في عصر اليوتيوب..لماذا تُمنع السينما السعودية؟

الشرق الأوسط
نشر
7 دقائق قراءة
في عصر اليوتيوب..لماذا تُمنع السينما السعودية؟
FAYEZ NURELDINE/AFP/AFP/GETTY IMAGES
5/5في عصر اليوتيوب..لماذا تُمنع السينما السعودية؟

وتضيف: "ما هو المغزى من حظر صالات السينما؟ أليس السعوديون أحراراً لمشاهدة ما يحلو لهم في منازلهم، وهم الذين يشكلون إحدى المجتمعات الأكثر استخداماً للإنترنت في العالم؟ كل محتوى العالم، غير المحظور والمجاني عادة، هو في متناول أيدينا. كما يمكن فصل صالات العرض بين الجنسين كما فُصلت الأماكن العامة في البلاد."

هيفاء المنصور هي مخرجة فيلم "وجدة،" وهو أول فيلم سعودي صُوّر داخل المملكة وأول فيلم طويل لمخرجة سعودية. "وجدة" هو أول فيلم سعودي يشارك في ترشيحات جوائز الأوسكار عن فئة أفضل فيلم طويل بلغة أجنبية في العام 2014.

*الآراء الواردة في هذه المقالة تعكس وجهة نظر صاحبتها ولا تعبر بالضرورة عن رأي CNN

(CNN)-- شهد هذا الأسبوع نهاية فترة جديدة من الحماس المطوّل حول إمكانية إعادة افتتاح صالات السينما في المملكة العربية السعودية، التي مُنعت منذ ثمانينيات القرن الماضي.

حطّمت أحلامي في هذا الصدد من قبل عدداً لا يُحصى من المرات. لكن، عادت إيجابيتي مجدداً بعد تأسيس الهيئة العامة للترفيه مؤخراً، كجزء من برنامج "رؤية 2030" في المملكة، والذي يعد بموجة من الإصلاحات الثقافية الهادفة إلى تنويع اقتصاد المملكة الذي يعتمد على البترول.

كوني مخرجة أفلام، غمرني الشعور بالترقب. تذكرت ذلك اليوم في العام 2012، عندما حاولت الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون عرض فيلمي "وجدة" على مسرح صغير في مدينة الرياض لمساعدته في الترشح لجوائز الأوسكار.

قد يهمك أيضاً: فيلم "بركة يقابل بركة".. هل سيدفع السعوديون "2535 ريالا" لمشاهدته؟

كان أول فيلم يُصوّر في المملكة، وكنت فخورة جداً بمشاركته مع الجمهور السعودي.

لكنني راقبت بلا حول ولا قوة بينما نشر المتفرجون مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لرجال ملتحين اقتحموا المسرح لإغلاقه.

تمكنا من عرض الفيلم لاحقاً في السفارتين الأمريكية والألمانية، لكن الأمر بالنسبة لي كان حلماً مؤجلاً.

لكن هذه المرة كان الأمر مختلفاً، وكأننا مضينا قدماً.

قد يهمك أيضاً: في فيلم "زنزانة" لماجد الأنصاري... سجين وسجّان وعبقرية الإثارة السينمائية

ألن يكون افتتاح الصالات السينمائية جزءاً طبيعياً من أي خطة تهدف إلى زيادة الترفيه المحلي في بلد يقضي غالبية سكانه معظم أوقاتهم في المنزل؟ هل يوجد جمهور مقيّد إلى هذا الحد في أي بلد آخر؟

ولن تكون هذه الصالات فقط صناعة محلية كبرى، بل يمكن السيطرة عليها لتناسب ثقافتنا. لماذا إذا هذه قضية؟

تهديدُ "غير أخلاقي" للقيم التقليدية

وبعد أسابيع من الأمل، فُطر قلبي مجدداً، بعد إعلان المفتى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وهو السلطة الدينية والقانونية العليا والأكثر تأثيراً في السعودية، أن صالات السينما والحفلات "غير أخلاقية" وتهدد القيم التقليدية.

وأثبتت تعليقاته أن صالات السينما تبقى واحدة من قضيتين تعتبران "خطاً أحمراً" في المملكة بشكل يرفض أي نقاش منطقي. وإلى جانب قضية قيادة المرأة للسيارة، يبقى افتتاح الصالات السينمائية قضية رمزية لعقلية "كل شيء أو لا شيء،" والتي يبدو أنه لا يمكننا تخطيها.

