رأي حول "الصعوبات الكبيرة" التي تواجه التحالف الإسلاميّ ودور بعض الدول المشاركة فيه

الشرق الأوسط
نشر
8 دقائق قراءة
تقرير شمس الدين النقاز

هذا المقال بقلم شمس الدين النقاز، والآراء الواردة أدناه تعكس وجهة نظر الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.

اختتمت السنة الماضية أحداثها بتشكيل تحالف دولي ضد تنظيم الدولة الإسلاميّة في شهر سبتمبر بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، وشاءت الأقدار مجددا أن يكون ختام السنة الجارية بتحالف إسلامي ضدّ الإرهاب بقيادة المملكة العربية السعودية الّتي سبق وأن قادت تحالف عربيّا في اليمن تحت مسمّى "عاصفة الحزم" في 25 من شهر مارس/آذار الماضي ضدّ جماعة أنصار الله "الحوثيين" وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

بين 2014 و 2015 ظلّت التحالفات العسكرية تتشكل والحروب تشتعل والضحايا تتساقط يوميا بالعشرات وبقي الإرهاب متواصلا يؤرق العالم بأسره دون أن يعثر على الحلّ المناسب لوقفه ووقف نزيف الدماء في العالم.

الإثنين 14 ديسمبر الجاري، وفي ساعة متأخرة من الليل، ألقى الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي، كلمة لم تتجاوز 46 ثانية أعلن فيها عن تشكيل "تحالف إسلامي" لمحاربة الإرهاب ضمّ 34 دولة بقيادة السعودية.

هذا التحالف "الإسلامي" الجديد، وعلى عكس التحالف الدولي بدا هشّا منذ الساعات الأولى التي أعقبت الإعلان عنه، فبعد أقل من 24 ساعة أعلنت كلّ من باكستان ولبنان وتركيا وماليزيا رفضها المشاركة عسكريا مبدية في الوقت نفسه تعاطفها مع السعودية ووقوفها ضد الإرهاب.

قد يهمك أيضاً.. الحرب ضد داعش: لماذا لا يتدخل العرب بشكل أكبر؟

هذا التحالف الذي وصفه الصحفي البريطاني المخضرم "بيل لو" بأنه نمر من ورق للاستهلاك المحلي" يبدو أشدّ ضعفا من كلّ التحالفات التي شكّلت في السنوات الأخيرة وذلك لعدة أسباب.

أوّلا: تفاجؤ بعض الدّول من إدراج اسمها في قائمة المشاركين وإعلانها عن رفضها المشاركة عسكريا.

ثانيا: كيف لتحالف عسكري ضد الإرهاب أن يعلن عن نفسه دون أن يستشير الدول المعنية والمتضرّرة بصفة مباشرة على غرار سوريا والعراق قبل اتخاذ هذا القرار؟

ثالثا: عدم تحديد السعودية قائمة في الجماعات الإرهابية وتصريح الأمير محمد بن سلمان من أنّ التحالف الجديد سيحارب هذه الجماعات بغض النظر عن معتقداتها، حيث أنّه وفي سياق ردّه على سؤال في المؤتمر الصحفي حول إذا ما كان تنظيم الدولة الإسلامية هو الهدف الرئيسي للتحالف، أجاب "سنقاتل أي منظمة إرهابية ستقف في وجهنا" فهل تدخل حركة الإخوان المسلمين وحزب الله اللبناني في قائمة المستهدفين أم لا خاصّة وأنّهما مصنّفتان ضمن قائمة الإرهاب السعوديّة؟

رابعا: بعض الدول المشاركة في هذا التحالف لا حول لها ولا قوة في المجال العسكري وتعتبر جيوشها ضعيفة مقارنة بنظيرتها الخليجية بل إنّ مشاركتها ستكون للبركة أكثر منها للحركة.

خامسا: ما الّذي يمكن أن يضيفه هذا التحالف الإسلامي على الأرض على غرار التحالف الدولي الّذي يقصف ليل نهار إذا ما لم يتمّ إقرار تدخّل بريّ؟

سادسا: هناك شكوك تحوم حول قرار تشكيل التحالف الّذي رجّح المراقبون أنّه لم يكن مستقلّا بل كان نتيجة ضغوطات مارستها القوى الإقليميّة الكبرى على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الشمال الأطلسي "الناتو" خاصّة وأنّ الأخير كان قد صرّح أمينه العام ينس شتولتنبرج في حوار مع صحيفة تاجس أنتسايجر السويسرية قبل أيّام من إعلان التحالف الجديد، بأنّ "المسلمين على الخط الأمامي لهذه الحرب ومعظم الضحايا مسلمون ومعظم من يقاتلون ضد "داعش" مسلمون لذلك لا نستطيع أن نخوض هذا الصراع بالنيابة عنهم."

