رأي.. لم نعد يا بلاتر نصدقك أو نأتمنك... فارحل!

رياضة
نشر
4 دقائق قراءة
رأي.. لم نعد يا بلاتر نصدقك أو نأتمنك... فارحل!
Credit: FABRICE COFFRINI/AFP/Getty Images

هذا المقال بقلم سامية عايش، وهي صحفية وناشطة إعلامية، وما ورد فيه يعبر عن رأي الكاتبة، ولا يعكس بالضرورة وجهة نظر الشبكة.

دبي، الإمارات العربيةالمتحدة (CNN) --  قبل أربعة أعوام، ووسط أجواء مشابهة لما حدث خلال اليومين الماضيين، خرج الرئيس الفائز في انتخابات الفيفا آنذاك، سيب بلاتر (طبعا) على خشبة المسرح، مخاطبا الجموع بالاعتراف بارتكابه أخطاء عديدة خلال إدارته للفيفا، ولكنه أكد أنه سيتعلم منها.

حينها أيضا، قال بلاتر إن الفيفا بحاجة إلى من يتحمل المسؤولية، ويبدأ سلسلة من الإصلاحات التي لا تلامس الأمور البسيطة فحسب، بل تقلب المنظمة الكروية رأسا على عقب، من أجل تحقيق إصلاحات حقيقية.

أهم ما قاله بلاتر في ذلك اليوم كان: "علينا القيام بشيء .. لأنني لا أريد الوقوف مرة أخرى في موقف مشابه ومهين."

ولكن يبدو أن "الموقف المهين" تكرر مرة أخرى خلال الانتخابات الحالية.

فها هو بلاتر، الذي ترأس الفيفا لنحو 16 عاما، يواجه تهما لاتحاده بالفساد وغسيل الأموال، وذلك بعد إلقاء القبض على عدد من الشخصيات المهمة في الفيفا، والتي تربطها علاقة قوية ببلاتر. ألقي القبض على هذه الشخصيات من قبل مكتب التحقيقات الفدرالية، بتهم تتعلق بالاحتيال، والنصب، وغسيل الأموال، والابتزاز.

رغم أن بلاتر لم يتهم شخصيا بأي من هذه التهم، إلا أن ما حصل يعتبر ضربة موجعة له. الرجل يقول إنه لم يكن يدري بكل ما حصل، ولا يمكنه مراقبة كل شخص يعمل لديه. في المؤسسات والدول التي تحترم عقول موظفيها وسكانها، أي تهم فساد تدفع القائمين عليها من رؤوساء ووزراء للاستقالة، فكيف بمؤسسة كالفيفا؟

ثم إنك يا سيد بلاتر إن لم تكن تدري بكل ما يجري من فساد وأنت الرئيس، فكيف نأتمنك أربع سنوات إضافية على اتحاد عالمي فاحت رائحة الفساد منه ووصلت إلى كل بقاع العالم؟ 

من حيث صدقك، نحن لم نعد نصدقك. ففي آخر انتخابات، خرجت للعلن، وقلت إن هذه المرة ستكون الأخيرة، وإنك لن تترشح لهذا المنصب مرة أخرى. ولكن ذلك لم يحصل، بل رأيناك تترشح إلى جانب ثلاثة آخرين، هم الأمير علي بن الحسين، ولويس فيغو، ومايكلفان براغ، قبل انسحاب الأخيرين.

واليوم، لا أعتقد أن أحدا يأتمن شخصا مثلك على الاتحاد بعد سماعنا سرقة أموال بمئات الملايين لمصالح شخصية. أعتقد أن التصويت لو كان بيد الشعوب، التي تدفع من مالها الخاص كلفة تذاكر مباريات كرة القدم، ورسوم اشتراك مشاهدتها على شاشة التلفاز ليذهب كله إلى جيبك وجيوب الفاسدين، لو كان التصويت بيد هؤلاء، لغبت عن الحياة الرياضية منذ زمن طويل.

ولكن للأسف، التصويت بيد رؤوساء اتحادات كرة القدم في جميع الدول الأعضاء في الفيفا. معظمهم على ما يبدو باتوا في جيب بلاتر، تحكمهم المصالح الشخصية، واتفاقيات ما تحت الطاولة. 

لو كان بلاتر قرر الانسحاب، والحفاظ على ماء الوجه، لكان نال قليلا من الاحترام، احترام الشعوب على الأقل، ولكن يبدو أنه يرغب في الكرسي "من المهد إلى اللحد"، كما سمعت أحد الخبراء الرياضيين يقول اليوم على شاشة التلفزيون.

فإن فاز بلاتر، وهو أمر لا أرغب أبدا بحصوله ومثلي الملايين، ما هو مدى الثقة التي سيحملها عشاق الساحرة المستديرة للاتحاد الدولي لكرة القدم؟ يمكن أن أراهن على أن تلك الثقة ستكون معدومة، لأن الفيفا سيكون قد أثبت فعلا أنه آلة لطباعة الأوراق المالية التي ملأت جيوب الفاسدين، الذين لا يهتمون ولو قليلا بأحلام شعوب همها الاستمتاع بلعبة كرة قدم نظيفة.