عداء سوداني .. هرب من فظائع الحرب الأهلية ليبلغ الأولمبياد

رياضة
نشر
5 دقائق قراءة
عداء سوداني .. هرب من فظائع الحرب الأهلية ليبلغ الأولمبياد
Credit: SAEED KHAN/AFP/GettyImages

أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)-- رغم أنه سمي "بالرجل الذي لا ينتمي لأي بلد"، إلا أن اللاعب الأولمبي غور مادينغ شهد الحرب الأهلية الثانية في السودان، ولا يمكن لومه لمحاولته نسيان ماضي الحرب التي عاشها والتي تسببت بقتل ما يقارب مليوني شخص ما بين عامي 1983 و2005، من بينهم 28 من عائلته تضمنوا، وثمانية من أشقائه من أصل عشرة.

"لا وجود لشعور بالطفولة في زمن الحرب"

سلب من طفولته وأحلامه وعائلته وحتى من بلاده ليتم نفيه إلى بلد غريب، وقال مادينغ في مقابلة مع CNN: "لقد ولدت في حرب .. حرب أهلية، لذا لا يوجد هنالك ما يسمى بشعور بالطفولة، لا أحب التكلم بالموضوع لكن ببساطة أرسلتني عائلتي لأعيش مع عمي في شمال السودان، وقد تطلبني الوصول إلى هنالك ثلاثة أعوام."

وشرح مادينغ، الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، عن صعوبة رحلة الماراثون التي قام بها سيراً على الأقدام للوصول إلى بر الأمان عام 1993، عندها كان يبلغ من العمر تسعة أعوام فقط.

إذ كان مادينغ واحداً من 20 ألف صبي ممن لجأوا إلى مناطق مختلفة خلال الحرب الأهلية، ويقول إنه كان يجبر على العمل مقابل دولار في اليوم تحت إمرة الجنود السودانيين، هذا عدا عن الخوف المستمر من الاختطاف على أيدي الرعاة، والمصير المجهول الذي كان ينتظرهم على الدوام.

لكنه هرب برفقة صبي آخر، ويقول: "كنا نركض ثم نمشي ثم نركض ثم نمشي"، وعندما التقى بعمه أخيراً رحلا معاً إلى منقطة قريبة من الحدود مع مصر، حتى حصلا على حق باللجوء السياسي في أمريكا عام 2001.

الرحلة إلى مصير مجهول

عندما وصل مع عمه إلى أمريكا في مدينة كونكورد الأمريكية، التحق بالمدرسة وشجعه مدرب الرياضة على الالتحاق بفريق الركض، إلا أنه كان متردداً في البداية، وقال له حينها: "إنني أركض هرباً طوال عمري، لقد ركضت معظم حياتي، والآن لن أضطر إلى الركض مجدداً إلا إذا رغبت بالهرب من أي تهديد"، إلا أن مدربه واصل إقناعه حتى التحق بفريق الركض بعد شهرين، وفاز خلال عامه الأول بالمدرسة الثانوية بعدد من الجوائز.

وفي الوقت ذاته بدأت الأمور تحل في وطنه إذ وقعت اتفاقية للسلام عام 2005 بين جنوب السودان وشماله، والتي أدت تدريجياً إلى إعلان كل دولة استقلالها بعد ستة أعوام، عندها عبر مادينغ عن فرحته بعد تخرجه من الجامعة ودراسته للكيمياء، بالانتقال إلى ولاية أخرى قاد فيها سيارته لمدة 22 ساعة وقد وضع عليها علم دولة جنوب السودان.

عندها بدأ الشاب بالبحث عن فرص جديدة ويقول: "لم تكن هنالك سباقات قصيرة، بل وجدت فرصة للجري في ماراثون "Twin Cities" في ولاية مينيسوتا عام 2011، وأنهى الماراثون خلال ساعتين و14 دقيقة و32 ثانية، وهذا يعد رقماً ساعد في تأهله للمشاركة في دورة ألعاب لندن الأولمبية في العام الذي تلاه.

حينها واجه مادينغ مشكلة، لم تكن لديه بلاد يجري لأجلها، إذ لم يكن جنوب السودان عضواً في اللجنة الأولمبية الدولية، ولم يكن حاصلاً بعد على الجواز الأمريكي، لكن اللجنة منحت الموافقة لمادينغ بالجري بشكل مستقل، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يحدث فيها أمر من هذا القبيل.

لكن نهاية هذه القصة لم تكن هوليوودية، بل أحرز المرتبة 47، ولكن خلال سيره بشوارع لندن، تمكن مادينغ من إيصال رسالة مهمة لملايين الناس المهمشين حول العالم، ويقول: "لقد كانت لحظة مهمة للاجئين حول العالم، بأن أتمكن بأن أريهم كيف عايشت الظروف ذاتها التي يمرون بها، ويروا أين توصلت في حياتي بفضل من ساعدوني."

العودة للوطن

وفي عام 2013 ساعدت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مادينغ في العودة إلى وطنه ليلتم شمله مع عائلته التي فارقها لمدة عقدين من الزمن، ويقول: "لقد كانت لحظة عاطفية، كنت محظوظاً برؤيتهم مجدداً، كنت أدعو كثيراً من أجل أن أجدهم على قيد الحياة."

واللحظة تلك لم تخلو من انهيار الأم بالبكاء وغناء ورقص من الوالد قبل أن يبدأ بإخبار أهل المنطقة عن موهبة ابنه بالجري، وكان يفتخر بأنه ورث عنه هذه الموهبة، بادعاءات ملاحقته الزرافات وصيدها خلال أيام شبابه.

ويقول مادينغ إنه يرغب بتحسين مجتمعه المحلي، خاصة الشباب اليافعين، وأنه سيعمل على تدريبهم ليتمكن جنوب السودان في المشاركة ببطولات العالم عام 2015، وفي الألعاب الأولمبية التالية عام 2016، قائلاً: "يمكننا أن نعيش متوحدين عوضاً عن خوض حرب مستمرة، يمكننا أن نشعر جميعاً بالسعادة."