كذلك، أكّد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أكثر من مرّة أن الولايات المتحدة تحتاج إلى شريك فعال في محاربة "الدولة الإسلامية" على الأرض وأن القوات البرية المحلية هي التي يجب أن تحارب ميدانيا لا أن "نحارب مكانها".

ويبدو ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان طموحا بشكل كبير في تأكيده "إن التحالف الإسلامي العسكري الجديد سينسق الجهود لمحاربة الإرهاب في العراق وسوريا وليبيا ومصر وأفغانستان." فكيف يمكن لهذا التحالف أن يحارب المجموعات "الإرهابية" في 5 دول في حين أنه لم يستطع القضاء على الحوثيين والقوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح حتى الآن وهما لا يضاهيان قوّة "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا ناهيك عن فروعها في كل من مصر وليبيا وأفغانستان.

كذلك بالفيديو: مراسل CNN من قاعدة حميميم الروسية بسوريا.. موسكو بين دعم الأسد وقتال داعش

فالتحالف الدولي الّذي تجاوزت عدد الدول المشاركة فيه 60 دولة، وبعد أكثر من 15 شهرا وأكثر من عشرة آلاف طلعة وغارة جوية لم يحرز تقدّما كبيرا على الأرض ولا تزال مدن الرقة والموصل والفلوجة تحت سيطرة تنظيم الدولة الّذي استطاع التأقلم والصمود أمام أحدث الصواريخ التي تطلقها طائرات الـ.الأمريكية والرافال والميراج الفرنسيتين، بل سيطر أيضا على مدن أخرى في كلّ من سوريا والعراق وعلى رأسها تدمر والرمادي.

البعض سيقول لماذا تجاهل الكاتب خسائر التنظيم البشرية والمادية وفقدانه السيطرة على عدد كبير من الأراضي؟

صحيح أنّ "الدولة الإسلامية" خسرت كلّا من مدينة تل أبيض السورية ومدينتي تكريت وبيجي العراقيتين وكذلك بلدة سنجار، لكن لم تمنع خسارة هذه المدن التّنظيم من التقدّم والسيطرة على مدن أخرى قالبا بذلك المعادلة، ولعلّ الباحث في مسيرة الكرّ والفرّ بين التنظيم وخصومه في عام 2015 سيصل في النهاية إلى نتيجة مفادها خسارة طفيفة لتنظيم الدولة مقابل نصر إعلاميّ أكثر منه على أرض الواقع لخصومه.

الظروف الإقتصادية الحالية لن تساعد السعودية في هذه "الحرب المفتوحة" التي تنوي دخولها، بل إنّ شنّ حرب جديدة سيكون استنزافا لمليارات الدولارات من الإحتياطي النقدي، وليس هذا رجما بالغيب بقدر ما هو قراءة لواقع السوق ووضع المنطقة بصفة عامّة خاصّة وأنّ أسعار النفط في العالم في تدنّ ووصل برميل النفط إلى ما دون 40 دولارا، وهو ما أثّر على الإحتياطي النقدي السعودي خاصّة وأنّ أكثر من 90% من إيرادات المملكة نفطيّة.

كذلك فإنّ بعض الدّول الّتي أعلنت عن مشاركتها في هذا التحالف على غرار موريتانيا والبنين وتونس يبدو أنّها وافقت من أجل تكثير سواد المشاركين لا غير، فجيوشها غير قادرة على المشاركة في حرب خارج حدودها وأسباب ذلك عديدة. لهذا فإنّ هذا التحالف يعتبر كمّيا أكثر منه نوعيّ حتّى أنّ جيش الطريقة النقشبنديّة بقيادة نائب الرئيس العراقي السابق عزت الدوري طمع ويطمح في الإنضمام لهذا التحالف الجديد لشعوره بالقدرة على تقديم إضافة أكبر من دولتي جزر القمر وجيبوتي مجتمعتين

في الأخير يبدو أنّه كتب علينا أن نعيش زمن الحروب والتحالفات العسكرية في هذا القرن الـ 21، كما كتب على شعوب المنطقة العربية أن تبقى بين مطرقة "الحكّام" وسندان "الإرهاب" حيث أصبحت المعادلة في السنوات الأخيرة إمّا نحن نحكمكم أو الإرهاب يقتلكم.