هل تعرف من هي الدول الرائدة باستمطار السحب؟ تعرّف إليها

اقتصاد
نشر
7 دقائق قراءة
هل تعرف من هي الدول الرائدة باستمطار السحب؟ تعرّف إليها
Credit: FREDERIC J. BROWN/AFP/Getty Images

بقلم أدريان بريدجواتر

الآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر CNN.

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) --  لطالما سعى الإنسان، إلى استجداء المطر واستمطار السحب، وقد نجح بالفعل في تحقيق ذلك الحلم الذي طالما راوده، إذ تمكن من التخلي عن الطقوس القديمة واستبدالها بعلم استمطار السحب.

وفي صيف 2008، قطعت السلطات المحلية الوعود بشمس ساطعة وسماء زرقاء صافية. وقبل انطلاق الحفل الافتتاحي للأولمبياد بأربع ساعات، شنّ المسؤولون حرباً ضروس على عناصر الطبيعة الأساسية وكان العدو المستهدف "احتمال سقوط أمطار غزيرة"؛ أما سلاحهم فكان وابلاً قوامه 1,100 صاروخ محمل بمادة يوديد الفضة. وكانت الاستراتيجية المتبعة تحديداً تصفية السماء من الأمطار قبل انطلاق الاحتفالات. وأثمر هذا الهجوم على عناصر الطبيعة عن نجاح ساحق لـ "مكتب بكين لتعديل أحوال الطقس"، وما زال العالم يتذكر حفل افتتاح أولمبياد بكين 2008 الذي مرّ بدون سقوط أي أمطار.

اقرأ أيضاَ..كيف ستبدو قائمة الطعام التقليدية في المستقبل؟

وفي عام 1946، اكتشف الدكتور بيرنارد فونيجت (شقيق الروائي الشهير كورت) طريقة "يستمطر" بها السحب باستخدام مادة يوديد الفضة، وذلك بنشر ذرات وجزيئات تكثيف تتسبب في هطول الأمطار. إلا أنّ هذه الطريقة لم تنتشر على نطاق واسع إلا بعد عشرين عاماً تقريباً على يد القوات المسلحة الأمريكية في فيتنام.

استمرت العملية التي أطلق عليها "عملية بوب آي" على فترات زمنية منتظمة بين 1967 و1972، لإطالة فترة هطول الأمطار في فصل الصيف على منطقة "هوشي مينه تريل"، بغرض الابقاء على "انتشار الطين والوحل بفعل الأمطار حتى تضع الحرب أوزارها وتتوقف"، وذلك بحسب تصريحات سرب استطلاع حالة الطقس الرابع والخمسين. وفي الوقت الذي كان به الجيش الأمريكي يحاول استخدام الطقس كسلاح لإعاقة مقاتلي الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام المعروفة باسم "فايت كونغ" من خلال استمطار السحب لتكوّن الوحل والمستنقعات أثناء تلك الحرب، برزت بشدة أهمية واحتمالات نجاح صناعة استمطار السحب.  

اقرأ أيضاً..كيف توظف المصارف الأدوات الذكية لتسويق خدماتها؟

وقبل التجربة الأمريكية، نجحت مؤسسة فرنسية غير ربحية في اقتحام هذه المجال في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي وذلك بتقليل الضرر الذي كانت تتعرض له المحاصيل الزراعية عن طريق الحد من سقوط الأمطار الباردة.

وبعد ذلك بعقود عدة، لجأ طيارو جيش الاتحاد السوفيتي إلى استمطار السحب بعد كارثة مفاعل تشرنوبيل لمنع الجسيمات المشعة العالقة بالسحب من الوصول إلى موسكو بالرغم من تعرض الروس للنصيب الأكبر من الضرر الناجم عن الحادثة.

وفي أثناء انعقاد قمة مجموعة الثماني الصناعية الكبرى عام 2006، التي استضافتها روسيا، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بفخر عن قيام الطائرات باستمطار السحب لضمان صفاء السماء وصولاً إلى فنلندا. إلاّ أنّ الأمر لم يخلُ من سقوط أمطار، على أي حال، أثناء انعقاد القمة. وبعد ذلك، وتحديداً في عام 2008، شارك الطيران الروسي في تدريب خاص على استمطار السماء؛ ولكنّ، ولسبب ما، أسقطت عبوة من الإسمنت على سقف أحد البيوت في العاصمة موسكو.

اقرأ أيضاَ..بين الطبشورة والقلم الذكي.. كيف تغيرت صورة المعلم في يومنا الحالي؟

ويعتبر مكتب بكين لتعديل حالة الطقس الذي كان مسؤولاً عن التعامل مع حالات الطقس أثناء إقامة أولمبياد بكين صيف 2008، الوكالة الأكبر من نوعها في العالم، والمعنية بسقوط ما يقرب من تريليون متر مكعب من مياه الأمطار في العام، خلال إقامة تلك الفعاليات. وقد أصبحت هذه المؤسسة رائدة في مجال التحكم في الطقس بما في ذلك الاستمطار في نهار الصيف الحار للحد من الإسراف في استخدام الكهرباء لأغراض التكييف والتبريد، حيث تتسبب في سقوط الجليد واستخدام الأمطار في حجب العواصف الترابية.

أما استمطار السحب المستخدم في ري المناطق القاحلة فهو التطبيق الأنجح لهذا المجال، حيث اعتمدت الهند عليه خلال فترات الجفاف التي تعرضت لها البلاد في الفترة بين 1983 و1994. وقد واصلت الهند بعد ذلك هذه العمليات بالتعاون مع المؤسسة الأمريكية لتعديل أحوال الطقس كمزوّد "حلول جوية".

اقرأ أيضاَ..7 اختراعات غريبة و"مضحكة" قد تغيّر العالم إلى الأبد

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، عمل المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل على تغيير حالة السحب وحثها على الاستمطار طوال عقد من الزمان. إلا أنه يتعين على الطيارين الذين يعملون وفق بيانات الأقمار الصناعية استهداف نوعيات معينة من تجمعات السحب المُثقلة بالأمطار الغزيرة.

العلم والتقدم

وأفاد تقرير صدر عن هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في العام 2014 أنّ الحكومة الإماراتية قد سيّرت 200 رحلة استمطار خلال عام واحد بتكاليف تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات. ففي كل رحلة تستغرق مدتها حوالي الأربع ساعات يمكن استمطار ما يقرب من 24 سحابة بتكلفة تصل إلى خمسة آلاف دولار.

وأفاد التقرير ذاته أن الوزارة تعتقد بأن أنشطة الاستمطار قد رفعت من نسب سقوط الأمطار بنسبة 30% تقريباً بعد نجاح العمليات في إسقاط 270 مليون جالون من المياه تقدر قيمتها بـ 300 ألف دولار.

اقرأ أيضاَ..ابتكارات متحف المستقبل في دبي.. هل تجعلنا أكثر ذكاء؟

ولهذا قامت دولة الإمارات بضخ 18.3 مليون درهم (5 ملايين دولار أمريكي) لتشجيع العلماء والباحثين في هذا المجال على إجراء الأبحاث الرائدة لمدة ثلاث سنوات. اليوم، ومع مرور عام على "برنامج الإمارات لبحوث علوم الاستمطار"، سيتم الإعلان عن المنح البحثية المقرّر تقديمها لخمس جهات خلال عملية المراجعة والتدقيق المكونة من مرحلتين، بحيث يتم توزيع الأموال المخصصة للبرنامج على مدار ثلاث سنوات.