رأي: وصول داعش إلى أمريكا أصعب من وصوله لأوروبا... ولكن ماذا عن التطرف الداخلي؟

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
رأي: وصول داعش إلى أمريكا أصعب من وصوله لأوروبا... ولكن ماذا عن التطرف الداخلي؟
Credit: SAFIN HAMED/AFP/Getty Images

مقال لبيتر بيرغن، محلل شؤون الأمن القومي لدى CNN، ونائب رئيس منظمة New America، والبروفيسور في جامعة Arizona State، وصاحب كتاب "الجهاد في الولايات المتحدة الأمريكية". الآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) – بعد أن هاجمت مجموعة مكونة من ثمانية مسلحين بلجيكيين وفرنسيين، تدربوا جميعا على يد داعش في سوريا، العاصمة الفرنسية، باريس، في 13 نوفمبر/تشرين ثاني، مخلفة 130 قتيلا، يُطرح السؤال التالي: هل من الممكن أن يقوم عناصر داعش بمثل هذه العمليات الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية؟

جون برينان، مدير المخابرات المركزية الأمريكية، قال في برنامج تلفزيوني الأحد، معقبا على إمكانية قيام داعش بعمليات إرهابية داخل الولايات المتحدة الأمريكية، إنه يتوقع بأن تحاول هذه العناصر تحضير ما تحتاج إليه للقيام بهذه العمليات، وأكد أن هذه المحاولات "لا مفر منها" ولكن من الممكن منع نجاحها.

قد يهمك: توقعت هجمات سبتمبر وتسونامي و"داعش".. هل تتحقق توقعات "بابا فانغا" بنهاية العالم؟

احتمالية حدوث عمليات إرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية قليلة، مقارنة بإمكانية حدوثها في أوروبا، إذ أن عدد الأمريكيين الذين التحقوا بداعش في سوريا ليس بالكبير، كما أن من ذهبوا إلى سوريا "حجزوا تذكرة باتجاه واحد"، ما يعني أنهم لم يعودوا إلى البلاد. إذ التحق 23 أمريكيا بالجماعات المسلحة في سوريا بشكل علني، قتل منهم تسعة أشخاص في المعارك التي خاضوها مع داعش أو غيره من المنظمات الإرهابية، كنيكول مانزفيلد، صاحب الـ 33 عاما من ولاية ميتشيغن، والذي قتل عام 2013، ومنير محمد أبو صالحة، من ولاية فلوريدا، والذي قتل في عملية انتحارية قادها تنظيم القاعدة في سوريا عام 2014.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد حصلت حادثة واحدة فيما سبق، إذ عاد عبد الرحمن شيخ محمود، صاحب الـ22 عاما، من سوريا بعد شهرين على وصوله إليها في منتصف إبريل/نيسان عام 2014. وزعمت الحكومة الأمريكية حينئذ أن فرع القاعدة في سوريا تواصل مع محمود وأمره بأن يعود إلى أمريكا لينفذ فيها عملية إرهابية ويقتل فيها جنودا أمريكيين في قاعدة تكساس العسكرية، رغم أنه نفى صحة تلك التهم.

ولكن التهديد في الولايات المتحدة الأمريكية يكمن في نمو التطرف بين الأمريكيين أنفسهم أو تأثّر بعضهم بأفكار داعش، حتى لو لم يتدربوا على أيدي هذا التنظيم، وهم ما يمكن أن نسميهم بالـ "الذئاب المنفردة". فلم يتدرب أحد من الذين نفذوا اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول عام 2001، على أيدي هذه الجماعات الإرهابية ورغم ذلك نجحوا في مهمتهم، إضافة إلى كارلوس بليدسو، الذي قتل جنديا أمريكيا في ولاية أركنساس عام 2009، والرائد نضال حسن، الذي قتل 13 جنديا أمريكيا في تكساس بنفس السنة، وماراثون بوسطن وجريمة سان بيرناندينو.

أيضاً.. أرقام "صادمة": اختفاء حوالي 10 آلاف طفل من المهاجرين إلى أوروبا ومخاوف من الاتجار بهم

هؤلاء جميعا لم يتلقوا تدريبا ولا توجيها من الجماعات الإرهابية. بل إن "الذئاب المنفردة" هذه قتلت حتى اليوم 45 أمريكيا، خلال عقد ونصف العقد، وهذا أمر مؤسف وتراجيدي، لكنه لا يقارن بكارثة 11 سبتمبر/أيلول ولا حتى بأحداث باريس الأخيرة.

ورغم كل هذه المخاوف، تبقى احتمالية وقوع أعمال إرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية قليلة، ذلك لأنها محمية أولا بفضل الجغرافيا، فالوصول من دمشق إلى نيويورك أصعب جغرافيا من الوصول من دمشق إلى باريس، إذ يمكنك القيادة من دمشق إلى باريس ولكنك لا تستطيع القيادة من دمشق إلى نيويورك. وثانيا لأن عددا الأمريكيين الملتحقين بداعش في سوريا أو المتعاطفين مع أيديولوجيتها في الحد الأدنى يبقى ضئيلا.

و.. آخر ضحايا الإرهاب: ورقة الـ500 يورو النقدية.. يدرس البنك المركزي الأوروبي التخلص منها

ولكن هذه العوائق يمكن أن تزال من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يمكن للمتأثرين بفكر داعش في الولايات المتحدة الأمريكية أن يتواصلوا مع التنظيم في سوريا من خلال هذه المواقع. ولقد رأينا ما حدث في مايو/أيار الماضي عندما هاجم مسلحان أمريكيان متأثران بفكر داعش، مسابقة للرسوم الكرتونية للنبي محمد في تكساس، وقد أرسلا مائة رسالة مشفرة لإرهابي خارج البلاد، وفقا لما قاله مكتب التحقيقات الفيدرالي، FBI.

ولكن أخيرا يبقى هناك سقف لخطورة هؤلاء المسلحين الذين لم تدربهم الجماعات الإرهابية، إذ أن خطرهم يبقى محدودا، مقارنة بخطر أولئك الذين تدربوا على أيدي تلك الجماعات في سوريا والعراق.