هل تتخيّل أن أطفال اليوم قد يعيشون 120 عاماً ويعملون حتى بلوغهم الـ100 عام؟

اقتصاد
نشر
9 دقائق قراءة
هل تتخيّل أن أطفال اليوم قد يعيشون 120 عاماً ويعملون حتى بلوغهم الـ100 عام؟
تصوير: هل تتخيّل أن أطفال اليوم قد يعيشون 120 عاماً ويعملون حتى بلوغهم ا

بقلم: روهيت تالور، الرئيس التنفيذي لشركة "فاست فيوتشر" للأبحاث و "فاست فيوتشر" للنشر

حينما قلت في مؤتمر مؤخراً، إن الأطفال اليوم قد يحتاجون إلى العمل حتى سن المائة، سارعت صحيفة "التايمز" إلى وصف إعلاني هذا بأنه "كابوس". أما صحيفة "واشنطن بوست"، فقد نصحت الأهالي الذين يريدون حياة أفضل لأولادهم بـ "إعادة النظر": فعلى هذا الجيل الاستعداد للعمل في 40 وظيفة أو أكثر نظراً إلى عالمنا المتغير الذي سيستمر بتغيير الحدود بين ما يمكن للإنسان فعله وما يمكن للآلة أن تقدمه.

هناك أربعة عوامل أساسية ذات دور فعال: العمر المتوقع للحياة، والصحة الشخصية وأسلوب الحياة، وتأثير الحوسبة على الوظائف، والفجوة ما بين دخل الفرد ونفقاته.

زيادة متوسط العمر المتوقع

في الوقت الحالي، يتجاوز متوسط العمر المتوقع في المملكة المتحدة 80 عاماً وهو ارتفاع دراماتيكي حصل على مدار القرن الأخير. ويعود الفضل إلى سهولة الوصول إلى الرعاية الصحية والتقدم فيها، وتحسن ظروف الحياة والأنظمة الغذائية والوعي الأكبر تجاه المشاكل الصحية، وغير ذلك من العوامل.

ويتوقع بعض الخبراء مثل "أوبري دي غري"، أخصائي الشيخوخة في جامعة "كامبردج" أن نشهد اكتشافات من شأنها رفع متوسط العمر المتوقع إلى 200 عام أو أكثر. وحتى لو قررنا خفض توقعاتنا، وقلنا إن العمر المتوقع سيزيد بمعدل 4-5 أشهر سنوياً (وهو معدل يشابه ما عشناه في العقود الماضية) فقط، فإن معالم السيناريو المقترح ستتضح أكثر. وعلى هذا الأساس، يُتوقع من الطفل الذي يدخل المدرسة الثانوية بعمر الحادية عشرة اليوم أن يعيش ما بين 117 إلى 125 عاماً.

إطالة فترة الحياة النشطة

وفي الوقت نفسه، يمكننا أن نتوقع استمرار الاكتشافات خلال الأعوام المائة القادمة في الرعاية الصحية، مما سيطيل فترة الحياة النشطة. والأمثلة على ذلك كثيرة منها: التعامل مع الأساس الجيني للكثير من المشاكل الصحية، والأدوية الأكثر استهدافاً للأمراض، وأساليب التحفيز التي تساعد على تحسين قدرتنا المعرفية والذاكرة. وفي الوقت الحالي، تستفيد قدراتنا الجسدية من ميزة الإطالة عبر استخدام الهياكل الخارجية والأعضاء والأطراف البديلة والخلايا بفضل استخدام تقنيات متطورة مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد.

الأنظمة الذكية بدل الإنسان

لقد دخلت الروبوتات إلى مجالات خدمة متنوعة مثل الصناعة، والمركبات من غير سائق، والزراعة، والأمن، والإنشاءات، والتجارة وخدمات الفنادق، والطائرات من دون طيار، والرعاية الصحية الأساسية والكثير من القطاعات الأخرى. وتربّع الذكاء الاصطناعي في قلب الهواتف الذكية المعاصرة، والبحث عبر الإنترنت، وتطبيقات توصيات تجارة التجزئة، والطيار الآلي، وتسجيل الديون، وأنظمة تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية. كما أننا نشهد صعوداً للبرمجيات "ذاتية التعلم" التي يمكنها التعرف على أنماط السلوك والتأقلم معها بالإضافة إلى إعادة برمجة نفسها. وتشير الكثير من الدراسات والأبحاث وتوقعات الخبراء إلى أنه – خلال 20 إلى 30 عاماً-سيصبح من الممكن للروبوتات والذكاء الاصطناعي والأشكال الأخرى من الحوسبة أن تؤدي ما نسبته 30 إلى 80% من الوظائف الموجودة اليوم بدلاً من الإنسان.

الجدل القائم حول العمل، والتوظيف، والتقاعد، والدخل الأساسي

ينظر البعض إلى هذه التطورات على أنها نقطة تحول مدهشة في تاريخ الإنسانية، حيث سنتحرر من العمل الشاق لصالح ممارسة المزيد من الأنشطة الإبداعية والمثيرة للاهتمام خلال وقت الفراغ. لكننا أمضينا قروناً في حث الناس على أهمية العمل، وبالتالي، لن يكون هذا التحوّل سهلاً. والسؤال الأهم هنا هو كيف سيتمكن الناس من الدفع مقابل البضائع والخدمات التي يحصلون عليها إن لم يمارسوا أي وظيفة دائمة.

