بعد الطائرة الروسية وتفجيرات باريس.. هل العالم على موعد مع فصل إرهابي جديد؟

العالم
نشر
4 دقائق قراءة
تقرير عامر السبايلة
بعد الطائرة الروسية وتفجيرات باريس.. هل العالم على موعد مع فصل إرهابي جديد؟
امرأة تبكي خارج القنصلية العامة لفرنسا في نيويورك بعد الهجوم على المدنيين في باريسCredit: Spencer Platt/Getty Images

هذا المقال بقلم د.عامر السبايلة، والآراء الواردة أدناه لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة CNN.

مع اعتداءات باريس الأخيرة يكون تنظيم داعش قد قرر نقل المعركة الى واحدة من أخطر المراحل المتمثلة باستهداف المدنيين وضرب منظومة الحياة المدنية اليومية. فاختيار اعتداءات باريس المتزامنة لاهداف وتوقيت نوعي يشير في النهاية الى أن كافة الفعاليات المدنية أصبحت في دائرة الاستهداف المباشر. فالاعتداء الاخير لم يستهدف صحيفة مسيئة للرسول، بل استهدف بلا ذريعة ملعباً يستضيف مباراة دولية بحضور الرئيس الفرنس ومسرح ومطعم.

التحليل المنطقي للحادث يمكن ان يقدم عدة أسباب تدفع التنظيم اليوم للبحث عن الظهور بهذا الحجم من الرعب والقوة. الأسباب المتعددة قد يرتبط أهمها بتلقي التنظيم لضربات موجعة في سوريا والعراق خصوصاً منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا، مما يدفع التنظيم لتعويض الخسائر الجغرافية عبر تفعيل عامل الصدمة والترويع والتأكيد على قدرة التنظيم وجاهزيته لتوسيع دائرة الاستهداف الجغرافي واشغال العالم مجدداً.

لكن السؤال الجوهري في هذه المعادلة مازال يتمحور حول قدرة التنظيم على توجيه مثل هذه الضربات، فهل يملك التنظيم خلايا نائمة ومستعدة للتحرك دائماً؟ ام ان الدعوة المفتوحة التي وجهها داعش عبر اعلان الخلافة تكفي لتشكل خلايا وتنظيمات جديدة قادرة على التحرك منفردة؟ وهل يمكن اعتبار ان ما جرى في باريس سببه الإخفاق الأمني الفرنسي؟ هل فعلاً دخلنا مرحلة التعامل مع ما يسمى "الدواعش المستقلون" غير المعروفين للأجهزة الأمنية والقادرين على توجيه ضربات مؤثرة للدول؟ هل يمكن منع مثل هذه الاعتداءات مستقبلاً؟

اللافت ان التحول الأخير باستهداف المدنيين، من الطائرة الروسية الى تفجيرات باريس يشير الى أن التحديات باتت أكثر صعوبة وأن مرحلة استهداف المدنيين ادخلت الجميع طوعاً في دائرة الاستهداف المشترك، الأمر الذي لا بد من ان يدفع الجميع نحو البحث عن صياغة "استراتيجية كونية" يتشارك بها الجميع. لكن صياغة مثل هذه الاستراتيجية يتطلب ادراكا حقيقيا لحجم التحديات ويتطلب ايقافاً مباشراً لحالة الاستغلال والتوظيف السياسي للأوضاع الحالية من قبل كثير من الدول، ولابد من اتخاذ وقفة جادة ضد كل من سهل ويسهل عمل هذه التنظيمات.

 من جهة أخرى تحتاج كثير من الدول اليوم الى اعادة النظر في أوضاعها وسياساتها الداخلية، كثير من الدول العربية التي يفترض ان تكون شريكة في مكافحة الارهاب تقف اليوم عاجزة عن مواجهة التطرف الفكري وادواته المنتشرة، لا بل ان بعض هذه الدول تعاني من تغول للفكر الاقصائي المتشدد والذي يشكل أساس التركيبة الثقافية لكثير من ابنائها ويصيغ منظومتهم الفكرية. يضاف الى كل تلك التحديات،  تحديات الأجهزة الأمنية والعسكرية واحتماليات اختراق المنظومة الفكرية المتطرفة لأفرادها وبالتالي تحويل  مصادر الأمان الى مواطن تهديد، عداك عن التحديات الكبيرة في اعادة بث الروح الوطنية وصياغة العقيدة العسكرية وحتى تجذير مبادئ الالتزام والمسؤلية لدى أفراد المؤسسات الأمنية والعسكرية.

الانتقال الى مرحلة المواجهة المفتوحة مع معالم الحياة المدنية يعني منطقياً أن مجمل الأهداف الحيوية المدنية باتت في عين العاصفة، وان كثيراً من الدول الكبرى والدول التي لم تستهدف الى الآن قد تكون على موعد مع محاولات ظهور جديدة للتنظيم يسعى من خلالها لتجذير صورة التنظيم القادر على الضرب في كل مكان