ورغم الكثير من التغيرات الإيجابية التي شهدتها البلاد، من عمل المرأة في كل مكان من المراكز التجارية إلى مجلس الشورى، على سبيل المثال، والخطوات التي أحرزناها في التحديث والتأقلم مع العصر الحديث، يبدوا أننا محكومون بأن نُعرف عالمياً بـ "الدولة التي لا تستطيع النساء القيادة فيها حتى الآن، وحيث لا تزال صالات السينما غير شرعية."

منع النساء من القيادة

ومنع النساء من القيادة هي قضية مباشرة إلى حد بعيد.

ورغم أن هذه القضية أقل حساسية من قضايا مثل نظام الوصاية والتمثيل القانوني للنساء (كثيرٌ من القضايا القانونية تتطلب موافقة ولي أمر رجل)، إلا أنها إحدى القضايا التي يسهل رؤيتها عالمياً على أنها تشكل قمعاً بالنسبة للنساء السعوديات.

ويرى المحافظون قيادة المرأة كآخر جدار حماية يقف أمام تمكينها، فالسيطرة على تحركاتنا هو أساس كل أنواع الوسائل القمعية الأخرى.

لكن، ما هو المغزى من حظر صالات السينما؟ أليس السعوديون أحراراً لمشاهدة ما يحلو لهم في منازلهم، وهم الذين يشكلون إحدى المجتمعات الأكثر استخداماً للإنترنت في العالم؟ كل محتوى العالم، غير المحظور والمجاني عادة، هو في متناول أيدينا. كما يمكن فصل صالات العرض بين الجنسين كما فُصلت الأماكن العامة في البلاد.

لكن هذه ليست المشكلة أيضاً.

قد يهمك أيضاً: سينما جديدة في القاهرة تخرج من تحت رماد حقبة ما بعد الثورة

هو سؤال أعمق حول دور الفنون في الحياة العامة في المملكة العربية السعودية. والآن، تُعامل كافة أشكال الفن على أنها خطر على هويتنا الثقافية.

السعوديون لديهم الغنى الثقافي

وعواقب هذا الأمر، هو أننا عندما نشاهد أنفسنا على الشاشة الفضية نرى جانباً واحداً، يعتبر السعوديين إرهابيين ومتطرفين أو بدائيين ليس بمقدورهم الانضمام إلى العالم الحديث.

هذا لا يرمز إلى بلدي، وهذه ليست قصتنا.

نحن ثقافة غنية، بحس فكاهة قوي، وذكاء حاد، يغمرنا الشعور بالحب والأمل، وتحفزنا روح لا يمكن سحقها بالقصص الكاذبة أو التشويه.

نحن لسنا ضحايا، ولا متطرفون، ولا سذّج.

قد يهمك أيضاً: كليب عن حقوق المرأة في السعودية يجتاح الانترنت

المملكة غنية بتنوع ناسها، ولكل منا قصص وأفكار ووجهات نظر مهمة. هناك إيقاع لموسيقانا ونثرنا، ونسيج من الألوان والخامات الخاصة بنا.

هذه هي المملكة التي أريد أن أريها للعالم عن طريق الأفلام.

ولكننا لن نكون قادرين أبداً على عرض قصصنا بفخر أو بناء جمهور توّاق لرؤيتها، حتى نبدأ بالاستثمار في البنية التحتية المادية والفكرية الضرورية.

ولحسن الحظ، هناك بعض الداعمين الأقوياء لتطوير الفيلم السعودي.

والأمير الوليد بن طلال كان المستثمر السعودي الوحيد المستعد للمجازفة ودعم فيلمي. وهو يستمر في العمل وتطوير صناعة الأفلام المحلية، لكننا بحاجة إلى مزيد من الأشخاص للانضمام إلينا في هذه الرحلة، إذا رغبنا بأن تسطع أفلامنا.

بلا وجود صالات للعرض، فإن الاستثمار في الأفلام السعودية لن ينجح أبداً.

وبدون وجود الأفلام السعودية، لن يتمكن أحد من إخبار جانبنا من القصة.