عامر السبايلة يكتب لـCNN: ما الذي يمنع أن تكون الحرب ضد داعش واحدة؟

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
تقرير عامر السبايلة
عامر السبايلة يكتب لـCNN: ما الذي يمنع أن تكون الحرب ضد داعش واحدة؟
صورة تظهر المباني المتضررة في بلدة تلبيسة بحمصCredit: MAHMOUD TAHA/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم د. عامر السبايلة، والآراء الواردة أدناه لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.

مع دخول روسيا المباشر على خط مواجهة الارهاب في سوريا تكون الأزمة السورية قد دخلت منعطفاً مهماً قد يدفع بالجميع الى ضرورة التوافق على اعلان انطلاق قطار التسوية السياسية في سوريا.

 توقيت التحرك الروسي جاء بعد مرحلة من التقاربات والتفاهمات التي قامت بها موسكو مع عدة أطراف ومنها واشنطن. الا ان سياسة عدم الحسم الامريكي التي سادت في المرحلة الماضية خصوصاً منذ ظهور تنظيم داعش أدت الى خلق مساحة كافية لفرض سياسة تملأ الفراغ الناتج عن غياب رؤية حقيقية لمواجهة التنظيم الارهابي وتفريخاته المتعددة. لهذا جاء التحرك الروسي الحالي على شكل اقتناص لدور الريادة في قيادة التحالف في مواجهة الارهاب.

بالرغم من سهام الانتقاد التي يوجهها البعض لموسكو وتحركها المباشر في سوريا، الا ان الخطوة الروسية استطاعت في جوهرها ان تقلص عمليا أي مساحة للمناورة ضد روسيا، فالجميع يتفق على ضرورة مكافحة الارهاب ويختلف في بعض تفاصيل الانتقال السياسي في سوريا ودور الرئيس الأسد. لهذا من الممكن انتقاد تفاصيل العمليات العسكرية الروسية في سوريا، لكن من الصعب انتقاد الدور الروسي في مواجهة الارهاب المستشري في المنطقة، خصوصاً ان الجميع مازال يتساءل عن جدوى الضربات التي وجهتها قوات التحالف على مدى العام الماضي لتنظيم داعش. في المقابل، يبدو التحرك الروسي فعالاً في التعامل مع الامور، فكثير من التقارير الأمنية تشير الى ان موسكو قامت باتمام استهداف بنك الاهداف المدروس بعناية في أولى أيام الضربات الجوية، حتى ان الكثير من المراقبين بدأوا يلاحظون ارتفاع اداء القوات العراقية والسورية المرتبطة بغرفة العمليات الروسية المشتركة ودقة عملياتها، التي كان آخرها العملية التي قام بها الجيش العراقي والتي كادت تودي بحياة زعيم تنظيم داعش، أبوبكر البغدادي.

التردد العسكري لدى بعض القوى وغياب اي رغبة بالانخراط في مواجهة مباشرة مع تنظيمات ارهابية على الأرض السورية كانت وراء تمهيد الطريق لتصيد موسكو المشهد الحالي. يضاف الى ذلك غياب استراتيجية دولية حقيقية لمواجهة الارهاب في سوريا والعراق. اما المخاوف الحالية لدى معظم المترددين او المنخرطين في الازمة السورية، فتكمن في اختلال موازين القوى على الأرض لصالح النظام في سوريا وبالتالي تكريس وفرض وجهة النظر الروسية على المشهد السوري وعلى شكل الحل السياسي. لكن الى متى يمكن لكافة الرافضين لهذا التحرك الروسي ان  يستمروا في رفض التدخل الروسي المغلف بهدف "مكافحة الارهاب"؟

ان انخراط موسكو المباشر في الحرب على الإرهاب في سوريا هو بمثابة ترجمة عملية للطرح النظري الذي كان الرئيس بوتين قد طرحه سابقاً بخصوص تشكيل حلف لمواجهة الارهاب. فالخطوة الروسية قادرة على تكسير كافة "التبوهات" الناتجة عن اي تحرج من التنسيق مع سوريا والذي يمكن ان يتم اليوم عبر التنسيق مع موسكو، وبالتالي يقدم التحرك الروسي عاملاً مساعداً لكثير من اصحاب المواقف المتشددة لتغيير مواقفهم من الأزمة السورية.

لكن في المقابل تبرز تحديات كبيرة امام بعض الدولة الساعية بطريقة مباشرة اوغير مباشرة للانضمام الى هذا التحالف او بالأحرى التنسيق المباشر معه، على سبيل المثال مصر والأردن وبعض دول الخليج مضطرة للتعامل بواقعية تامة مع ما يجري من تطورات. الأردن مثلا قد يشعر بنفسه مضطراً للسعي جاهداً للانضمام او التنسيق مع هذا الحلف بالتحديد، خصوصا مع تزايد احتمالية توجيه ضربات روسية الى المناطق الجنوبية لسوريا.

ان خطر غياب التنسيق بالنسبة للأردن قد يدفع بعمّان الى خطر مواجهة النتائج المترتبة على استهداف المسلحين، خصوصاً اذا ما وصلت الضربات الروسية الى المناطق السورية المحاذية للحدود الأردنية او في حال تشكلت حركة نزوح للارهابيين تجاه قرى الأردن الحدودية.

ليست المسألة حرباً بين حلفين (روسيا والولايات المتحدة) بل هي في جوهرها اختلاف على جزئيات تفصيلية في المراحل الانتقالية القادمة، لكن قد تشكل مرحلة التفاهمات المتشكلة في هذه المرحلة أساساً لتفاهمات أخرى قادمة تتعلق بتفاصيل وتطبيقات عملية الحل السياسي الذي قد لا يقتصر على المسألة السورية، بل قد يتعداها الى كافة القضايا العالقة في المنطقة والتي باتت متداخلة في كثير من تفاصيلها بصورة واضحة جداً. لكن، يبقى السؤال الأبرز هو:"ان كان تنظيم داعش هو العدو الارهابي الذي يرغب الجميع بمحاربته، اذاً ما الذي يمنع أن تكون الحرب ضده هي واحدة أيضاً؟