عامر السبايلة يكتب لـCNN عن الحل السياسي ومعضلة بقاء بشار الأسد

الشرق الأوسط
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير عامر السبايلة
عامر السبايلة يكتب لـCNN عن الحل السياسي ومعضلة بقاء بشار الأسد
جندي من قوات النظام السوري يراقب الدخان بالقرب من تمثال باسل الأسد في مدينة الحسكةCredit: YOUSSEF KARWASHAN/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم د. عامر السبايلة، والآراء الواردة أدناه لا تعكس بالضرورة وجهة رأي شبكة CNN.

بالرغم من تشكل مناخات ايجابية للاتفاق على صيغة نهائية للحل السياسي في سوريا، الا ان نقطة اشتراط  تنحي الرئيس السوري قبل الشروع بأي خطوة عادت لتمثل "عقدة المنشار" بالنسبة لمحور الولايات المتحدة. لكن منذ اخفاق مؤتمر "جنيف ٢" في صياغة معادلة الحل الى يومنا هذا استجدت كثير من المعطيات التي تفترض أن مكافحة الارهاب والحد من انتشاره وانتشار الكوارث الناتجة عن اطالة أمد الازمة السورية يتطلب تحركا حقيقيا لاطلاق عملية الحل السياسي.

التحول السلبي اللافت في طبيعة الازمة السورية يظهر بوضوح من خلال غياب استراتيجية حقيقية على الارض لمواجهة تنظيم داعش وتحول مسألة اللاجئين الى معضلة أوروبية بصورتها الانسانية في المرحلة الحالية والتي قد تأخذ بعداً أمنياً في المستقبل القريب وفقاً لكثير من التقارير الامنية. لهذا فمن الطبيعي ان تشهد مواقف كثير من الدول المتضررة من استمرار الازمة تحولاً لافتاً في الطرح والرؤية كما جاء مؤخراً على لسان وزيري خارجية النمسا واسبانيا.

وحتى يتسنى فهم طبيعة التغير في مواقف كثير من الدول لابد من الاجابة على بعض الاسئلة، من طراز: هل هناك فعلاً رغبة بايجاد حل للازمة السورية؟

وماذا يعني الاتفاق على بنود "جنيف ١" و الاختلاف على آليات وأولويات التطبيق؟ وهل هناك نية حقيقية لمكافحة الارهاب على الأرض؟ وهل يمكن الحديث عن خوض حرب على داعش وفي نفس الوقت رفض التعامل مع الجيش السوري الذي يخوض حربا ضد التنظيم؟ أو هل يمكن فعلاً السماح لأردوغان بخوض حرب ابادة ضد المقاتلين الاتراك المنخرطين بمحاربة داعش؟

 الواضح ان الاجابات على هذه الاسئلة تشير منطقياً الى سبب التغير في رؤية بعض الدول وفي سعيها لتبني وجهات نظر جديدة لاحداث تقدم ملموس في موضوع الحل السياسي ومكافحة الارهاب، أو حتى التطرق الى ضرورة التعامل مع الدولة السورية باعتباره امراً واقعاً وضرورة فتح قنوات حوار معها، كما جاء في التعبير الاسباني والنمساوي الأخير.

الرؤيا التي تشاركت بها ايران وروسيا تفترض ان الأولوية الأمنية تقتضي ان تحتل استراتيجية مكافحة الارهاب أولوية الحديث عن اي حل سياسي باعتبار ان الخطر الارهابي بات يتهدد الجميع، وان احداث اي تغيير غير مدروس في سوريا سواء بالقوة او باستمرار الضغط السياسي قد يولد نتائج كارثية. لهذا فان السؤال الأبرز الذي تطرحه موسكو وحلفاؤها اليوم يتمحور حول فعالية ومنطقية الاصرار على تنحي الاسد قبل الشروع في عمليات تنسيق استراتيجية مكافحة الارهاب، والاثر الخطير الذي قد يحدثه هذا الاصرار على توسع رقعة الانتشار الارهابي وخطورة عدم السيطرة عليه مستقبلاً.

في النهاية، بالرغم من التباين الواضح في المواقف بين موسكو وواشنطن، الا ان الاتفاق على الخطوط العريضة للحل يبدو جلياً، ومع تزايد النتائج السلبية لسياسة اطالة أمد الازمة ودخول صقور تعطيل الحل السياسي (الرياض وأنقرة) في أزمات امنية ناتجة عن انخراط الطرفين في معارك استنزاف سواء في اليمن بالنسبة للسعودية او ضد المقاتلين الاكراد بالنسبة لتركيا، فان معادلة الحل السياسي باتت تجد مناخات ايجابية خصوصاً مع توافر رؤية دولية جديدة تدرك حجم المخاطر القادمة ورغبة اقليمية من دول كمصر وايران تتوافق في جوهرها على ضرورة انجاز الحل السياسي قبل ان تصل الأمور الى نقطة اللاعودة والتي يستحيل التعامل معها لاحقاً.