الذهاب إلى الحمّامات الشعبية يومًا قبل رمضان.. تقليد قديم في تونس لم تهزمه الحداثة

سياحة
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير منية غانمي
الذهاب إلى الحمّامات الشعبية يومًا قبل رمضان.. تقليد قديم في تونس لم تهزمه الحداثة
Credit: CNN

تونس (CNN)—من المظاهر الإجتماعية و التقاليد المتوارثة في تونس الذهاب إلى الحمّامات الشعبية العمومية قبل يوم من شهر رمضان، فرغم توفر بيوت الإستحمام في المنازل وحرارة طقس هذه الأيام  مازالت العديد من العائلات التونسية متمسكة بهذه العادة.

وتعرف الحمّامات الشعبية أو "العَرْبي" مثلما يقال في اللهجة المحلية بتسكين حرف الراء،  إكتظاظا في اليومين السابقين لشهر رمضان من العديد من التونسيين من جلّ الفئات وذلك من أجل التطهر والاغتسال الكامل قبل رمضان، هذا الشهر الذي تسود فيه الأجواء الروحانية والخشوع والعبادة ويعدّ فرصة التقرب من الله.

" نعم الحمّام كان ولا يزال المكان المفضل لعديد الناس في المناسبات الدينية خاصة أواخر شهر شعبان وعشيّة كل شهر رمضان، الناس تأتي هنا بغرض التطهّر وإزالة النجاسة والدنس" موضحة السيدة منيرة عليّة صاحبة حمّام بضواحي مدينة بن عروس.

وأضافت لـCNN أن ذلك يعدّ من المعتقدات الضاربة في القدم والتي مازالت راسخة إلى حد اليوم، فالناس تريد أن تعيش هذه اللحظات تبرّكا بالشهر الفضيل واستعدادا له من الجانب البدني والروحي حسب رأيها.

وأضافت السيدة عليّة أنه مع دخول فصل الصيف سجلّ التوافد على الحمّامات بعض التراجع بفعل حرارة الطقس، إلا أنها سرعان ما استرجعت نشاطها قبل يومين من شهر رمضان، موضحة أن الفئة الأكثر التي لازالت تلتزم بهذه العادة وتواظب عليها هي فئة الكبار في السن الذي يحرص البعض منهم على اصطحاب أبنائه. 

وفي تونس تعتبر الحمّامات الشعبية جزء من الحياة الإجتماعية ومن الموروث الثقافي حتى أنه لا تخلو أي مدينة أو حي سكني من حمّام عام توجه خدماته إلى النساء والرجال، فالذهاب إليه يعد من الممارسات اليومية لعديد التونسيين خاصة في فصل الشتاء، وذلك رغما عن تطور أسلوب المعيشة وانتشار بيوت الاستحمام المنزلية المدعومة بآلات التسخين.

وحسب رقية الغربي، ربّة بيت، فالاستحمام في الحمّام الشعبي لا يضاهيه حمّام البيت لأن خدماته جيدة و لا يمكن أن تتوفر في أي مكان آخر، فهو مكان بالنسبة لها للاسترخاء والنظافة وفرصة لتغيير الجو والالتقاء بالصديقات وبالتالي الخروج من رتابة الحياة. 

وأضافت لـCNN بالعربية أنها ألفت القدوم إليه قبل يوم من بداية رمضان منذ أن كانت صغيرة في بيت أهلها، موضحة أنه تقليد قديم ورثناه في تونس عن أجدادنا و حافظت الأجيال الحالية على استمراريته إلى حد الآن، معتبرة أن الحمام الشعبي أفضل مكان للتطهر والتطيب قبل الصيام والدخول في شهر العبادة.

وقالت في هذا السياق "الإسلام حثّ على النظافة وعلى صحة الأجسام ونقاوتها وكلّف المسلم أن يغسل جسده غسلا جيدا قبل الصيام أو الصلاة، وأنا هنا اليوم لهذا الغرض أشعر نفسي بحالة أفضل ومستعدة لإستقبال رمضان بهيئة نظيفة".

ويذكر أن عديد المدن التونسية والمعالم الأثرية اقترنت تسميتها بكلمة " الحمّام " وهو ما يعطي دلالة على أهميته في الذاكرة والموروث الشعبي، نذكر من بينها مدينة حمّام بورقيبة بمحافظة بنزرت ومدينة حمّام الجديدي بمحافظة نابل إضافة إلى مدينة حمّام الزريبة بمحافظة زغوان وحمام الأنف بتونس العاصمة إلى جانب مدينة الحمّامات السياحية.

وعادة الذهاب إلى الحمام الشعبي في هذا البلد إضافة إلى أنها تعد إحدى الممارسات اليومية لمواطنيه، ارتبطت في الأذهان كذلك بالمناسبات السعيدة سواء الدينية منها أو مناسبات الزواج والختان.

  • منية غانمي
    منية غانمي
    مراسلة CNN بالعربية - تونس
نشر