ما الذي يجب ألا نتفاءل به عام 2015؟ (الجزء الأول): "داعش" والعالم العربي

الشرق الأوسط
نشر
8 دقائق قراءة
ما الذي يجب ألا نتفاءل به عام 2015؟ (الجزء الأول): "داعش" والعالم العربي
مقاتل من القوات الموالية لزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، خلال مشاركته في تدريبات عسكرية في 23 أغسطس/آب 2014، قبل الانضمام إلى قوات الحكومة العراقية في قتالها ضد "داعش"Credit: HAIDAR HAMDANI/AFP/Getty Images

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- قد تكون هنالك الكثير من الأسباب للتفاؤل بالعام الجديد، لكن الزميل تيم ليستر يرغب بأن يشارك بتوقعاته التي قد تبتعد عن التفاؤل لما يدور من أحداث سياسية، إليكم الجزء الأول من تحليل يتحدث فيه عما يمكن أن يحل بتنظيم "داعش" والعالم العربي .. 

جاء الوقت في كل العام الذي تبدأ فيه هذه التمرينات الشاقة والخطرة، والتي تتمثل بتخمين ما يمكن أن يحصل خلال العام القادم حول العالم، حتماً ستكون هنالك مفاجآت، مثل تنظيم "داعش" الذي صدم العالم في 2014، وضم روسيا إقليم القرم الأوكراني إليها، وانهيار أسعار النفط الخام غير المتوقع، بالإضافة إلى الكثير غيرها التي ستترك بصماتها على أحداث عام 2015، وفقد تكون الإنجازات التكنولوجية أبرزها.. ولكن دعوني أبدأ بالأخبار السيئة.

تنظيم "داعش" لن يختفي عما قريب

لا أحد يتوقع نهاية قريبة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما يعرف باسم "داعش"، الذي أثبت متانته خلال الأشهر الستة الماضية منذ إحكامه سيطرة سريعة في العراق واقترب إلى بغداد، في الوقت الذي بدأت فيه الحكومة العراقية، وبالتحديد رئيس الوزراء العراق حيدر العبادي بإعادة تنظيم الجيش العراقي لسد الثغرات التي تربطه بالأقلية السنية في البلاد.

لكن "داعش" لا يعتمد على تقنية دفاعية فحسب بل هجومية، ويبدو وأنه متمكن على التوائم مع تغير مجرى النزاع، من خلال التنقل من السيطرة على المناطق وبين الأساليب الإرهابية الكلاسيكية، إذ يبحث يبحث القائمون عليه دائماً عن طرق لتشتيت القوات العراقية، التي تقوم بدورها بإيقاع بطيء.

وقد يكون أكبر أمل لدى التنظيم بأن تنضم إليه جماعات السنة شمال بغداد إن شعروا بأنهم يتعرضون للاضطهاد على يد المليشيات الشيعية، وأكبر نقطة ضعف لدى تنظيم "داعش" ستتركز على تمويل عمالتها باهظة التكاليف مثل توفير الخدمات الاجتماعية والماء والكهرباء وتوفير المستلزمات الغذائية، وهنالك العديد من الأمثلة من الآن، بالأخص في الموصل ثاني مدن العراق، على فشل التنظيم في توفير هذه المستلزمات.

وفي مرحلة ما بعام 2015 ستعمل القوات العراقية على استعادة الموصل، ولكن إجراء هجوم حاسم خلال هذا العام قد يبدو تفاؤلياً زيادة عن اللزوم.

في سوريا، توجد هنالك مؤشرات على ترقب تنظيم "داعش" إلى فتح جبهات قتالية جديدة، من جنوب دمشق وصولاً إلى الحدود اللبنانية، سواء كان ذلك تصرفاً مستقلاً أو كان بمساعدة فصائل قتالية أخرى قد تتعاون معها، إذ يحكم التنظيم سيطرته على شمال حلب وهو متجهز لاستغلال الفرصة التي قد تتوفر من ضغط نظام بشار الأسد على أي من القوى المعارضة له، حتى تظل دون خيار آخر.

إن ساحة القتال على الأرض السورية تتسم بالتعقيد مع التحالفات التي تأتي وتذهب في بلد يزخم بالانقسامات والانشقاقات التي تعمل على قتال بعضها بنفس مقدار قتالها لنظام الأسد، ومن غير المرجح أن نشهد نصراً عسكرياً على يد قوات النظام السوري أو معارضيه عام 2015، كما كان عليه الحال عامي 2013 و2014.

