اليمن أحدث نقطة صراع بين السنة والشيعة: أخطر فرع للقاعدة يواجه الحليف المحلي لإيران.. والسعودية تراقب

الشرق الأوسط
نشر
6 دقائق قراءة
اليمن أحدث نقطة صراع بين السنة والشيعة: أخطر فرع للقاعدة يواجه الحليف المحلي لإيران.. والسعودية تراقب
Credit: afp/getty images

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) -- أقحمت سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء البلاد في دوامة جديدة من الصراع قد تشكل فصلا أكثر سوداوية من فصول السنوات الماضية، فقد أخذت المواجهة العنيفة والمفاجئة بين الحوثيين وحرس الرئيس عبدربه منصور هادي شكل الانقلاب، قبل أن يبرز حديث عن اتفاق لتقاسم السلطات لتتسارع الأحداث بعد ذلك بحيث أصبح هادي وكأنه منزوع السلطات وسجين في منزله.

ومن انهيار الوضع الأمني والسياسي في البلاد يبدو أن هناك جماعة واحدة – إلى جانب الحوثيين – تنتظر قطف ثمار هذه الأحداث، وهي القاعدة.

والحوثيون هم جماعة شيعية من داخل الطائفة الزيدية التي تشكل قرابة 30 في المائة من سكان اليمن، ومن بين أبرز شعاراتهم "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام" وقد خاضعوا معارك عنيفة مع القوات الحكومية طوال عقد من الزمن، غير أن وجهتهم تحولت نحو العاصمة صنعاء احتجاجا على مجريات العملية السياسية.

ويشكل إمساك الحوثيين بمفاصل السلطة في صنعاء فرصة ذهبية للقاعدة من أجل تجنيد وحشد عناصر جديدة، فالتنظيم مناهض للشيعة، وقد سارع إلى تقديم نفسه على أنه الجهة التي توفر الحماية للسنّة. وقد دعا القيادي بالتنظيم، نصر الآنسي، منذ سبتمبر/أيلول الماضي لمهاجمة نقاط الحوثيين وعرباتهم، كما قام أحد عناصر القاعدة بتفجير نفسه في تجمع لهم بصنعاء، ما أدى لسقوط عشرات القتلى.

نقطة ملتهبة جديدة بين السنة والشيعة

لطالما عانت الحكومة اليمنية من أجل فرض سيطرتها على أراضيها بسبب تعدد الولاءات القبلية والحزبية، ومع الضعف الشديد الذي تعانيه الآن فإن البلاد قد تنقسم بين مناطق خاضعة لسيطرة القاعدة وأخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين. وتمتلك القاعدة فرصة لمد نفوذها نحو المناطق الجنوبية والشرقية من البلاد، وهناك تقارير عن تحالف بعض القبائل المحلية معها لرد هجمات الحوثيين، أي أن اليمن بطريقها للتحول إلى دولة فاشلة من النوع الذي تعشعش فيه التنظيمات المتشددة.

قبل عامين سيطر عناصر القاعدة على مساحات واسعة من جنوب اليمن، واضطر الجيش إلى شن حملة واسعة بمساندة جوية كثيفة من الطائرات الأمريكية العاملة بدون طيار من أجل استرداد القرى والمدن التي احتلها، ولكن الفرصة قد تبدو مواتية للتنظيم من أجل شن حملة ثانية مماثلة.

وتعتقد الولايات المتحدة أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي ينشط انطلاقا من اليمن، مازال الخطر الأكبر على الأمن الداخلي الأمريكي، خاصة مع خبرته الواسعة في صنع المتفجرات والتي عرضها عبر ثلاث محاولات لتفجير طائرات متجهة إلى أمريكا، والتي يُخشى أن يسعى لنقلها إلى شبكات إرهابية أخرى مثل "شبكة خراسان" التي تعمل في سوريا.

وعلى غرار التطورات في سوريا والعراق، تبدو خطوط الصراع في اليمن بطريقها لتصبح عبارة عن مواجهة بين السنة والشيعة، ولكن المشكلة باليمن – وكذلك بالعراق وسوريا – وجود صراع داخل الطائفة السنية على زعامة الساحة السياسية بين الجماعات المتشددة، مثل داعش والقاعدة، وبين الجماعات الأقل تشددا، فجماعة الإخوان المسلمين حاضرة باليمن عبر حزب التجمع اليمني للإصلاح، والذي بدوره يمقت الحوثيين بشدة.

ويشكل الصراع في اليمن فرصة لتنظيم داعش من أجل محاولة الدخول على خط الأحداث، وقد سبق لزعيم التنظيم، أبوبكر البغدادي، أنت وجه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رسالة إلى السنة في اليمن داعيا إياها للوقوف بوجه "الحوثيين الرافضة" على حد تعبيره، بينما ذهبت بعض الشخصيات التي كانت من قيادات الصف الثاني بالقاعدة، مثل مأمون حاتم، إلى حد مبايعة داعش.

الدور الإيراني

سبق للعديد من المسؤولين اليمنيين أن اتهموا إيران بالتدخل في شؤونهم وتوفير السلاح والمال للحوثيين بمحاولة للسيطرة على سواحل اليمن الواقعة على البحر الأحمر عند مدخل باب المندب، أحد الممرات المائية الأكثر ازدحاما في العالم، بل إن الرئيس هادي نفسه اتهم حزب الله اللبناني بتقديم الدعم العسكري والفني للحوثيين.

وبالطبع، فإن هذا التطور سيدفع السعودية إلى النظر بتوتر نحو حدودها بعدما باتت متوقعة بقوى شيعية من الجنوب ومن الشرق. أما في الداخل اليمني، فيبدو أن الحوثيين مازالوا يحصلون على دعم القوى التابعة للرئيس السابق، علي عبدالله صالح، الذي تمسك بالسلطة رغم الضغوطات الشعبية قبل أن يخرج منها بموجب مبادرة خليجية.

ولا يظهر على صالح أنه يرغب في التقاعد السياسي، فقد شق طريقه خلال الأشهر الماضية عائدا إلى الساحة السياسية بطريقة أغضبت حتى الإدارة الأمريكية التي فرضت عليها عقوبات، واتهمت بمحاولة زعزعة استقرار البلاد عبر الاستعانة بـ"قوى أخرى".

ربما تكون اليمن دولة فقيرة، ولكنها تتمتع بموقع استراتيجي عند باب المندب وقرب خطوط النقل البحري العالمية، ولكن معظم تلك المساحة قد تكون اليوم مفتوحة على صراع مقبل بين أخطر فرع لتنظيم القاعدة وبين جماعة تحصل على الدعم العسكري والمالي من إيران.