذا الوقت بحق الميراث، كما أن هذا القانون سيعتبر شهادة النساء في المحاكم مساوية لشهادة الرجال.

بالإضافة إلى ذلك، فالقانون يمهد لمنح إجازات أمومة للنساء، والأهم من ذلك يشرع بمنع زواج النساء دون موافقتهن، ومنع الزواج لمن يقل عمرها عن 18 عاماً، لا يمكن لهذا التناقض أن يكون أكثر حدة.

إذ دخل تنظيم "داعش" في الاغتصاب المنظم للنساء، حتى قدمت الفتيات كجوائز لعناصر التنظيم، وأعلنت الدولة الإسلامية في عدد من المقالات المنشورة عبر الإنترنت بأن بيع النساء واستعبادهن يعد أمراً مقبولاً بل وممارسة نافعة.

وبينما يصف "داعش" كل من لا يقتدي بقوانينه المتشددة بوسم "الكافر"، ويصبح عرضة لتطبيق حكم الإعدام، أشار الأكراد في منطقة الجزيرة السورية إلى أن قانون المساواة الكاملة سيطبق على جميع سكان المنطقة المختلطة في العرق.

وقد قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن تنظيم "داعش" استولى على ثلث محافظة الحسكة السورية، حيث يطلب من النساء أن يتغطين بالكامل وألا يغادرن منازلهن إلا برفقة ذكر من أقربائهن.

ولكن ومع هذا فإن "داعش" يرى بأنه يعمل على تقوية النساء، فمثل الأكراد، عمل التنظيم على تأسيس ألوية مكونة بالأكمل من النساء ومسلحة كلياً، إلا أن أدوارهن القتالية مختلفة كلياً عن تلك التي توظفها النساء الكرديات.

إذ تؤدي هذه الألوية النسائية عدة وظائف لمصلحة تنظيم "داعش" منها الترويج بأن المرأة ليست أقل تحرراً تحت حكم الدولة الإسلامية، وذلك لتشجيع الراغبين بالانضمام للقتال إلى جانب التنظيم، كما أنهن يساعدن في توفير خدمة عملية أكثر، إذ يساعدن في عمليات التفتيش اليدوية، بحيث يمنعن الرجال المتنكرين بلباس النساء من المرور من نقاط التفتيش.

وهنالك جانب أسوأ من المهام المنوطة بألوية "داعش" النسائية، منها التأكد بأن النساء متقيدات باللباس المقرر بقوانين التنظيم، فعلى سبيل المثال، يشكلن الشرطة الأخلاقية، وتعد مهمتهن الأساسية زرع الظلم اليومي تجاه النساء، فهنالك شائعات حول إيقاف الفتيات في الشوارع وسؤالهن بالتحزير حول مدى معرفتهم بالإسلام والقوانين التي سنها تنظيم "داعش".

إنه دور بعيد عن الذي تلعبه النساء الكرديات المقاتلات، اللواتي يشكلن عنصراً أساسياً في قوات القتال، ففي كوباني تشكل النسوة ثلث المقاتلين، حتى أن قائدة أحد التشكيلات هي امرأة، ومهمتهن تتمثل بالمشاركة في القتال والدفاع عن المدينة.

وليكون المرء عادلاً، فإن الأكراد لا يتمتعون بتاريخ مساند للنساء، فهنالك جرائم الشرف وتشويه الأعضاء التناسلية لديهن، والعنف المنزلي منتشر في مجتمعاتهم، ورغم أن الحكومة الكردية في شمال العراق قامت بتجريم هذه الممارسات، إلا أنها أثبتت انغراسها في المجتمع وصعوبة محوها.

ولكن تظل الفكرة، فإن الأكراد يعدون أكثر اعتدالاً عند مقارنتهم بالعديد من جيرانهم، وقد يشكل القتال ضد "داعش" الضغط اللازم للتغيير للتوصل إلى المساواة، وعندما تبدأ النساء بالدفاع عن بلادهن، فهنالك سخرية جميلة من عدم التساوي بهن.