رأي: قرار رفض الاستيطان.. بداية للسلام وخبر سيء لداعمي حزب الله وحماس

الشرق الأوسط
نشر
5 دقائق قراءة
تقرير کاملیا انتخابی فرد
رأي: قرار رفض الاستيطان.. بداية للسلام وخبر سيء لداعمي حزب الله وحماس
Credit: afp/getty images

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في وقت متأخر من يوم 23 ديسمبر، تبنى مجلس الامن الدولي التابع للأمم المتحدة قراراً هاماً يقضي بضرورة انهاء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية. كانت نتيجة التصويت على القرار هي 14 دولة موافقة، ودولة واحدة امتنعت عن التصويت هي الولايات المتحدة. عم الصفيق أرجاء القاعة بعد تمرير القرار.

باختصار، ينص القرار على أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، بما  في ذلك القدس الشرقية، "ليس لها شرعية قانونية " ويطالب بوقف جميع أنشطة الاستيطان الإسرائيلية.

ومع أن هذا القرار جاء متأخرا 50 عاما، وصادف في نهاية الفترة الرئاسية الثانية للرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلا أنه يحمل رسالة هامة لإسرائيل وهي أن العالم متحد وغير راض عن احتلال الأراضي الفلسطينية.

يعيد هذا القرار إحياء مبدأ قيام دولتين، فلسطين وإسرائيل، جنباً إلى جنب، عندما تعيد إسرائيل للفلسطينيين أراضيهم المحتلة لإقامة دولتهم عليها، بغض النظر عن رأي رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي في حل الدولتين.

بالنسبة لي كمراقبة للشرق الأوسط، ومثل كثيرين من زملائي المختصين في شؤون الشرق الأوسط، أؤمن أنه لا يمكن الوصول إلى سلام في منطقة الشرق الأوسط ما لم يتم الوصول إلى تسوية حقيقية للقضية الفلسطينية. وحيث أن مجلس الامن أقرَّ هذه الحقيقة ولو متأخراً، فإن علينا تهنئة الدول الأعضاء والسعي للتعامل بجدية مع هذه المبادرة ونعمل على تطبيقها بشكل عملي بمساعدة القوى العالمية الفاعلة.

 إن الإرهاب الدولي، بكل ما انعكاساته وأبعاده، ينبع بشكل أساسي من مشكلة عدم تعاطي كثير من دول العالم بعدالة وجدية مع القضية الفلسطينية.

إسرائيل استولت على منازل الفلسطينيين واحتلت أراضيهم، وولدت أجيال بعد أجيال في بيئة صعبة في مخيمات اللاجئين بلا هوية، فماذا يمكننا ان نتوقع من هذه الأجيال الفلسطينية المظلومة؟ كثير من المنظمات الفلسطينية تعرضت للاستغلال من قبل قوى إقليمية ودولية تسعى لتنفيذ أجنداتها الخاصة في الصراع مع إسرائيل.

وفقد كثير من الإسرائيليين والفلسطينيين حياتهم في هذا الصراع غير العادل. كم من السنوات يمكن لإسرائيل ان تعيش في وسط الإرهاب؟ أصبح الجلوس في الحافلات او التسوق في المراكز التجارية بالنسبة للمواطنين الإسرائيليين أمراً محفوفاً بالمخاطر بسبب التفجيرات التي ينفذها بين الحين والآخر انتحاري يحمل حزاماً ناسفا،ً او صاروخ يضرب مدرسة للأطفال، أو شاب يطعن إسرائيليين بالسكين.

لا يمكن بالطبع إعطاء أي تبريرات للأعمال الإرهابية، وهي مرفوضة تماماً من جميع الأطراف، لكننا لا نستطيع ايقاف شخص يشعر أن أبناء بلده تعرضوا للإهانة وفقدوا القدرة على تأمين احتياجاتهم الأساسية. إن هذه الكراهية وأعمال العنف هي ما يجعل العالم اليوم يواجه المزيد من المعاناة. ان فكرة استعادة الأراضي الفلسطينية المحتلة الهمت الكثير من الجهاديين للقيام خطوات عملية على الأرض، وهذا أدى إلى انتشار العنف في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم.

السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون قال إن التصويت ضد إسرائيل يعتبر دعماً للإرهاب. ولكن الحقيقة هي أن تهدئة الوضع وحل الخلافات بين إسرائيل والفلسطينيين وإقامة دولتين سينهي الأسباب التي تتذرع بها بعض الدول لدعم جماعات متطرفة مثل حماس او حزب الله.

إن قيام دولتين جارتين، إسرائيل وفلسطين، يبدو كحلم بعيد، ولكنه حلم يظهر للتاريخ عدم استسلام الفلسطينيين، ويثبت أن السلام ممكن في الشرق الأوسط من خلال حل الصراع الإسرائيلي-االفلسطيني.

إن طريق تحقيق السلام بين فلسطين وإسرائيل قد يبدو طويلاً، لكن قرار الأمم المتحدة يشكل بداية جيدة ليوضح لإسرائيل بان العالم منزعج من ممارساتها الاستيطانية، وأن عليها ان توقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وموقف الولايات المتحدة في مجلس الأمن هذه المرة يبين تفهمها لضرورة إدانة الاحتلال الإسرائيلي وعمليات الاستيطان غير الشرعية.

الباحث الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد كان يركز على عدم وجود تواصل بين الولايات المتحدة والعالم العربي، وحتى بين الفلسطينيين وجيرانهم العرب، وكان يقول إن "غياب المبادرة عدونا الأعظم ".

دعونا نأمل ان هذا التواصل سوف يبدأ مع قرار مجلس الأمم المتحدة رقم 2334، وأن يكون القرار نقطة تحول لتحقيق ما يتوقعه العالم من الأمم المتحدة، وأن يكون أيضاً مبادرة حقيقية لمواجهة الإرهاب وتحسين الأمن العالمي.