يقول جوشوا لانديس، أحد مراقبي الوضع السوري في جامعة أوكلاهوما، إن "لن يكون هنالك مفر من تحول البلاد إلى الوضع الذي عاشه الصومال تحويل الوضع كما هو في الصومال، الذي شهد ترخيص المجتمع الدولي لأي من مراكز القوة كما يحدث في سوريا التي لا تتوقف فيها قوى المعارضة عن قتال بعضها."

الأمر الوحيد الذي يمكنه أن يوقف سفك الدماء السورية هو هدنة سياسية، مثلما كان الوضع في لبنان والبوسنة خلال العقود الماضية، لكن هذا أيضاً قد لا يحدث بسبب التدخل الروسي كوسيط في النزاع، وبالأخص كون "داعش" وجبهة النصرة الموالية لتنظيم القاعدة، من أكبر القوى المنشقة في البلاد، بينما القوى المعتدلة التي كان يفضل المجتمع الدولي تواجدها بالسلطة، قد تشتت.

ورغم كل هذا، فإن الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات تركت أثرها على النظام، إذ يتوقع أرون لوند في مركز "Syria Comment" بأن "البنية الأساسية لصمود النظام مثل الميزانية والبنية التحتية والقوى البشرية" قد تشكل نقطة محورية خلال العام المقبل، خاصة مع تمويل القتال المستمر للقوى البشرية المتمكنة على ساحات القتال، وسط عقوبات مفروضة على أكبر حلفاء النظام، إيران وروسيا، وهي من الدول التي تأثرت بشكل كبير من انخفاض أسعار النفط (وهي نقطة سأشرحها تفصيلاً لاحقاً)... ليواجه ثلاثة ملايين لاجئ سوري عاماً آخر من العيش في الخيم والملاجئ، ثلثهم من الأطفال الذي يتلقى القليل منهم فقط تعليماً مناسباً، وفقاً لإحصائيات منظمة يونيسيف.

الدول العربية في صراع

إن وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري قارن "داعش" مؤخراً بحرب الثلاثين عام التي مزقت أوروبا إرباً في القرن السابع عشر، ومن الصعب مناقشته في هذه النقطة في وقت يتلون في العالم العربي بمختلف الألوان الجهادية، بدءاً من بنغازي في ليبيا وصولاً إلى صنعاء باليمن.

إذ تخالط أربع من أكبر الدول العربية أزمات وصراعات في حروبها الأهلية، فالوضع تغير في ليبيا عام 2014 ليخلق جواً امتزجت فيه فوضى العشائر مع الجماعات الجهادية لتتقاتل على الأراضي والنفط، بينما البرلمان القابع في طرابلس يقف بلا حول ولا قوة على هامش الحدث، ولينخفض معدل إنتاج النفط في البلاد إلى ربع ما كان عليه قبل أربعة أعوام.

توقعوا أن تسوء الأحوال الليبية بشكل أكبر خلال العام القادم، مع غياب سلطة الدولة وتشجيع قدوم المزيد من المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أفريقيا إلى البحر المتوسط، يمكن أن نتنبأ بأن تتدفق هذه الفوضى إلى البلدان المجاورة لليبيا لتتأثر الدول الضعيفة مثل النيجر، ويمكن أن يدفع وجود بؤر جهادية في الصحاري بأن يتخذ الجيش المصري بعض الإجراءات.

أدرك الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، المشاكل طويلة الأمد في العالم العربي، وقدرات أمريكا المحدودة على التدخل، إذ قال في مقابلة بنهاية عام 2014 عبر قناة "National Public" الإذاعية إنه "عندما يتعلق الأمر بما يبدو وكأنه مشروع تتناقله الأجيال في ليبيا أو سوريا أو العراق، يمكن أن نساعدهم، لكن لا يمكننا أن نحل أزماتهم نيابة عنهم."

وأوضح أوباما خلال فترة استلامه للرئاسة بالعامين الماضيين بأنه لن يتسرع في إدخال أمريكا بمشاريع لإعادة البناء في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر، مضيفاً بأن منتقديه في واشنطن "يعتقدون بأنك تحرك قطع في لعبة شطرنج، عندما نبلغ لهذا الحد من الغطرسة، دائماً نتعرض للاحتراق."