رأي: مصير البشر مرتبط بذلك.. ما الذي نحتاجه إذا أردنا العيش في الفضاء؟

اقتصاد
نشر
6 دقائق قراءة
 رأي: مصير البشر مرتبط بذلك.. ما الذي نحتاجه إذا أردنا العيش في الفضاء؟
Credit: nasa

رأي لماتيو سيريوتي، المحاضر في هندسة الأنظمة الفضائية في جامعة غلاسكو. يذكر أن الآراء المطروحة في هذا المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب، ولا تعبر بالضرورة عن رأي CNN.

نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN) ــ إذا ما طال سباق البقاء للإنسان، فعليه أن يحتل كوكبا آخر. إن كان من خلال إفراغ الأرض من سكانها أو عبر انتهائها بفعل ضعف مقاومتها لمشاكل الطبيعة.

المريخ هو الكوكب الأمثل للعيش في مجرتنا الشمسية، ولكن هناك الكثير من الكواكب التي تحيط بنجوم أخرى خارج المجموعة الشمسية وقد تكون خير بديل للأرض. ولكن ما هي التكنولوجيا اللازمة لذلك؟

لدينا اليوم مستعمرة في الفضاء وهي محطة الفضاء العالمية، ولكنها تبعد ٣٦٠ كيلومترا فقط عن الأرض وتحتاج إلى إعادة إمدادها بالموارد بين الحين والآخر، ومع العلم بأن التكنولوجيا المستخدمة في هذه المحطة قابلة للعب دورها في مشروع السكن في الفضاء، إلا أن بناء مستعمرة كاملة على سطح كوكب جديد يبرز تحديات جديدة.

مسكن صناعي

أول المتطلبات للسكن في الفضاء، هو إيجاد مسكن، وبيئة مناسبة تستطيع الحفاظ على الضغط الجوي، وتحافظ على كمية الأكسجين في الهواء وعلى الحرارة، وتحمي السكان من الإشعاعات. بالطبع لا بد أن يكون هيكلا كبيرا وثقيلا.

ولكن إطلاق أجسام ثقيلة يبدو أمرا صعبا ومكلفا. البديل لذلك يكمن في حمل "صندوق عدة" من الأرض لتصنيع مسكن باستخدام الموارد المتوفرة والمكتسبة. تحديدا، الطابعات الثلاثية الأبعاد التي يمكن أن تستخدم في تحويل المعادن الموجودة في التربة إلى هياكل فيزيائية.

وقد بدأنا بالفعل باستخدام هذه الطابعات، فوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، قد أرسلت طابعة ثلاثية الأبعاد إلى محطة الفضاء العالمية لتثبت أنها تعمل في مناطق انعدام الجاذبية، كما قامت شركة خاصة باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد لمواد خام متوفرة في عينة مادة "الأستيرويد" الغنية بالمعادن والموجودة على الأرض.

الحفاظ على المواد السائلة

عندما يبنى المسكن، سيحتاج السكان إلى الماء والأكسجين والطاقة والغذاء، اذا افترضنا أن المسكن بني في كوكب لا يمتلك هذه الموارد. الماء أساسي للحياة كما نعلم، ولكنه قد يستخدم أيضا في الحماية من الإشعاعات وفي صناعة مواد تتفاعل نع بعضها لإنتاج الطاقة.

سيحتاج المسكن الجديد إلى حمل كمية معينة من المياه وإعادة تدوير جميع الموارد المائية المهدرة، وهذا ما يحدث بالفعل في محطة الفضاء العالمية، حيث لا تهدر قطرة مياه واحدة، ولكن علينا أيضا استخراج المياه من الكوكب المسكون.

وتوفر المياه أيضا موردا للأوكسجين، إذ يقومون في محطة الفضاء باستخدام وسيلة استخراج الأكسجين من الماء عبر فصله عن الهيدروجين، كما تسعى ناسا إلى إيجاد طرق تقنية لإعادة توليد الأكسجين من منتجات الغلاف الجوي، كثاني أكسيد الكربون الذي نطلقه في عملية الزفير.

زراعة الطاقة

انتاج الطاقة في المستعمرة الجديدة هو الأمر الأسهل بفضل الألواح الضوئية التي تعمل على الطاقة الشمسية. ولكن ذلك يعتمد على موقع كوكبنا الجديد، فقد نحتاج إلى تطوير هذه التكنولوجيا بشكل أكبر.

فوفقا للمسافة التي تبعد الأرض عن الشمس، فإننا نستطيع الحصول على ٤٧٠ واط من الطاقة الكهربائية لكل متر مربع من الخلايا الشمسية. ولكن هذا القدر أقل على سطح المريخ بسبب بعده عن الشمس وسمك غلافه الجوي الذي يحجب أشعة الشمس، كما أن أجواءه تعج بالعواصف الرملية التي تحجب ضوء الشمس، ولكننا اكتشفنا أن الرياح على المريخ تقوم بإزالة الغبار بشكل دوري.

إضافة إلى ذلك، فعلينا أن نزرع الكوكب الجديد، كي نحقق الاكتفاء الذاتي، وكي نحول ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين صالح للتنفس، فالزراعة على الأرض أمر سهل لأن البيئة كانت صالحة للزراعة منذ آلاف السنين وقد اعتادت النباتات عليها، أما في الفضاء فالأمر قد يكون أكثر صعوبة، والحل الأمثل لذلك قد أثبت على الأرض، وهو استخدام طريقة "الزراعة المائية"، أي الزراعة بدون استخدام تربة، وقد تمت تجربتها على نباتات الخس والبصل الأخضر والفجل.

التغير المناخي

التحدي الأخير للعيش على الفضاء هو الحفاظ على مناخ صالح للحياة، فتركيبة الغلاف الجوي والمناخ في الفضاء مختلفان عن الأرض. علما بأن القمر لا يحتوي على غلاف جوي والغلاف الجوي للمريخ يتكون معظمه من ثاني أكسيد الكربون، فإن السكان سيحتاجون إلى عزل أنفسهم في بيوت مغلقة، وإلى ارتداء سترة الفضاء في حال أرادوا التنزه.

حل آخر لهذه المشكلة، يكمن في تغيير مناخ الكوكب المسكون، ونحن بالفعل بدأنا بدراسة الهندسة الجيولوجية لمعالجة التغير المناخي على سطح الأرض. ولكن ذلك سوف يحتاج لجهد كبير مع استخدام تقنيات مشابهة في كواكب أخرى كالمريخ.

فالطرق الممكنة تشمل الهندسة البيولوجية للكائنات الحية، لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين في الغلاف الجوي، أو جعل قطبي كوكب المريخ مظلمين للتقليل من انعكاس أشعة الشمس عليهما وزيادة درجة حرارة سطح الكوكب.