هل تنجح بيروت بالحفاظ على قصورها بوجه ناطحات السحاب؟

ستايل
نشر
5 دقائق قراءة
هل تنجح بيروت بالحفاظ على قصورها بوجه ناطحات السحاب؟
Patrick Baz/AFP/Getty Images
6/6هل تنجح بيروت بالحفاظ على قصورها بوجه ناطحات السحاب؟

وشهدت السنوات الأخيرة العديد من الحركات التي ينظمها الناشطون دفاعاً عن المباني التراثية في بيروت، لافتين إلى ضرورة التصرف بجدية أكبر حيال الموضوع.

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- "إذا قام خمسة أشخاص بالسير معاً بالوقت ذاته، فالأرض ستتأرجح،" هذا ما قالته المهندسة المعمارية نعمة علامة، لـCNN، وهي تسير في الطابق العلوي لقصر متهاو يتكون من ثلاثة طوابق ويعود بنائه إلى حوالي العام 1870، خلال فترة العهد العثماني في لبنان.

وتبلغ مساحة القصر الذي يُعرف باسم "بيت قصار" 750 متراً مربعاً، ويعتبر نموذجاً لطراز البناء في العصر العثماني، ويعود إلى إحدى العائلات اللبنانية. وتسببت الحرب الأهلية في العاصمة بيروت، التي وقعت بين العامين 1975 و1990، بتعرض البيت للشظايا وانهيار بعض جدرانه، إذ سيخضع لمدة عامين لإصلاح وترميم ما خلفته الحرب، بإشراف المهندسة علامة.

وتتهاوى المباني الأثرية في بيروت، أو تُدّمر، لبناء ناطحات سحاب جديدة، تستوعب الكثافة السكانية في العاصمة بيروت.

ورغم أنه لا يُوجد أي تعداد سكاني للمدينة منذ العام 1932، إلا أن الأمم المتحدة قدرت عدد السكان في بيروت، من دون تضمين الضواحي، بحوالي الـ470 ألف نسمة ضمن مساحة تصل إلى ٨٥ كيلومتراً مربعاً.

ويترتب على هذا الاكتظاظ السكاني، كثافة المباني في المدينة، إذ تبرز الأبراج اللامعة على حساب بعض المنازل الأثرية التي بُنيت خلال عهد الإمبراطورية العثمانية والانتداب الفرنسي في لبنان، من العام 1923 حتى منتصف الأربعينيات.

وأوضحت نعمة أن "هناك عقود من التاريخ العمراني في بيروت، والتي كانت تُعرف بباريس الشرق الأوسط."

وكانت المديرية العامة للتخطيط العمراني قد أجرت دراسة في العام 1997، أوضحت فيها أن عدد الممتلكات التراثية في بيروت وصلت إلى 572 مبنى.

وِأشارت المهندسة المعمارية والناشطة التراثية اللبنانية منى الحلاق، إلى أن حوالي 150 مبنى قد تكون فقدت منذ ذلك الحين.

ويُذكر، أن أحد أقدم مصانع الجعة في الشرق الأوسط "غراند براسيري دو ليفانت" والذي بُني في ثلاثينيات القرن الماضي، تعرض للهدم، لإفساح الطريق أمام مجمع سكني فاخر في منطقة مار ميخائيل اللبنانية. وبعد مرور شهر، هدم مبنى آخر باسم "آرت ديكو" في شارع الجميزة.

وأفادت الناشطة في منظمة إنقاذ بيروت التراثية غير الحكومية جوانا هامور أن "بيروت تواجه مذبحة بهدم مبانيها بعد الحرب الأهلية اللبنانية."

أما مبنى "بركات"، والمعروف أيضاً باسم "البيت الأصفر"، فيُعد من بين المباني التراثية الأكثر شهرة في بيروت. وصُمم المبنى من قبل المهندس المعماري اللبناني يوسف أفتيموس، وبُني على الطراز العثماني في العام 1924.

ولم يبق المبنى على حاله طويلاً، فخلال الحرب الأهلية اللبنانية، تعرض لتشوهات وثقوب في جدرانه بسبب طلقات الرصاص.

وفي العام 2012، عمدت السلطات اللبنانية ومدينة باريس إلى تجديد المبنى بقيمة ١٨ مليون دولار، مع الإبقاء على الثقوب التي تسببت بها طلقات الرصاص حتى تبقى ذكرى من تاريخه. ولم يتجدد المبنى فحسب، وإنما تغير اسمه إلى "بيت بيروت"، وتحول أيضاً إلى متحف ومركز ثقافي حضاري. ويُفتح المبنى حالياً للزيارات الخاصة فقط وذلك بسبب عدم تعيين لجنة لإدارته. ولكن، من المتوقع أن يفتتح أمام العامة خلال سبتمبر/أيلول المقبل.

وأوضح الأمين العام لجمعية "التجمع للحفاظ على التراث اللبناني،" جوزيف حداد، أنه "غالباً ما يتم الحفاظ على المباني التراثية عوضاً عن هدمها أو استبدالها بمبانٍ أخرى، إذا قرر مالكو هذه المنازل هذا الأمر."

وفي مارس/ آذار، أصدر وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري قراراً حمل الرقم 32 يقضي بسحب العقار رقم 491، المعروف بـ"البيت الأحمر"، في منطقة رأس بيروت العقارية (شارع الحمرا) عن لائحة الجرد العام للأبنية التاريخية، وذلك تمهيداً لهدمه من قبل مالكيه.
ويعود بناء البيت التاريخي الى حقبة أواخر القرن التاسع عشر، ولُقّب بـ"الأحمر،" نسبة الى بابه ونوافذه المطلية باللون الأحمر.

وشهدت السنوات الأخيرة العديد من الحركات التي ينظمها الناشطون دفاعاً عن المباني التراثية في بيروت، لافتين إلى ضرورة التصرف بجدية أكبر حيال الموضوع.