يعتقد كثيرون أن النموذج الحالي من التقاعد لن يكون مستداماً، إذا كان المتقاعدون سيعيشون لمدة 20 أو 30 أو 50 عاماً بعد سن التقاعد. لذلك، تشير بعض الآراء إلى أننا سنحتاج إلى نوع من الدخل الأساسي المضمون الذي قد يتوافر مالياً من خلال فرض المزيد من الضرائب على الشركات التي تحقق أرباحاً مضاعفة بسبب استبدال القوى البشرية بالآلات.

صعود اقتصاد "ستار تريك"-لماذا ما زلنا بحاجة إلى العمل؟

قد لا يكون الدخل الأساسي كافياً لدعم أسلوب الحياة الذي يطمح إليه الأفراد. ويجادل البعض بأننا لن نحتاج إلى دخل مرتفع بسبب الانخفاض المتوقع للأسعار بفضل البضائع المطبوعة بشكل ثلاثي الأبعاد بتكلفة قليلة، والأطعمة المزروعة بشكل أفقي، واللحوم المطورة في المختبرات، ووسائل النقل الرخيصة بسبب المركبات ذاتية القيادة، والتوزيع المجاني من خلال شبكة الإنترنت. وبالفعل قد وصل الأمر بالبعض إلى التنبؤ بأننا متجهون نحو اقتصاد "ستار تريك" حيث يتوفر كل شيء بكثرة ولا توجد حاجة إلى المال. وهناك حاجة أو رغبة لدى الأشخاص الذين يلمسون فجوة بين دخلهم ونفقاتهم، للاستمرار بالعمل. وبينما سنكون قادرين على العمل بدوام جزئي فقط، يمكننا أن نواصل العمل حتى عمر التسعين والمئة بسبب التطورات في المجال الطبي المذكورة أعلاه.

هل سينتهي بنا الأمر كسائقين لدى شركة "أوبر"؟

سنشاهد أنفسنا في الأعوام العشرة أو الـ 15 القادمة، في وظائف متعددة: مثل العمل كسائقين لدى شركة "أوبر"، وتأجير غرف نومنا على موقع "آير بي أن بي"، وتأجير المساحة الفارغة في الخزائن لشركات مثل "أمازون"، وتوفير خدمات التوصيل النهائي للتجار الإلكترونيين، وتأجير ممرات المنازل كمواقع للاصطفاف المؤقت وغيرها من وظائف الاقتصاد التشاركي. وبالنسبة للكثيرين، لن يكون هذا المستقبل مثيراً للاهتمام. ولكن هذه الوظائف لن تدوم إلى الأبد: فالسيارات الأوتوماتيكية والأشكال الأخرى من الروبوتات ستستبعد وظائف الاقتصاد التشاركي خلال عقد أو عقدين من الزمان.

إلى أي مدى ستصل عملية الأتمتة؟

من الصعب التفكير بالوظائف الحالية التي لن تؤديها الروبوتات أو الأنظمة الذكية. وقد يخشى بعضنا أو يكابر عن الاعتراف بإمكانية حصول ذلك في وظائفنا أيضاً. إلا أننا نشهد حالياً البرمجيات الذكية التي تكتب المقالات الصحفية وتتوقع النزعات المستقبلية وتشخص مرضى السرطان.

ويبدو أن حدود ما يمكن أن يحدث لا تكاد تذكر.

وماذا يعني ذلك للمجتمع؟

علينا الآن أن نبدأ في الجدال في المجتمع بشأن ما الذي نريده وكيف علينا مواجهة تبعات عمليات الحوسبة الواسعة، فلا يمكننا أن نتجاهل مثل هذه القضية. لذلك، علينا تغيير نظرتنا تجاه الأشخاص العاطلين عن العمل وتعليم الناس كيف يفكرون بشكل مختلف ويستغلون وقت الفراغ بطرق مبتكرة. وعلينا الجزم بأن تدوير النقود في الحلقة الاقتصادية بشكل فعال سيجنبنا المرور بأزمة حقيقية. وطالما أن الحوسبة تخفض التكاليف، فإن البعض يقترح أن تتولى الدولة عملية الإنتاج. لكن ذلك سيكون جدلياً للغاية لأنه يعني النهاية الفاعلة للرأسمالية.

علينا أن نحضر البالغين والأطفال للتعامل مع ما هو قادم على المديين القصير والطويل للأعوام العشرين أو الثلاثين القادمة، وذلك من خلال تشجيع الناس على البحث عن التطورات التي ترسم معالم المستقبل والانضمام إلينا في مناقشة التداعيات.

نحتاج إلى المهارات التي تمكننا من تعلم الوظائف الجديدة بسرعة، مثل كيفية التعلم، وتسريع التعلم وحل المشاكل، والتعاون، والتفكير بالسيناريوهات، وإدارة التعقيدات وغيرها. كما تبرز الحاجة إلى المهارات الحياتية مثل إدارة التوتر، وإدارة النوم والتأمل، وهي مهارات تعود بنفع كبير إذا تعلمها الطلاب بشكل سليم.

* المقال يعبر عن رأي كاتبه، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر CNN

نحو 3000 من صناع القرار حول العالم سيناقشون هذا الموضوع وغيره من المواضيع الرئيسة في القمة العالمية للحكومات المقرر انعقادها في دبي في الفترة 8-10 فبرابر 2016. لمزيد من المعلومات، زوروا الموقع الإلكتروني https://worldgovernmentsummit.org/ar أو تابعونا على #WorldGovSummit